الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 867 ] 1125 - وعن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10355668nindex.php?page=treesubj&link=7916_29650الجهاد واجب عليكم مع كل أمير ، برا كان أو فاجرا ، وإن عمل الكبائر ، nindex.php?page=treesubj&link=1710_29650والصلاة واجبة عليكم خلف كل مسلم ، برا كان أو فاجرا ، وإن عمل الكبائر ، والصلاة واجبة على كل مسلم ، برا كان أو فاجرا ، وإن عمل الكبائر " . رواه أبو داود .
1125 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( nindex.php?page=treesubj&link=7916الجهاد واجب عليكم ) أي : فرض عين في حال وفرض كفاية في أخرى ( مع كل أمير ) أي سلطان ، أو ولي أمره ( برا كان أو فاجرا ، وإن عمل الكبائر ) : فإن الله قد يؤيد الدين بالرجل الفاجر ، قال ابن حجر : فيه جواز كون الأمير فاسقا جائرا ، وأنه لا ينعزل بالفسق والجور ، وأنه تجب طاعته ما لم يأمر بمعصية ، وخروج جماعة من السلف على الجورة كان قبل استقرار الإجماع على حرمة الخروج على الجائر اهـ .
ويشكل بظهور المهدي ودعوته الخلافة مع وجود السلاطين في زمانه . ( والصلاة ) أي : بالجماعة ( واجبة عليكم ) أي : بالجماعة كما تقدم من القول المختار ، وهو فرض عملي لا اعتقادي لثبوته بالسنة ، وهي آحاد ، وقال ابن حجر ، أي على الكفاية لا الأعيان اهـ . وهو في غاية من البعد عن شعار الإسلام وطريق السلف العظام ; لأنه يؤدي إلى أنه لو صلى شخص واحد مع الإمام في مصر لسقط عن الباقين . ( خلف كل مسلم ) : إذا كان إماما ( برا كان أو فاجرا ، وإن عمل الكبائر ) : قال ابن الملك ، أي : جاز اقتداؤكم خلفه لورود الوجوب بمعنى الجواز لاشتراكهما في جانب الإتيان بهما ، وهذا يدل على جواز nindex.php?page=treesubj&link=1710_29645الصلاة خلف الفاسق ، وكذا المبتدع إذا لم يكن ما يقول كفرا ، والحديث حجة على الإمام مالك في عدم إجازته إمامة الفاسق ، قلت : في أمره بالصلاة خلف الفاجر مع أن الصلاة خلف الفاسق والمبتدع مكروهة عندنا دليل على وجوب الجماعة فتأمل ، ويؤيده القرينتان السابقة واللاحقة . ( والصلاة ) أي : nindex.php?page=treesubj&link=2150صلاة الجنازة ( واجبة ) أي : فرض كفاية عليكم أن تصلوا ( على كل مسلم ) أي : ميت ظاهره الإسلام ( برا كان أو فاجرا ، وإن عمل الكبائر ) : قال ابن الملك : هذا يدل على أن من أتى الكبائر لا يخرج عن الإسلام ، وأنها لا تحبط الأعمال الصالحة يعني خلافا للمبتدعة فيهما . ( رواه أبو داود ) : قال ميرك ، أي : من طريق مكحول ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة . ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدراقطني بمعناه ، وقال : مكحول لم يلق nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة .
قلت : فالحديث منقطع لا يصلح حجة على الإمام مالك على ما ذكره ابن الملك ، والله أعلم ، لكن قال ابن الهمام : أعله nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني بأن مكحولا لم يسمع من nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، ومن دونه ثقات ، وحاصله أنه من مسمى الإرسال عند الفقهاء ، وهو مقبول عندنا ، وقد روي هذا المعنى من عدة طرق nindex.php?page=showalam&ids=14269للدارقطني ، وأبي نعيم ، والعقيلي ، وكلها مضعفة من قبل بعض الرواة ، وبذلك يرتقي إلى درجة الحسن عند المحققين وهو الصواب .
وقال ابن حجر : ويوافقه خبر nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10358048اقتدوا بكل بر وفاجر " ، وهو وإن كان مرسلا ، لكنه اعتضد بفعل السلف ، فإنهم كانوا يصلون وراء أئمة الجور ، وروى الشيخان أن ابن عمر كان يصلي خلف الحجاج ، وكذا كان أنس يصلي خلفه أيضا ، واحتمال الخوف يمنعه أن ابن عمر كان لا يخافه ; لأن عبد الملك كان ممتثلا لما يأمره به ابن عمر فيه وفي غيره ، ومن ثم كان يجعل أمر الحج له ويأمر الحجاج باتباعه فيه .