الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        1038 حدثنا آدم قال حدثنا ابن أبي ذئب قال حدثنا سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة تابعه يحيى بن أبي كثير وسهيل ومالك عن المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر ) مفهومه أن النهي المذكور يختص بالمؤمنات ، فتخرج الكافرات كتابية كانت أو حربية ، وقد قال به بعض أهل العلم . وأجيب بأن الإيمان هو الذي يستمر للمتصف به خطاب الشارع فينتفع به وينقاد له ، فلذلك قيد به ، أو أن الوصف ذكر لتأكيد التحريم ولم يقصد به إخراج مما سواه . والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة ) أي محرم ، واستدل به على عدم جواز السفر للمرأة بلا محرم ، وهو إجماع في غير الحج والعمرة والخروج من دار الشرك ، ومنهم من جعل ذلك من شرائط الحج كما سيأتي البحث فيه في موضعه إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                        ( تنبيه): قال شيخنا ابن الملقن تبعا لشيخه مغلطاي : الهاء في قوله : مسيرة يوم وليلة " للمرة الواحدة ، والتقدير أن تسافر مرة واحدة مخصوصة بيوم وليلة ، ولا سلف له في هذا الإعراب ، ومسيرة إنما هي مصدر سار كقوله سيرا مثل عاش معيشة وعيشا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( تابعه يحيى بن أبي كثير وسهيل ومالك عن المقبري ) يعني سعيدا ( عن أبي هريرة ) يعني لم يقولوا " عن أبيه " فعلى هذا فهي متابعة في المتن لا في الإسناد ، على أنه قد اختلف على سهيل وعلى مالك فيه ، وكأن الرواية التي جزم بها المصنف أرجح عنده عنهم ، ورجح الدارقطني أنه عن سعيد عن أبي هريرة ليس فيه " عن أبيه " كما رواه معظم رواة الموطأ ، لكن الزيادة من الثقة مقبولة ولا سيما إذا كان حافظا ، وقد وافق ابن أبي ذئب على قوله : عن أبيه " الليث بن سعد عند أبي داود ، والليث وابن أبي ذئب من أثبت الناس في سعيد ، فأما رواية يحيى فأخرجها أحمد عن الحسن بن موسى عن شيبان النحوي عنه ولم أجد عنه فيه اختلافا إلا أن لفظة " أن تسافر يوما إلا مع ذي محرم " ويحمل قوله يوما على أن المراد به اليوم بليلته فيوافق رواية ابن أبي ذئب ، وأما رواية سهيل فذكر ابن عبد البر أنه اضطرب في إسنادها ومتنها ، وأخرجه ابن خزيمة من طريق خالد الواسطي وحماد بن سلمة ، وأخرجه أبو داود وابن حبان والحاكم من طريق جرير كلاهما عن سهيل بن أبي صالح عن سعيد عن أبي هريرة كما علقه البخاري ، إلا أن جريرا قال في روايته : بريدا " بدل يوما ، وقال بشر بن المفضل عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة أبدل سعيدا بأبي صالح ، وخالف في اللفظ أيضا فقال " تسافر ثلاثا " أخرجه مسلم ، ويحتمل أن يكون الحديثان معا عند سهيل ، ومن ثم صحح ابن حبان الطريقين عنه ، لكن المحفوظ عن أبي صالح عن أبي سعيد كما تقدمت الإشارة إليه . وأما رواية مالك فهي في الموطأ كما قال البخاري ، وأخرجها مسلم وأبو داود وغيرهما ، وهو المشهور عنه .

                                                                                                                                                                                                        ورواها بشر بن عمر الزهراني عنه فقال : عن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة " أخرجه أبو داود والترمذي وأبو عوانة وابن خزيمة من طريقه ، وقال ابن خزيمة : إنه تفرد به عن مالك ، وفيه نظر لأن الدارقطني أخرجه في " الغرائب " من رواية إسحاق بن محمد الفروي عن مالك كذلك ، وأخرجه الإسماعيلي من طريق الوليد بن مسلم عن مالك ، والمحفوظ عن مالك ليس فيه قوله " عن أبيه " والله أعلم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية