الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا "قال "؛ أي: جبريل؛ "كذلك "؛ خبر لمبتدإ محذوف؛ أي: الأمر كذلك؛ قد تقرر في علم الله المكنون؛ وقدره المحتوم؛ فلا تغيير فيه؛ استبعدته أو لم تستبعديه؛ قال ربك هو علي هين أي: قال ربك الذي خلقك؛ ولم تكوني شيئا؛ وكلأك وحماك و "ربك "؛ واصطفاك على نساء العالمين; لهذه الخاصة التي منحك الله (تعالى) إياها؛ هو على الله هين; لأنه يكون أي شيء في الوجود بقوله (تعالى): " كن فيكون " ؛ فليس خلق شيء بعزيز على الله؛ خالق كل شيء؛ ولنجعله آية للناس الواو عاطفة على فعل محذوف؛ يفهم من الكلام؛ هو علي هين فثبتت قدرتنا الكاملة في تغير الأسباب العادية ومسبباتها؛ وأن إرادتنا لا يقيدها شيء؛ وأنه - سبحانه - الفعال لما يريد؛ ولنجعله آية للناس الضمير يعود على الغلام؛ و "الآية "؛ هي الدلالة على قدرة الله (تعالى) المطلقة على خرق الأسباب والمسببات؛ فأي دلالة أقوى في الدلالة على أن الله (تعالى) فعال لما يريد؛ لا تتقيد بالأسباب والمسببات؛ كما يتوهم الفلاسفة؛ ومن يلف لفهم؛ ويسير في دروبهم.

                                                          ورحمة منا أي أن ذلك الغلام سيكون آية دالة على كمال القدرة الربانية؛ وسيكون رحمة منا; إذ نبعثه بالرحمة والرأفة والتسامح الإنساني.

                                                          ويقول - سبحانه - في بيان أن ذلك أمر محتوم: وكان أمرا مقضيا قررنا بحتمه؛ وفي حدود قدرتنا؛ ونفذناه بحكمتنا العالية التي لا تعلو إليها مدارك البشر؛ إنه هو العليم الخبير السميع البصير. [ ص: 4625 ] /

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية