الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل .

قال : الدرجة الثانية : ترقب آفات النفس والعمل ، ورؤية فضل كل ذي فضل عليك ، وتنسم نسيم الفناء .

يريد انتظار ظهور نقائص نفسك وعملك وعيوبهما لك ، فإنه يجعل القلب خاشعا لا محال ، لمطالعة عيوب نفسه وأعماله ونقائصهما من الكبر ، والعجب ، والرياء ، وضعف الصدق ، وقلة اليقين ، وتشتت النية ، وعدم تجرد الباعث من الهوى النفساني ، وعدم إيقاع العمل على الوجه الذي ترضاه لربك ، وغير ذلك من عيوب النفس ، ومفسدات الأعمال .

وأما رؤية فضل كل ذي فضل عليك فهو أن تراعي حقوق الناس فتؤديها ، ولا ترى أن ما فعلوه من حقوقك عليهم ، فلا تعاوضهم عليها . فإن هذا من رعونات النفس وحماقاتها . ولا تطالبهم بحقوق نفسك ، وتعترف بفضل ذي الفضل منهم ، وتنسى فضل نفسك .

وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول : العارف لا يرى له على أحد حقا ، ولا يشهد على غيره فضلا ، ولذلك لا يعاتب ، ولا يطالب ، ولا يضارب .

وأما تنسم نسيم الفناء فلما كان الفناء عنده غاية ، جعل هذه الدرجة كالنسيم لرقته ، وعبر عنها بالنسيم للطف موقعه من الروح ، وشدة تشبثها به ، ولا ريب أن الخشوع سبب موصل إلى الفناء ، فاضله ومفضوله .

التالي السابق


الخدمات العلمية