الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      والسماء ذات الرجع والأرض ذات الصدع إنه لقول فصل وما هو بالهزل إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا فمهل الكافرين أمهلهم رويدا .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: والسماء ذات الرجع أي: ذات المطر، وسمي المطر رجعا لأنه يجيء ويرجع ويتكرر والأرض ذات الصدع أي: ذات الشق، وقيل لها هذا، لأنها تتصدع وتتشقق بالنبات، هذا قول المفسرين وأهل اللغة في الحرفين .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: إنه لقول فصل يعني به القرآن، وهذا جواب القسم . [ ص: 85 ] والفصل: الذي يفصل بين الحق والباطل بالبيان عن كل واحد منهما وما هو بالهزل أي: باللعب . والمعنى: أنه جد، ولم ينزل باللعب . وبعضهم يقول: الهاء في " إنه " كناية عن الوعيد المتقدم ذكره .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: إنهم يعني مشركي مكة يكيدون كيدا [أي: يحتالون] وهذا الاحتيال المكر برسول الله صلى الله عليه وسلم حين اجتمعوا في دار الندوة . وأكيد كيدا أي: أجازيهم [على كيدهم] بأن أستدرجهم من حيث لا يعلمون، فأنتقم منهم في الدنيا بالسيف، وفي الآخرة بالنار . فمهل الكافرين هذا وعيد من الله لهم . ومهل وأمهل لغتان جمعتا هاهنا . ومعنى الآية: مهلهم قليلا حتى أهلكهم، ففعل الله ذلك ببدر، ونسخ الإمهال بآية السيف . قال ابن قتيبة: ومعنى " رويدا " مهلا، ورويدك بمعنى أمهل . قال تعالى: فمهل الكافرين أمهلهم رويدا أي: أمهلهم قليلا، فإذا لم يتقدمها " أمهلهم " كانت بمعنى " مهلا " . ولا يتكلم بها إلا مصغرة ومأمورا بها، وجاءت في الشعر بغير تصغير في غير معنى الأمر .

                                                                                                                                                                                                                                      قال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      كأنها مثل من يمشي على رود



                                                                                                                                                                                                                                      أي: على مهل .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية