ثم بين بعد ذلك من يجتمع فيهم أحيانا حق القرابة والضعف، وأحيانا لا تكون لهم قرابة راحمة، بل يكونون في رحمة الله، والجماعة تكنفهم، فقال تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=14948_30945_33309_33624_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=34ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا .
اليتيم إما أن يكون قوة بانية في الجماعات أو قوة هادمة، فإن روعي حق رعاية، وحوفظ عليه بالصيانة والتربية والتنشئة نشأة صالحة يحس بأن من حوله يرعاه، ويكلؤه ويحميه نشأ محبا رحيما بغيره، لأنه عاش برحمة غيره، وإن نشأ
[ ص: 4378 ] في بيت لا يؤنسه ولا يكرمه، ولا يعطيه محبة ورفقة نشأ عدوا للجماعة، وكان فيه ما يسمى عقدة النفس، أو مركب النقص، ولذا عني به الإسلام أبلغ عناية بنصوص القرآن الكريم مثل قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=9فأما اليتيم فلا تقهر وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح وترى القرآن الكريم قد حث على المخالطة لأن المخالطة مع الإكرام تؤنسهم وتبعد عنهم الوحشة، ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم -:
" خير البيوت بيت يكرم فيه يتيم وشر البيوت بيت يقهر فيه يتيم " .
وإن اليتيم إن كان فقيرا كان في رحمة المجتمع بأمر الله تعالى، ولقد قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=11فلا اقتحم العقبة nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=12وما أدراك ما العقبة nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=13فك رقبة nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=14أو إطعام في يوم ذي مسغبة nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=15يتيما ذا مقربة nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=16أو مسكينا ذا متربة nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=17ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة
وإذا كان اليتيم ذا مال، تهافت عليه الطامعون، كما يتهافت الذباب على الطعام الحلو الذي لا حامي له، فتعقد نفس اليتيم بما يحس به من طمع الناس، وأكلهم ماله أكلا لما، ويحس كأنه في مذأبة لئام، ولأنه يناله الحرمان والقهر، وهو ذو مال، ولذا نهى الله تعالى عن أخذ ماله، وأوجب رعايته، والمحافظة عليه، ولذا قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=34ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن ونهى سبحانه عن القرب من ماله إلا بالتي هي أحسن، وذلك يتضمن ثلاثة أمور:
الأمر الأول: ألا يأكله أو ينهبه أو يأخذه بغير حق، وإنه لضعيف يسهل أخذ ماله من غير حسيب إلا الله.
الأمر الثاني: أنه إذا قربه يقربه بالتي هي أحسن أي بالطريقة التي أحسن وأدعى لحفظه، وذلك بالمحافظة عليها وإعطائها اليتامى في وقت قدرتهم على
[ ص: 4379 ] إدارتهم، كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم
الأمر الثالث: أن يعمل على تنميتها، فإن ذلك من الطريقة التي هي أحسن، وأن يدفع زكاة أمواله، ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=910464 " اتجروا في مال اليتم حتى لا تأكله الصدقة " .
نهايته أن يبلغ أشده، ويؤنس رشده، ويختلف ذلك باختلاف العصور والمعاملات، فيبلغ الرشد حيث لا تكون المعاملات معقدة بحجر كبلوغ النكاح، ثم تعلو سن الرشد كلما تعقدت المعاملات وهذا ما يرمي إليه قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=34حتى يبلغ أشده أي أعلى قواه العقلية والبدنية ويستطيع أن يدير ماله بنفسه من غير رقابة، والأشد هو القوة العالية على صيغة الجمع من غير مفرد وقيل له مفرد وهو شدة بمعنى قوة ولكن لم يعهد جمع فعلة على أفعل، وقيل: جمع شد يجمع على أشد مثل كلب وأكلب.
وأطلقت كلمة أشد على بلوغ الأربعين، كما في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=15حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة وهي التي تجمد فيها العادات والتقاليد ويعلو صاحبها عن الردع، ولذا قال بعده:
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=15وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي
ولقد قال في ذلك
الأصفهاني: " إن الإنسان إذا بلغ هذا القدر يتقوى خلقه الذي هو عليه، فلا يكاد يزايله بعد ذلك ". وما أحسن ما قاله الشاعر:
إذا المرء في الأربعين ولم يكن له دون ما يهوى حياء ولا ستر فدعه ولا تنفس عليه الذي مضى
وإن جر أسباب الحياة له العمر
وقد قرن سبحانه النهي عن
nindex.php?page=treesubj&link=33307القرب من مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن بالأمر
nindex.php?page=treesubj&link=18085_19489_30945بالوفاء بالعهد فقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=34وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا العهد هو عهد
[ ص: 4380 ] الله تعالى بالإيمان به والقيام بحق التكليف، والعهد الذي يعاهد الناس عليه في معاهدة أو عقد أو غير ذلك مما يرتبط به أمام الناس موثقا العهد بيمين الله تعالى أو غير موثق، وعلل الأمر بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=34إن العهد كان مسؤولا أي أنه يسأل إذا نكث فيه، ويسأل إذا لم يوف به على الوجه الكامل وهو تحت رقابة الله تعالى وكفالته، فلا يصح التفريط فيه، وقد بينا طلب الإسلام للوفاء بالعهد في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=91وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون
وقد يسأل سائل لماذا اجتمع الأمر بالوفاء بالعهد مع النهي عن قرب مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن في آية واحدة؟ ونقول: إن ذلك يشير أولا أن اليتيم مع كافله كأنه في عهد أمانة عاهد الله تعالى عليه فلا يضيع ذلك العهد، ويشير ثانيا إلى أن العقد في مال اليتيم يجب الوفاء به كما يجب الوفاء في مال غيره، ويشير ثالثا إلى أنه مسؤول أمام الله عما فعل في مال اليتيم، والله أعلم.
ثُمَّ بَيَّنَ بَعْدِ ذَلِكَ مِنْ يَجْتَمِعُ فِيهِمْ أَحْيَانًا حَقُّ الْقَرَابَةِ وَالضَّعْفُ، وَأَحْيَانًا لَا تَكُونُ لَهُمْ قُرَابَةٌ رَاحِمَةٌ، بَلْ يَكُونُونَ فِي رَحْمَةِ اللَّهِ، وَالْجَمَاعَةُ تَكْنُفُهُمْ، فَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=14948_30945_33309_33624_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=34وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولا .
الْيَتِيمُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ قُوَّةً بَانِيَةً فِي الْجَمَاعَاتِ أَوْ قُوَّةً هَادِمَةً، فَإِنْ رُوعِيَ حَقَّ رِعَايَةٍ، وَحُوفِظَ عَلَيْهِ بِالصِّيَانَةِ وَالتَّرْبِيَةِ وَالتَّنْشِئَةِ نَشْأَةً صَالِحَةً يُحِسُّ بِأَنَّ مَنْ حَوْلَهُ يَرْعَاهُ، وَيَكْلَؤُهُ وَيَحْمِيهِ نَشَأَ مُحِبًّا رَحِيمًا بِغَيْرِهِ، لِأَنَّهُ عَاشَ بِرَحْمَةِ غَيْرِهِ، وَإِنْ نَشَأَ
[ ص: 4378 ] فِي بَيْتٍ لَا يُؤْنِسُهُ وَلَا يُكْرِمُهُ، وَلَا يُعْطِيهِ مَحَبَّةً وَرُفْقَةً نَشَأَ عَدُوًّا لِلْجَمَاعَةِ، وَكَانَ فِيهِ مَا يُسَمَّى عُقْدَةُ النَّفْسِ، أَوْ مُرَكَّبُ النَّقْصِ، وَلِذَا عُنِيَ بِهِ الْإِسْلَامُ أَبْلَغَ عِنَايَةٍ بِنُصُوصِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=9فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ وَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَتَرَى الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ قَدْ حَثَّ عَلَى الْمُخَالَطَةِ لِأَنَّ الْمُخَالَطَةَ مَعَ الْإِكْرَامِ تُؤْنِسُهُمْ وَتُبْعِدُ عَنْهُمُ الْوَحْشَةَ، وَلَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
" خَيْرُ الْبُيُوتِ بَيْتٌ يُكْرِمُ فِيهِ يَتِيمٌ وَشَرُّ الْبُيُوتِ بَيْتٌ يُقْهَرُ فِيهِ يَتِيمٌ " .
وَإِنَّ الْيَتِيمَ إِنْ كَانَ فَقِيرًا كَانَ فِي رَحْمَةِ الْمُجْتَمِعِ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَقَدْ قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=11فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=12وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=13فَكُّ رَقَبَةٍ nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=14أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=15يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=16أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=17ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ
وَإِذَا كَانَ الْيَتِيمُ ذَا مَالٍ، تَهَافَتَ عَلَيْهِ الطَّامِعُونَ، كَمَا يَتَهَافَتُ الذُّبَابُ عَلَى الطَّعَامِ الْحُلْوِ الَّذِي لَا حَامِيَ لَهُ، فَتُعَقَّدُ نَفْسُ الْيَتِيمِ بِمَا يُحِسُ بِهِ مِنْ طَمَعِ النَّاسِ، وَأَكْلِهِمْ مَالَهُ أَكْلًا لَمًّا، وَيُحِسُّ كَأَنَّهُ فِي مَذْأَبَةٍ لِئَامٍ، وَلِأَنَّهُ يَنَالُهُ الْحِرْمَانُ وَالْقَهْرُ، وَهُوَ ذُو مَالٍ، وَلِذَا نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْ أَخْذِ مَالِهِ، وَأَوْجَبَ رِعَايَتَهُ، وَالْمُحَافَظَةَ عَلَيْهِ، وَلِذَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=34وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وَنَهَى سُبْحَانَهُ عَنِ الْقُرْبِ مِنْ مَالِهِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ ثَلَاثَةَ أُمُورٍ:
الْأَمْرُ الْأَوَّلُ: أَلَّا يَأْكُلَهُ أَوْ يَنْهَبَهُ أَوْ يَأْخُذَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَإِنَّهُ لَضَعِيفٌ يَسْهُلُ أَخْذُ مَالِهِ مِنْ غَيْرِ حَسِيبٍ إِلَّا اللَّهَ.
الْأَمْرُ الثَّانِي: أَنَّهُ إِذَا قَرِبَهُ يَقْرَبُهُ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ أَيْ بِالطَّرِيقَةِ الَّتِي أَحْسَنُ وَأَدْعَى لِحِفْظِهِ، وَذَلِكَ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا وَإِعْطَائِهَا الْيَتَامَى فِي وَقْتِ قُدْرَتِهِمْ عَلَى
[ ص: 4379 ] إِدَارَتِهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ
الْأَمْرُ الثَّالِثُ: أَنْ يَعْمَلَ عَلَى تَنْمِيَتِهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ الطَّرِيقَةِ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، وَأَنْ يَدْفَعَ زَكَاةَ أَمْوَالِهِ، وَلَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=910464 " اتَّجَرُوا فِي مَالِ الْيَتِمِ حَتَّى لَا تَأْكُلَهُ الصَّدَقَةُ " .
نِهَايَتُهُ أَنْ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ، وَيُؤْنَسَ رُشْدُهُ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْعُصُورِ وَالْمُعَامَلَاتِ، فَيَبْلُغُ الرُّشْدَ حَيْثُ لَا تَكُونُ الْمُعَامَلَاتُ مُعَقَّدَةً بِحَجْرٍ كَبُلُوغِ النِّكَاحِ، ثُمَّ تَعْلُو سِنُّ الرُّشْدِ كُلَّمَا تَعَقَّدَتِ الْمُعَامَلَاتُ وَهَذَا مَا يَرْمِي إِلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=34حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ أَيْ أَعْلَى قُوَاهُ الْعَقْلِيَّةِ وَالْبَدَنِيَّةِ وَيَسْتَطِيعُ أَنْ يُدِيرَ مَالَهُ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ رَقَابَةٍ، وَالْأَشُدُّ هُوَ الْقُوَّةُ الْعَالِيَةُ عَلَى صِيغَةِ الْجَمْعِ مِنْ غَيْرِ مُفْرِدٍ وَقِيلَ لَهُ مُفْرِدٌ وَهُوَ شِدَّةٌ بِمَعْنَى قُوَّةٍ وَلَكِنْ لَمْ يُعْهَدْ جَمْعُ فِعْلَةٍ عَلَى أَفْعُلٍ، وَقِيلَ: جَمْعُ شَدٍّ يُجْمَعُ عَلَى أَشُدٍّ مِثْلُ كَلْبٍ وَأَكْلُبٍ.
وَأُطْلِقَتْ كَلِمَةُ أَشُدٍّ عَلَى بُلُوغِ الْأَرْبَعِينَ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=15حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَهِيَ الَّتِي تَجْمُدُ فِيهَا الْعَادَاتُ وَالتَّقَالِيدُ وَيَعْلُو صَاحِبُهَا عَنِ الرَّدْعِ، وَلِذَا قَالَ بَعْدَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=15وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ
وَلَقَدْ قَالَ فِي ذَلِكَ
الْأَصْفَهَانِيُّ: " إِنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا بَلَغَ هَذَا الْقَدْرَ يَتَقَوَّى خُلُقُهُ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ، فَلَا يَكَادُ يُزَايِلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ ". وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَهُ الشَّاعِرُ:
إِذَا الْمَرْءُ فِي الْأَرْبَعِينَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ دُونَ مَا يَهْوَى حَيَاءٌ وَلَا سَتْرُ فَدَعْهُ وَلَا تَنْفِسْ عَلَيْهِ الَّذِي مَضَى
وَإِنْ جَرَّ أَسْبَابَ الْحَيَاةِ لَهُ الْعُمْرُ
وَقَدْ قَرَنَ سُبْحَانَهُ النَّهْيَ عَنِ
nindex.php?page=treesubj&link=33307الْقُرْبِ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ بِالْأَمْرِ
nindex.php?page=treesubj&link=18085_19489_30945بِالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ فَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=34وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولا الْعَهْدُ هُوَ عَهْدُ
[ ص: 4380 ] اللَّهِ تَعَالَى بِالْإِيمَانِ بِهِ وَالْقِيَامِ بِحَقِّ التَّكْلِيفِ، وَالْعَهْدُ الَّذِي يُعَاهِدُ النَّاسَ عَلَيْهِ فِي مُعَاهَدَةٍ أَوْ عَقْدٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَرْتَبِطُ بِهِ أَمَامَ النَّاسِ مُوَثِّقًا الْعَهْدَ بِيَمِينِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ غَيْرَ مُوَثِّقٍ، وَعَلَّلَ الْأَمْرَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=34إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولا أَيْ أَنَّهُ يُسْأَلُ إِذَا نَكَثَ فِيهِ، وَيُسْأَلُ إِذَا لَمْ يُوَفِّ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْكَامِلِ وَهُوَ تَحْتُ رِقَابَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَفَالَتِهِ، فَلَا يَصِحُّ التَّفْرِيطُ فِيهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا طَلَبَ الْإِسْلَامِ لِلْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=91وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ
وَقَدْ يَسْأَلُ سَائِلٌ لِمَاذَا اجْتَمَعَ الْأَمْرُ بِالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ مَعَ النَّهْيِ عَنْ قُرْبِ مَالِ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فِي آيَةٍ وَاحِدَةٍ؟ وَنَقُولُ: إِنَّ ذَلِكَ يُشِيرُ أَوَّلًا أَنَّ الْيَتِيمَ مَعَ كَافِلِهِ كَأَنَّهُ فِي عَهْدِ أَمَانَةٍ عَاهَدَ اللَّهَ تَعَالَى عَلَيْهِ فَلَا يَضِيعُ ذَلِكَ الْعَهْدُ، وَيُشِيرُ ثَانِيًا إِلَى أَنَّ الْعَقْدَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ كَمَا يَجِبُ الْوَفَاءُ فِي مَالِ غَيْرِهِ، وَيُشِيرُ ثَالِثًا إِلَى أَنَّهُ مَسْؤُولٌ أَمَامَ اللَّهِ عَمَّا فَعَلَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.