180 - فصل
[ الدليل على أن المراد بالفطرة ( الدين ) ] .
ويدل على صحة ما فسر به الأئمة الفطرة أنها " الدين " ما رواه
مسلم في " صحيحه " من حديث
عياض بن حمار المجاشعي ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350456إني خلقت عبادي حنفاء كلهم ، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم ، وحرمت عليهم ما [ ص: 954 ] أحللت لهم ، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا " وهذا صريح في أنهم خلقوا على الحنيفية ، وأن الشياطين اقتطعتهم بعد ذلك عنها ، وأخرجوهم منها ، قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات ) ، وهذا يتناول إخراج الشياطين لهم من نور الفطرة إلى ظلمة الكفر والشرك ، ومن النور الذي جاءت به الرسل من الهدى ، والعلم إلى ظلمات الجهل والضلال .
وفي " المسند " ، وغيره من حديث
الأسود بن سريع قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350457بعث [ ص: 955 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية ، فأفضى بهم القتل إلى الذرية ، فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - : " ما حملكم على قتل الذرية " ؟
[ قالوا ] : يا رسول الله ، أليسوا أولاد المشركين ؟ قال : " أوليس خياركم أولاد المشركين ؟ " ثم قام النبي - صلى الله عليه وسلم - خطيبا ، فقال : " ألا إن كل مولود يولد على الفطرة حتى يعرب عنه لسانه " فخطبته لهم بهذا الحديث عقيب نهيه لهم عن قتل أولاد المشركين ، وقوله لهم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350458أوليس خياركم أولاد المشركين ؟ " نص أنه أراد أنهم ولدوا غير كفار ، ثم الكفر طرأ بعد ذلك ، ولو أراد : أن المولود حين يولد يكون إما كافرا وإما مسلما على ما سبق به القدر ، لم يكن فيما ذكره حجة على ما قصده من نهيه لهم عن قتل أولاد المشركين .
وقد ظن بعضهم أن معنى قوله : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350459أو ليس خياركم أولاد المشركين " معناه : لعله أن يكون قد سبق في علم الله أنهم لو بقوا لآمنوا ، فيكون النهي راجعا إلى هذا المعنى من التجويز ، وليس هذا معنى الحديث ، ولكن معناه : أن
nindex.php?page=treesubj&link=31103_31109خياركم هم السابقون الأولون من المهاجرين ، والأنصار ، وهؤلاء من
[ ص: 956 ] أولاد المشركين ، فإن آباؤهم كانوا كفارا ، ثم إن البنين أسلموا بعد ذلك ، فلا يضر الطفل أن يكون من أولاد المشركين إذا كان مؤمنا ، فإن الله إنما يجزيه بعمله لا بعمل أبويه ، وهو سبحانه يخرج الحي من الميت ، ويخرج الميت من الحي ، والمؤمن من الكافر ، والكافر من المؤمن .
وهذا الحديث - وهو حديث الفطرة - ألفاظه يفسر بعضها بعضا ، ففي الصحيحين - واللفظ
nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري - عن
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، عن
أبي سلمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350460ما من مولود يولد إلا على الفطرة فأبواه يهودانه ، أو ينصرانه ، أو يمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء ، هل تحسون فيها من جدعاء ؟ ثم يقول nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة اقرءوا : ( nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ) ، قالوا : يا رسول الله ، أفرأيت من يموت صغيرا ؟ قال : " الله أعلم بما كانوا عاملين " .
وفي " الصحيح " ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري : يصلى على كل مولود يتوفى ، وإن كان لغية ، من أجل أنه ولد على فطرة الإسلام إذا استهل خارجا ، ولا يصلى على من لم يستهل من أجل أنه سقط ، وأن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة كان يحدث أن النبي
[ ص: 957 ] - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350461ما من مولود إلا ويولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه ، أو ينصرانه ، أو يمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ؟ " ثم يقول nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : ( nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فطرة الله التي فطر الناس عليها ) .
وفي " الصحيح " من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350462ما من مولود إلا وهو على الملة " .
وفي رواية
أبي معاوية عنه "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350463إلا على هذه الملة ، حتى يبين عنه لسانه " : فهذا صريح في أنه يولد على ملة الإسلام كما فسره
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب راوي الحديث ، واستشهاد
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة بالآية يدل على ذلك .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : وسئل
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب عن
nindex.php?page=treesubj&link=12132رجل عليه رقبة مؤمنة : أيجزئ عنه الصبي أن يعتقه ، وهو رضيع ؟ قال : نعم ؛ لأنه ولد على الفطرة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر ، وقد ذكر أقوال الناس في هذا الحديث .
وقال آخرون : الفطرة هاهنا هي الإسلام . قالوا : وهو المعروف عند عامة السلف ، وأهل التأويل قد أجمعوا في تأويل قوله عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فطرة الله التي فطر الناس عليها ) ، على أن قالوا : فطرة الله دين الإسلام .
واحتجوا بقول
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة في هذا الحديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350464اقرءوا إن شئتم : [ ص: 958 ] ( nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فطرة الله التي فطر الناس عليها ) .
قال : وذكروا عن
عكرمة ومجاهد والحسن وإبراهيم والضحاك وقتادة في قوله عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فطرة الله التي فطر الناس عليها ) ، قالوا : فطرة الله دين الإسلام : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30لا تبديل لخلق الله ) ، قالوا : لدين الله .
واحتجوا بحديث
محمد بن إسحاق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15614ثور بن يزيد عن
يحيى بن جابر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16343عبد الرحمن بن عائذ الأزدي ، عن
عياض بن حمار المجاشعي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال للناس يوما : "
ألا أحدثكم بما حدثني الله في الكتاب ؟ إن الله خلق آدم وبنيه حنفاء مسلمين ، وأعطاهم المال حلالا لا حرام فيه ، فجعلوا ما أعطاهم الله حراما وحلالا " الحديث .
قال : وكذلك روى
بكر بن مهاجر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15614ثور بن يزيد بإسناده مثله في هذا الحديث : "
حنفاء مسلمين " .
قال
أبو عمر : روي هذا الحديث عن
قتادة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17098مطرف بن عبد الله ، عن
عياض بن حمار ، ولم يسمعه
قتادة من
مطرف ، ولكن قال : حدثني ثلاثة :
عقبة بن عبد الغافر ،
nindex.php?page=showalam&ids=17366ويزيد بن عبد الله بن الشخير ،
nindex.php?page=showalam&ids=14808والعلاء بن زياد ، كلهم يقول : حدثني
مطرف ، عن عياض ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
[ ص: 959 ] فقال فيه : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350465وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم " لم يقل " مسلمين " .
وكذلك رواه
الحسن ، عن
مطرف ، عن
عياض .
ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق عمن لا يتهم ، عن
قتادة بإسناده قال فيه : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350465وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم " ، ولم يقل " مسلمين " .
قال : فدل هذا على حفظ
محمد بن إسحاق ، وإتقانه ، وضبطه ؛ لأنه ذكر " مسلمين " في روايته عن
nindex.php?page=showalam&ids=15614ثور بن يزيد لهذا الحديث ، وأسقطه من رواية
قتادة ، وكذلك رواه الناس عن
قتادة : قصر فيه عن قوله " مسلمين " وزاده
ثور بإسناده ، فالله أعلم .
قال
أبو عمر : والحنيف في كلام العرب المستقيم المخلص ، ولا استقامة أكبر من الإسلام ، قال : وقد روي عن
الحسن قال : " الحنيفية حج
البيت " وهذا يدل على أنه أراد الإسلام ، وكذلك روي عن
الضحاك ،
[ ص: 960 ] والسدي " حنفاء : حجاجا " ، وعن
مجاهد : " حنفاء متبعين " ، قال : وهذا كله يدل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=28644الحنيفية : الإسلام .
قال : وقال أكثر العلماء : الحنيف المخلص . وقال الله عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=67ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما )
[ ص: 961 ] وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل ) ، قال
الراعي :
أخليفة الرحمن إنا معشر حنفاء نسجد بكرة وأصيلا عرب نرى الله في أموالنا
حق الزكاة منزلا تنزيلا
قال : فوصف الحنيفية بالإسلام ، وهو أمر واضح لا خفاء به ، قال : ومما احتج به من ذهب إلى أن الفطرة في هذا الحديث : " الإسلام " قوله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350466خمس من الفطرة " ، ويروى : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350467عشر من الفطرة " يعني : فطرة الإسلام . انتهى .
قال شيخنا : فالأدلة الدالة على أنه أراد فطرة الإسلام كثيرة : كألفاظ الحديث الصحيح المتقدمة ، كقوله : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350468على الملة " : و "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350468على هذه الملة " ،
[ ص: 962 ] وقوله : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350469خلقت عبادي حنفاء " وفي الرواية الأخرى : "
حنفاء مسلمين " ، ومثل تفسير
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وهو أعلم بما سمع .
ولو لم يكن
nindex.php?page=treesubj&link=28644المراد بالفطرة الإسلام لما سألوا عقيب ذلك : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350470أرأيت من يموت من أطفال المشركين وهو صغير ؟ " لأنه لو لم يكن هناك ما يغير تلك الفطرة لما سألوه ، والعلم القديم والكتاب السابق لا يتغير .
وقوله : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345002فأبواه يهودانه ، وينصرانه ويمجسانه " بين فيه أنهم يغيرون الفطرة المخلوق عليها بذلك .
وأيضا ، فإنه شبه ذلك بالبهيمة التي تولد مجتمعة الخلق لا نقص فيها ، ثم تجدع بعد ذلك ، فعلم أن التغير وارد على الفطرة السليمة التي ولد العبد عليها .
وأيضا ، فالحديث مطابق لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فطرة الله التي فطر الناس عليها ) ، وهذا يعم جميع الناس ، فعلم أن الله فطر الناس كلهم على فطرته المذكورة ، وفطرة الله أضافها إليه إضافة مدح لا إضافة ذم ، فعلم أنها فطرة محمودة لا مذمومة يبين ذلك أنه قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها ) ، وهذا نصب على المصدر
[ ص: 963 ] الذي دل عليه الفعل الأول عند
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه وأصحابه ، فدل على أن إقامة الوجه للدين حنيفا هو فطرة الله التي فطر الناس عليها كما في نظائره مثل قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=24كتاب الله عليكم ) ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=62سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا ) ، فهذا عندهم مصدر منصوب بفعل مضمر لازم إضماره دل عليه الفعل المتقدم ، كأنه قال : كتب الله ذلك عليكم ، وكذلك هنا فطر الله الناس على ذلك : على إقامة الدين حنيفا .
وكذلك فسره السلف ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير في هذه الآية : يقول : فسدد وجهك نحو الوجه الذي وجهك الله يا
محمد لطاعته ، وهو الدين حنيفا ، يقول : " مستقيما لدينه وطاعته " ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فطرة الله التي فطر الناس عليها ) ، يقول : " صنعة الله التي خلق الناس عليها " ونصب فطرة على المصدر من معنى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فأقم وجهك للدين حنيفا ) ، وذلك أن معنى الآية : فطر الله الناس على ذلك فطرة .
قال : وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ، ثم روى عن
ابن زيد قال : " فطرة الله التي فطر الناس عليها قال : هي الإسلام منذ خلقهم الله من
[ ص: 964 ] آدم جميعا ، يقرون بذلك ، وقرأ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ) ، فهذا قول الله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=213كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين )
[ بعد ] .
ثم ذكر بإسناد صحيح عن
مجاهد قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فطرة الله التي فطر الناس عليها ) ، قال : الدين الإسلام .
[ ص: 965 ] حدثنا
ابن حميد ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11953يحيى بن واضح ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17415يونس بن أبي إسحاق ، عن
يزيد بن أبي مريم قال : مر
عمر nindex.php?page=showalam&ids=32بمعاذ بن جبل ، فقال : ما قوام هذه الأمة ؟ قال
معاذ : ثلاث وهن المنجيات : الإخلاص ، وهو الفطرة (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فطرة الله التي فطر الناس عليها ) ، والصلاة ، وهي الملة ، والطاعة ، وهي العصمة . فقال
عمر : صدقت .
ثم قال : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=14302يعقوب الدورقي ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، ثنا
أيوب ، عن
أبي قلابة أن
عمر قال
لمعاذ : ما قوام هذه الأمة ؟ فذكر نحوه .
[ ص: 966 ] قال وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30لا تبديل لخلق الله ) ، يقول : لا تغيير لدين الله ، أي : لا يصلح ذلك ، ولا ينبغي أن يفعل .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16410عبد الله بن إدريس ، عن
ليث قال : أرسل
مجاهد رجلا يقال له :
قاسم إلى
عكرمة يسأله عن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30لا تبديل لخلق الله ) ، فقال : لدين الله .
ثم ذكر عن
عكرمة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فطرة الله ) ، قال : الإسلام .
وكذلك روي عن
قتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
ومجاهد ،
والضحاك ،
وإبراهيم [ ص: 967 ] النخعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16327وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه سئل عن خصاء البهائم ؟ فكرهه ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30لا تبديل لخلق الله ) .
وكذلك قال
عكرمة ،
ومجاهد في رواية
ليث عنه .
[ ص: 968 ] قال شيخنا : ولا منافاة بين القولين عنهما ، كما قال تعالى عن الشيطان : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=119ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ) ، فتغيير ما خلق الله عباده عليه من الدين تغيير لدينه ، والخصاء وقطع الأذن تغيير لخلقه ، ولهذا شبه النبي - صلى الله عليه وسلم - أحدهما بالآخر في قوله : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10343914nindex.php?page=treesubj&link=28644_28661كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه ، وينصرانه ، ويمجسانه كما تنتج البهيمة جمعاء ، هل تحسون فيها من جدعاء ؟ " فأولئك يغيرون الدين ، وهؤلاء يغيرون الصورة بالجدع ، والخصاء ، هذا يغير ما خلق الله عليه قلبه ، وهذا يغير ما خلق عليه بدنه .
180 - فَصْلٌ
[ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِطْرَةِ ( الدِّينُ ) ] .
وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا فَسَّرَ بِهِ الْأَئِمَّةُ الْفِطْرَةَ أَنَّهَا " الدِّينُ " مَا رَوَاهُ
مُسْلِمٌ فِي " صَحِيحِهِ " مِنْ حَدِيثِ
عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350456إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا [ ص: 954 ] أَحْلَلْتُ لَهُمْ ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا " وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُمْ خُلِقُوا عَلَى الْحَنِيفِيَّةِ ، وَأَنَّ الشَّيَاطِينَ اقْتَطَعَتْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْهَا ، وَأَخْرَجُوهُمْ مِنْهَا ، قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ) ، وَهَذَا يَتَنَاوَلُ إِخْرَاجَ الشَّيَاطِينِ لَهُمْ مِنْ نُورِ الْفِطْرَةِ إِلَى ظُلْمَةِ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ ، وَمِنَ النُّورِ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ مِنَ الْهُدَى ، وَالْعِلْمِ إِلَى ظُلُمَاتِ الْجَهْلِ وَالضَّلَالِ .
وَفِي " الْمُسْنَدِ " ، وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ
الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350457بَعَثَ [ ص: 955 ] رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَرِيَّةً ، فَأَفْضَى بِهِمُ الْقَتْلُ إِلَى الذُّرِّيَّةِ ، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " مَا حَمَلَكُمْ عَلَى قَتْلِ الذُّرِّيَّةِ " ؟
[ قَالُوا ] : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلَيْسُوا أَوْلَادَ الْمُشْرِكِينَ ؟ قَالَ : " أَوَلَيْسَ خِيَارُكُمْ أَوْلَادَ الْمُشْرِكِينَ ؟ " ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطِيبًا ، فَقَالَ : " أَلَا إِنَّ كُلَّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ حَتَّى يُعْرِبَ عَنْهُ لِسَانُهُ " فَخُطْبَتُهُ لَهُمْ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَقِيبَ نَهْيِهِ لَهُمْ عَنْ قَتْلِ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ ، وَقَوْلُهُ لَهُمْ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350458أَوَلَيْسَ خِيَارُكُمْ أَوْلَادَ الْمُشْرِكِينَ ؟ " نَصَّ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُمْ وُلِدُوا غَيْرَ كُفَّارٍ ، ثُمَّ الْكُفْرُ طَرَأَ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَلَوْ أَرَادَ : أَنَّ الْمَوْلُودَ حِينَ يُولَدُ يَكُونُ إِمَّا كَافِرًا وَإِمَّا مُسْلِمًا عَلَى مَا سَبَقَ بِهِ الْقَدَرُ ، لَمْ يَكُنْ فِيمَا ذَكَرَهُ حُجَّةٌ عَلَى مَا قَصَدَهُ مِنْ نَهْيِهِ لَهُمْ عَنْ قَتْلِ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ .
وَقَدْ ظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350459أَوَ لَيْسَ خِيَارُكُمْ أَوْلَادَ الْمُشْرِكِينَ " مَعْنَاهُ : لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُمْ لَوْ بَقُوا لَآمَنُوا ، فَيَكُونُ النَّهْيُ رَاجِعًا إِلَى هَذَا الْمَعْنَى مِنَ التَّجْوِيزِ ، وَلَيْسَ هَذَا مَعْنَى الْحَدِيثِ ، وَلَكِنْ مَعْنَاهُ : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31103_31109خِيَارَكُمْ هُمُ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ ، وَالْأَنْصَارِ ، وَهَؤُلَاءِ مِنْ
[ ص: 956 ] أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ ، فَإِنَّ آبَاؤُهُمْ كَانُوا كُفَّارًا ، ثُمَّ إِنَّ الْبَنِينَ أَسْلَمُوا بَعْدَ ذَلِكَ ، فَلَا يَضُرُّ الطِّفْلَ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ إِذَا كَانَ مُؤْمِنًا ، فَإِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا يَجْزِيهِ بِعَمَلِهِ لَا بِعَمَلِ أَبَوَيْهِ ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ، وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ، وَالْمُؤْمِنَ مِنَ الْكَافِرِ ، وَالْكَافِرَ مِنَ الْمُؤْمِنِ .
وَهَذَا الْحَدِيثُ - وَهُوَ حَدِيثُ الْفِطْرَةِ - أَلْفَاظُهُ يُفَسِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ - وَاللَّفْظُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070لِلْبُخَارِيِّ - عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ
أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350460مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُنْتِجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ ؟ ثُمَّ يَقُولُ nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ اقْرَءُوا : ( nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ) ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَفَرَأَيْتَ مَنْ يَمُوتُ صَغِيرًا ؟ قَالَ : " اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ " .
وَفِي " الصَّحِيحِ " ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيُّ : يُصَلَّى عَلَى كُلِّ مَوْلُودٍ يُتَوَفَّى ، وَإِنْ كَانَ لِغَيَّةٍ ، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِطْرَةِ الْإِسْلَامِ إِذَا اسْتَهَلَّ خَارِجًا ، وَلَا يُصَلَّى عَلَى مَنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سَقَطَ ، وَأَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِيَّ
[ ص: 957 ] - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350461مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا وَيُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُنْتِجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ ؟ " ثُمَّ يَقُولُ nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ) .
وَفِي " الصَّحِيحِ " مِنْ رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350462مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا وَهُوَ عَلَى الْمِلَّةِ " .
وَفِي رِوَايَةِ
أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْهُ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350463إِلَّا عَلَى هَذِهِ الْمِلَّةِ ، حَتَّى يُبِينَ عَنْهُ لِسَانُهُ " : فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يُولَدُ عَلَى مِلَّةِ الْإِسْلَامِ كَمَا فَسَّرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابْنُ شِهَابٍ رَاوِي الْحَدِيثِ ، وَاسْتِشْهَادُ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ بِالْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : وَسُئِلَ
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابْنُ شِهَابٍ عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=12132رَجُلٍ عَلَيْهِ رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ : أَيُجْزِئُ عَنْهُ الصَّبِيُّ أَنْ يُعْتِقَهُ ، وَهُوَ رَضِيعٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ؛ لِأَنَّهُ وُلِدَ عَلَى الْفِطْرَةِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ ، وَقَدْ ذَكَرَ أَقْوَالَ النَّاسِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ .
وَقَالَ آخَرُونَ : الْفِطْرَةُ هَاهُنَا هِيَ الْإِسْلَامُ . قَالُوا : وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ عَامَّةِ السَّلَفِ ، وَأَهْلُ التَّأْوِيلِ قَدْ أَجْمَعُوا فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ) ، عَلَى أَنْ قَالُوا : فِطْرَةُ اللَّهِ دِينُ الْإِسْلَامِ .
وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350464اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ : [ ص: 958 ] ( nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ) .
قَالَ : وَذَكَرُوا عَنْ
عِكْرِمَةَ وَمُجَاهِدٍ وَالْحَسَنِ وَإِبْرَاهِيمَ وَالضَّحَّاكِ وَقَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ) ، قَالُوا : فِطْرَةُ اللَّهِ دِينُ الْإِسْلَامِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ) ، قَالُوا : لِدِينِ اللَّهِ .
وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ
مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15614ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ
يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16343عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِذٍ الْأَزْدِيِّ ، عَنْ
عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِلنَّاسِ يَوْمًا : "
أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِمَا حَدَّثَنِي اللَّهُ فِي الْكِتَابِ ؟ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ وَبَنِيهِ حُنَفَاءَ مُسْلِمِينَ ، وَأَعْطَاهُمُ الْمَالَ حَلَالًا لَا حَرَامَ فِيهِ ، فَجَعَلُوا مَا أَعْطَاهُمُ اللَّهُ حَرَامًا وَحَلَالًا " الْحَدِيثَ .
قَالَ : وَكَذَلِكَ رَوَى
بَكْرُ بْنُ مُهَاجِرٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15614ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : "
حُنَفَاءَ مُسْلِمِينَ " .
قَالَ
أَبُو عُمَرَ : رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ
قَتَادَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17098مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ
عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ ، وَلَمْ يَسْمَعْهُ
قَتَادَةُ مِنْ
مُطَرِّفٍ ، وَلَكِنْ قَالَ : حَدَّثَنِي ثَلَاثَةٌ :
عُقْبَةُ بْنُ عَبْدِ الْغَافِرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17366وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14808وَالْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ ، كُلُّهُمْ يَقُولُ : حَدَّثَنِي
مُطَرِّفٌ ، عَنْ عِيَاضٍ ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[ ص: 959 ] فَقَالَ فِيهِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350465وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ " لَمْ يَقُلْ " مُسْلِمِينَ " .
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ
الْحَسَنُ ، عَنْ
مُطَرِّفٍ ، عَنْ
عِيَاضٍ .
وَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ عَمَّنْ لَا يُتَّهَمُ ، عَنْ
قَتَادَةَ بِإِسْنَادِهِ قَالَ فِيهِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350465وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ " ، وَلَمْ يَقُلْ " مُسْلِمِينَ " .
قَالَ : فَدَلَّ هَذَا عَلَى حِفْظِ
مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، وَإِتْقَانِهِ ، وَضَبْطِهِ ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ " مُسْلِمِينَ " فِي رِوَايَتِهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15614ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ لِهَذَا الْحَدِيثِ ، وَأَسْقَطَهُ مِنْ رِوَايَةِ
قَتَادَةَ ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ النَّاسُ عَنْ
قَتَادَةَ : قَصَّرَ فِيهِ عَنْ قَوْلِهِ " مُسْلِمِينَ " وَزَادَهُ
ثَوْرٌ بِإِسْنَادِهِ ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَالَ
أَبُو عُمَرَ : وَالْحَنِيفُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْمُسْتَقِيمُ الْمُخْلِصُ ، وَلَا اسْتِقَامَةَ أَكْبَرُ مِنَ الْإِسْلَامِ ، قَالَ : وَقَدْ رُوِيَ عَنِ
الْحَسَنِ قَالَ : " الْحَنِيفِيَّةُ حَجُّ
الْبَيْتِ " وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ الْإِسْلَامَ ، وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنِ
الضَّحَّاكِ ،
[ ص: 960 ] وَالسُّدِّيِّ " حُنَفَاءَ : حُجَّاجًا " ، وَعَنْ
مُجَاهِدٍ : " حُنَفَاءَ مُتَّبِعِينَ " ، قَالَ : وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28644الْحَنِيفِيَّةَ : الْإِسْلَامُ .
قَالَ : وَقَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ : الْحَنِيفُ الْمُخْلِصُ . وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=67مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا )
[ ص: 961 ] وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ ) ، قَالَ
الرَّاعِي :
أَخَلِيفَةَ الرَّحْمَنِ إِنَّا مَعْشَرٌ حُنَفَاءُ نَسْجُدُ بُكْرَةً وَأَصِيلَا عَرَبٌ نَرَى اللَّهَ فِي أَمْوَالِنَا
حَقَّ الزَّكَاةِ مُنَزَّلًا تَنْزِيلَا
قَالَ : فَوَصَفَ الْحَنِيفِيَّةَ بِالْإِسْلَامِ ، وَهُوَ أَمْرٌ وَاضِحٌ لَا خَفَاءَ بِهِ ، قَالَ : وَمِمَّا احْتَجَّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْفِطْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : " الْإِسْلَامُ " قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350466خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ " ، وَيُرْوَى : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350467عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ " يَعْنِي : فِطْرَةَ الْإِسْلَامِ . انْتَهَى .
قَالَ شَيْخُنَا : فَالْأَدِلَّةُ الدَّالَّةُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ فِطْرَةَ الْإِسْلَامِ كَثِيرَةٌ : كَأَلْفَاظِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْمُتَقَدِّمَةِ ، كَقَوْلِهِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350468عَلَى الْمِلَّةِ " : وَ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350468عَلَى هَذِهِ الْمِلَّةِ " ،
[ ص: 962 ] وَقَوْلُهُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350469خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ " وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : "
حُنَفَاءَ مُسْلِمِينَ " ، وَمِثْلُ تَفْسِيرِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا سَمِعَ .
وَلَوْ لَمْ يَكُنِ
nindex.php?page=treesubj&link=28644الْمُرَادُ بِالْفِطْرَةِ الْإِسْلَامَ لَمَا سَأَلُوا عَقِيبَ ذَلِكَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350470أَرَأَيْتَ مَنْ يَمُوتُ مِنْ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ وَهُوَ صَغِيرٌ ؟ " لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَا يُغَيِّرُ تِلْكَ الْفِطْرَةَ لَمَا سَأَلُوهُ ، وَالْعِلْمُ الْقَدِيمُ وَالْكِتَابُ السَّابِقُ لَا يَتَغَيَّرُ .
وَقَوْلُهُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345002فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ ، وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ " بَيِّنٌ فِيهِ أَنَّهُمْ يُغَيِّرُونَ الْفِطْرَةَ الْمَخْلُوقَ عَلَيْهَا بِذَلِكَ .
وَأَيْضًا ، فَإِنَّهُ شَبَّهَ ذَلِكَ بِالْبَهِيمَةِ الَّتِي تُولَدُ مُجْتَمِعَةَ الْخَلْقِ لَا نَقْصَ فِيهَا ، ثُمَّ تُجْدَعُ بَعْدَ ذَلِكَ ، فَعُلِمَ أَنَّ التَّغَيُّرَ وَارِدٌ عَلَى الْفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ الَّتِي وُلِدَ الْعَبْدُ عَلَيْهَا .
وَأَيْضًا ، فَالْحَدِيثُ مُطَابِقٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ) ، وَهَذَا يَعُمُّ جَمِيعَ النَّاسِ ، فَعُلِمَ أَنَّ اللَّهَ فَطَرَ النَّاسَ كُلَّهُمْ عَلَى فِطْرَتِهِ الْمَذْكُورَةِ ، وَفِطْرَةُ اللَّهِ أَضَافَهَا إِلَيْهِ إِضَافَةَ مَدْحٍ لَا إِضَافَةَ ذَمٍّ ، فَعُلِمَ أَنَّهَا فِطْرَةٌ مَحْمُودَةٌ لَا مَذْمُومَةٌ يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ) ، وَهَذَا نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ
[ ص: 963 ] الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْفِعْلُ الْأَوَّلُ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ وَأَصْحَابِهِ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ إِقَامَةَ الْوَجْهِ لِلدِّينِ حَنِيفًا هُوَ فِطْرَةُ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا كَمَا فِي نَظَائِرِهِ مِثْلِ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=24كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ) ، وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=62سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ) ، فَهَذَا عِنْدَهُمْ مَصْدَرٌ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ لَازِمٍ إِضْمَارُهُ دَلَّ عَلَيْهِ الْفِعْلُ الْمُتَقَدِّمُ ، كَأَنَّهُ قَالَ : كَتَبَ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَيْكُمْ ، وَكَذَلِكَ هُنَا فَطَرَ اللَّهُ النَّاسَ عَلَى ذَلِكَ : عَلَى إِقَامَةِ الدِّينِ حَنِيفًا .
وَكَذَلِكَ فَسَّرَهُ السَّلَفُ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : يَقُولُ : فَسَدِّدْ وَجْهَكَ نَحْوَ الْوَجْهِ الَّذِي وَجَّهَكَ اللَّهُ يَا
مُحَمَّدُ لِطَاعَتِهِ ، وَهُوَ الدِّينُ حَنِيفًا ، يَقُولُ : " مُسْتَقِيمًا لِدِينِهِ وَطَاعَتِهِ " ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ) ، يَقُولُ : " صَنْعَةَ اللَّهِ الَّتِي خَلَقَ النَّاسَ عَلَيْهَا " وَنَصْبُ فِطْرَةٍ عَلَى الْمَصْدَرِ مِنْ مَعْنَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ) ، وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ : فَطَرَ اللَّهُ النَّاسَ عَلَى ذَلِكَ فِطْرَةً .
قَالَ : وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ ، ثُمَّ رَوَى عَنِ
ابْنِ زَيْدٍ قَالَ : " فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا قَالَ : هِيَ الْإِسْلَامُ مُنْذُ خَلَقَهُمُ اللَّهُ مِنْ
[ ص: 964 ] آدَمَ جَمِيعًا ، يُقِرُّونَ بِذَلِكَ ، وَقَرَأَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ) ، فَهَذَا قَوْلُ اللَّهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=213كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ )
[ بَعْدُ ] .
ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ
مُجَاهِدٍ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ) ، قَالَ : الدِّينُ الْإِسْلَامُ .
[ ص: 965 ] حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ ، ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=11953يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ ، ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17415يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ
يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ : مَرَّ
عُمَرُ nindex.php?page=showalam&ids=32بِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ، فَقَالَ : مَا قِوَامُ هَذِهِ الْأُمَّةِ ؟ قَالَ
مُعَاذٌ : ثَلَاثٌ وَهُنَّ الْمُنْجِيَاتُ : الْإِخْلَاصُ ، وَهُوَ الْفِطْرَةُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ) ، وَالصَّلَاةُ ، وَهِيَ الْمِلَّةُ ، وَالطَّاعَةُ ، وَهِيَ الْعِصْمَةُ . فَقَالَ
عُمَرُ : صَدَقْتَ .
ثُمَّ قَالَ : حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=14302يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ ، ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابْنُ عُلَيَّةَ ، ثَنَا
أَيُّوبُ ، عَنْ
أَبِي قِلَابَةَ أَنَّ
عُمَرَ قَالَ
لِمُعَاذٍ : مَا قِوَامُ هَذِهِ الْأُمَّةِ ؟ فَذَكَرَ نَحْوَهُ .
[ ص: 966 ] قَالَ وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ) ، يَقُولُ : لَا تَغْيِيرَ لِدِينِ اللَّهِ ، أَيْ : لَا يَصْلُحُ ذَلِكَ ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْعَلَ .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16410عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ
لَيْثٍ قَالَ : أَرْسَلَ
مُجَاهِدٌ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ :
قَاسِمٌ إِلَى
عِكْرِمَةَ يَسْأَلُهُ عَنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ) ، فَقَالَ : لِدِينِ اللَّهِ .
ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ
عِكْرِمَةَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فِطْرَةَ اللَّهِ ) ، قَالَ : الْإِسْلَامُ .
وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ
قَتَادَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ،
وَمُجَاهِدٍ ،
وَالضَّحَّاكِ ،
وَإِبْرَاهِيمَ [ ص: 967 ] النَّخَعِيِّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16327وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ .
وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ خِصَاءِ الْبَهَائِمِ ؟ فَكَرِهَهُ ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ) .
وَكَذَلِكَ قَالَ
عِكْرِمَةُ ،
وَمُجَاهِدٌ فِي رِوَايَةِ
لَيْثٍ عَنْهُ .
[ ص: 968 ] قَالَ شَيْخُنَا : وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ عَنْهُمَا ، كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنِ الشَّيْطَانِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=119وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ) ، فَتَغْيِيرُ مَا خَلَقَ اللَّهُ عِبَادَهُ عَلَيْهِ مِنَ الدِّينِ تَغْيِيرٌ لِدِينِهِ ، وَالْخِصَاءُ وَقَطْعُ الْأُذُنِ تَغْيِيرٌ لِخَلْقِهِ ، وَلِهَذَا شَبَّهَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10343914nindex.php?page=treesubj&link=28644_28661كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ ، وَيُنَصِّرَانِهِ ، وَيُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ جَمْعَاءَ ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ ؟ " فَأُولَئِكَ يُغَيِّرُونَ الدِّينَ ، وَهَؤُلَاءِ يُغَيِّرُونَ الصُّورَةَ بِالْجَدْعِ ، وَالْخِصَاءِ ، هَذَا يُغَيِّرُ مَا خَلَقَ اللَّهُ عَلَيْهِ قَلْبَهُ ، وَهَذَا يُغَيِّرُ مَا خَلَقَ عَلَيْهِ بَدَنَهُ .