الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله ولو أبانها بأمرها أو اختلعت منه أو اختارت نفسها بتفويضه لم ترث ) لأنها رضيت بإبطال حقها للأمر منها بالعلة في الأولى ، ولمباشرتها العلة في الأخيرين أما في التخيير فظاهر لأنه تمليك منها ، وأما في الخلع فلأن التزام المال علة العلة لأنه شرى الطلاق قيد بالبائن لأنها لو سألته الرجعي فطلقها لا يمتنع إرثها لما قدمنا أنها زوجة حقيقة ، وقيد بكونه طلق بأمرها لأنها لو طلقت نفسها بائنا فأجاز ترث لأن المبطل للإرث أجازته كما في القنية ، وأراد بالأمر الرضا بالطلاق فخرج ما لو أكرهت على سؤالها الطلاق فإنها ترث لعدم الرضا ، وشمل ما لو وقعت الفرقة بتمكين ابن الزوج فلا ترث إلا أن يكون أبوه أمره بذلك فقربها مكرهة لأنه بذلك ينتقل إليه فيصير كالمباشر ، وشمل ما إذا فارقته بسبب الجب أو العنة أو خيار البلوغ والعتق فلا ترث لرضاها ، وكذا لو ارتدت ، وهو مريض ، وأشار باختلاعها منه إلى مباشرتها لعلة الطلاق فدخل فيه ما لو أبانها في مرضه ثم قال لها إذا تزوجتك فأنت طالق ثلاثا ثم تزوجها في العدة ، ومات من مرضه حيث لا ترث لأنه موت في عدة مستقبلة فأبطل حكم الفرار بالطلاق الأول والطلاق [ ص: 48 ] الثاني .

                                                                                        وإن وقع إلا أن شرطه ، وهو التزوج حصل بفعلها فلا يكون إقرارا خلافا لمحمد كذا في الخانية ، وقيد باختلاعها منه لأنه لو خلعها أجنبي من زوجها المريض مرض الموت فلها الإرث لو مات الزوج في مرضه ذلك ، وهي في العدة لأنها لم ترض بهذا الطلاق فيصير الزوج فارا كذا في جامع الفصولين ، ولم يذكر المصنف حكم ما إذا وقعت الفرقة من قبلها في مرض موتها ، ولا يخفى أنه لما تعلق حقها بما له في مرض موته تعلق حقها بما لها في مرض موتها فلو باشرت سبب الفرقة ، وهي مريضة ، وماتت قبل انقضاء عدتها ورثها كما إذا وقعت الفرقة باختيارها نفسها في خيار البلوغ والعتق أو بتقبيلها ابن زوجها ، وهي مريضة لأنها من قبلها ، ولذا لم يكن طلاقا ، وهذا ظاهر .

                                                                                        وأما إذا وقعت بسبب الجب أو العنة أو اللعان ، وهي مريضة فمشى الشارح على أنها كالأول ، وفي الخانية ، ونقله في فتح القدير عن الجامع أنه لا يرثها لأنها طلاق فكانت مضافة إليه ، وعزاه في المحيط إلى الجامع أيضا مقتصرا عليه ، وجزم به في الكافي فكان هو المذهب ، وإذا ارتدت المرأة ثم ماتت أو لحقت بدار الحرب إن كانت الردة في الصحة لا يرثها زوجها .

                                                                                        وإن كانت في المرض ورثها زوجها استحسانا بخلاف ما إذا ارتد فقتل أو لحق بدار الحرب أو مات على الردة فإنها ترثه مطلقا ، وإن ارتدا معا ثم أسلم أحدهما ثم مات أحدهما إن مات المسلم لا يرث المرتد ، وإن كان الذي مات مرتدا هو الزوج ورثته المسلمة ، وإن كانت المرتدة قد ماتت فإن كانت ردتها في المرض ورثها الزوج المسلم ، وإن كانت في الصحة لم ترث كذا في الخانية ، وفي الكافي الأصل أن المأمورين بالطلاق بغير بدل ينفرد كل واحد منهما بالإيقاع ، والمأمورين بالطلاق بالبدل لا ينفرد أحدهما بالإيقاع بل يشترط اجتماعهما ، وأن التمليك يقتصر على المجلس ، والتوكيل لا ، ومن عمل لنفسه فهو مالك ، ومن عمل لغيره فهو وكيل ، وامرأة الفار لم ترث إن باشرت علة الفرقة أو شرطها أو أخر وصفي العلة أو إحدى العلتين ، وإن باشرت بعض العلة أو بعض الشرط لم يبطل حقها من الإرث قال المريض لامرأتيه بعد الدخول طلقا أنفسكما ثلاثا فطلقت كل نفسها وصاحبتها على التعاقب طلقتا ثلاثا بتطليق الأولى وتطليق الأخرى نفسها بعد ذلك ، وصاحبتها باطل فإذا طلقت الأولى نفسها وصاحبتها طلقتا وورثت الثانية دون الأولى بخلاف ما إذا ابتدأت الأولى فطلقت صاحبتها دون نفسها حيث يقع الطلاق على صاحبتها ، ولم يقع عليها لأنها في حق نفسها مالكة ، والتمليك يقتصر على المجلس فإذا بدأت بطلاق صاحبتها خرج الأمر من يدها ، وورثت ، وكذا لو ابتدأت كل واحدة بتطليق صاحبتها لأن كل واحدة طلقت بتطليق غيرها ، وإن طلقت كل واحدة نفسها ، وصاحبتها معا طلقتا ، ولم يرثا لأن كل واحدة طلقت بتطليق نفسها .

                                                                                        وإن طلقت إحداهما بأن قالت إحداهما طلقت نفسي ، وقالت الأخرى طلقت صاحبتي ، وخرج الكلامان معا طلقت تلك الواحدة ، ولا ترث ، وإن طلقت إحداهما نفسها ثم طلقتها صاحبتها طلقت ، ولا ترث ، وعلى العكس ترث هذا كله إذا كانتا في مجلسهما ذلك فإن قامتا عن مجلسهما ذلك ثم طلقت كل نفسها وصاحبتها معا أو على التعاقب أو طلقت كل واحدة صاحبتها ورثتا ، ولو طلقت كل واحدة منهما نفسها لم تطلق واحدة منهما ، ولو قال طلقا أنفسكما ثلاثا إن شئتما فطلقت إحداهما نفسها ، وصاحبتها لم تطلق واحدة منهما حتى تطلق الأخرى نفسها وصاحبتها فلو طلقت الأخرى بعد ذلك نفسها وصاحبتها ثلاثا طلقتا ، وورثت الأولى دون الثانية ، ولو قامتا عن المجلس ثم طلقت كل واحدة كليهما متعاقبا أو معا لا يقع ، ولو قال أمركما بأيديكما ناويا التفويض صار تمليكا حتى لا تنفرد إحداهما بالطلاق ، ويقتصر على المجلس ، وهو كالتعليق بالمشيئة إلا في حكم واحد ، وهو أنهما إذا اجتمعا على طلاق [ ص: 49 ] واحدة منهما يقع ، وفي قوله إن شئتما لا يقع ، ولو قال طلقا أنفسكما بألف فقالت كل واحدة طلقت نفسي وصاحبتي بألف معا أو متعاقبا بانتا بألف ، ويقسم على مهريهما ، ولم يرث ، ولو طلقت إحداهما طلقت بحصتها من الألف ، وإن قامتا من المجلس بطل الأمر . ا هـ . مختصر .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله لأن المبطل للإرث إجازته ) قال في النهر وأنت خبير بأن هذا لا يجدي نفعا فيما إذا كان الطلاق في مرضه إذ دليل الرضا فيه قائم . ا هـ .

                                                                                        وفيه نظر لأنها إنما رضيت بطلاق غير مبطل لحقها ، ولا يلزم منه رضاها بما يبطله ، وعبارة جامع الفصولين ، وليس هذا كطلاق سؤالها إذ لم ترض بعمل المبطل إذ قولها طلقت نفسي لم يكن مبطلا بل يتوقف على إجازته فإذا أجاز في مرضه فكأنه أنشأ الطلاق ففر . ا هـ .

                                                                                        ( قوله فخرج ما لو أكرهت على سؤالها الطلاق إلخ ) قال في النهر ، وعرف منه أنه لو جامعها ابنه مكرهة فإنها ترث . ا هـ .

                                                                                        ورده بعض الفضلاء بما يأتي آخر الباب عن البدائع من أن الفرقة لو وقعت بتقبيل ابن الزوج لا ترث مطاوعة كانت أو لا ا هـ .

                                                                                        فالجماع أولى ثم رأيت المسألة في جامع الفصولين ، ونصه جامعها ابن مريض مكرهة لم ترثه إلا إن أمره الأب بذلك فينتقل فعل الابن إلى الأب في حق الفرقة فيكون فارا




                                                                                        الخدمات العلمية