الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  [ ص: 320 ] حديث الأنصاري والثقفي جاءا إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - يسألانه عن بعض الأعمال ، فأخبرهما عما جاءا به قبل أن يسألاه

                                                                  61 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، ثنا حجاج بن المنهال ، وحدثنا معاذ بن المثنى ، ثنا مسدد ، قالا : ثنا عطاف بن خالد المخزومي ، ثنا إسماعيل بن رافع ، عن أنس بن مالك قال : " كنت جالسا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسجد الخيف ، فأتاه رجل من الأنصار ورجل من ثقيف ، فسلما عليه ، ودعيا له دعاء حسنا ، ثم قالا : جئناك يا رسول الله نسألك ، قال : " إن شئتما أخبرتكما بما جئتما تسألاني عنه فعلت ، وإن شئتما أن أسكت وتسألاني فعلت " قالا : أخبرنا يا رسول الله نزدد إيمانا ، أو نزدد يقينا ، فقال الأنصاري للثقفي : سل ، قال : بل أنت فسله ، فإني لأعرف لك حقا فسله ، فقال الأنصاري : أخبرني يا رسول الله ، قال : " جئت تسألني عن مخرجك من بيتك تؤم البيت الحرام وما لك فيه ، وعن طوافك بالبيت وما لك فيه ، وعن ركعتيك بعد الطواف وما لك فيهما ، وعن طوافك بين الصفا والمروة وما لك فيه ، وعن وقوفك عشية عرفة بعرفة وما لك فيه ، وعن رميك الجمار وما لك فيه ، وعن حلاقك رأسك وما لك فيه ، وعن طوافك بعد ذلك وما لك فيه ، وعن نحرك وما لك فيه ، وعن الإفاضة " قال : إي والذي بعثك [ ص: 321 ] بالحق ، بعين هذا جئت أسألك ، قال : " فإنك إذا خرجت من بيتك تؤم البيت الحرام لم تضع ناقتك خفا ولا رفعته إلا كتب الله - عز وجل - لك بها حسنة ، ومحا عنك خطيئة ، ورفع لك بها درجة ، وأما طوافك بالبيت فإنك لا تضع رجلا ولا ترفعها إلا كتب الله - عز وجل - لك بها حسنة ، ومحا عنك بها خطيئة ، وأما ركعتان بعد الطواف فإنهما لك كعتق رقبة من بني إسماعيل ، وأما سعيك بين الصفا والمروة فكعتق سبعين رقبة ، وأما وقوفك عشية عرفة فإن الله يهبط إلى السماء الدنيا فيباهي بكم الملائكة ، يقول : هؤلاء عبادي ، أتوني شعثا غبرا من كل فج عميق ، يرجون رحمتي ومغفرتي ، فلو كانت ذنوبكم كعدد رمل عالج أو كزبد البحر لغفرتها ، أفيضوا عبادا مغفورا لكم ولمن شفعتم له ، وأما رميك الجمار فلك بكل حصاة منها رميتها كبيرة من الكبائر الموبقات الموجبات ، وأما نحرك فمدخور لك عند ربك ، وأما حلاقك رأسك فبكل شعرة حلقتها حسنة ، ويمحا عنك بها خطيئة . قال : يا رسول الله ، فإن كانت الذنوب أقل من ذلك ؟ قال : " إذا يدخر لك في حسناتك ، وأما طوافك بالبيت بعد ذلك فإنك تطوف ولا ذنب لك ، فيأتي ملك حتى يضع يده بين كتفيك ثم يقول : اعمل لما تستقبل فقد غفر لك ما مضى " .

                                                                  فقال الثقفي : أخبرني يا رسول الله ، قال : " جئت تسألني عن الصلاة ، فإنك إذا غسلت وجهك انتثرت الذنوب من أشفار عينيك ، وإذا غسلت يديك فمثل ذلك انتثرت الذنوب من أظفار يديك ، فإذا مسحت [ ص: 322 ] برأسك فمثل ذلك انتثرت الذنوب عن رأسك ، فإذا غسلت رجليك انتثرت الذنوب من أظفار قدميك ، فإذا قمت إلى الصلاة فاقرأ من القرآن ما تيسر ، ثم إذا ركعت فأمكن يديك من ركبتيك : " وافرج بين أصابعك حتى تطمئن راكعا ، إذا سجدت فأمكن وجهك من السجود كله حتى تطمئن ساجدا ، ولا تنقر نقرا ، وصل من أول الليل وآخره . قال : يا رسول الله ، أرأيت إن صليت كله ، قال : " إذا فأنت إذا أنت
                                                                  " .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية