الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو اختلط ) من يصلى عليه بمن لا يصلى عليه كأن اشتبه ( مسلمون ) أو مسلم ( بكفار ) أو شهيد أو سقط لم تظهر فيه أمارة حياة بغيره وتعذر تمييز بعضهم من بعض ( وجب غسل الجميع ) وتكفينهم ودفنهم من بيت المال فالأغنياء حيث لا تركة وإلا أخرج من تركة كل تجهيز واحد بالقرعة فيما يظهر ويغتفر كما أشار إليه بعضهم تفاوت مؤن تجهيزهم للضرورة ( والصلاة ) عليهم إذ لا يتحقق الإتيان بالواجب إلا بذلك وقول الإسنوي هذا تردد بين واجب وحرام فليقدم الحرام على القاعدة يرد بأنه لا يكون حراما إلا مع العلم بعينه وأما مع الجهل فلا على أن ذلك لا يرد في الصلاة أصلا لأنه يخصها بالمسلم وغير نحو الشهيد في نيته ولا في غسل الكافر لإباحته ثم رأيت شيخنا أشار لذلك ( فإن شاء صلى على الجميع ) صلاة واحدة ( بقصد المسلم ) وغير نحو الشهيد ( وهو الأفضل والمنصوص ) وليس هنا صلاة على كافر حقيقة والنية جازمة [ ص: 189 ] ويقول هنا في الأولى اغفر للمسلم منهم ( أو على واحد فواحد ناويا الصلاة عليه إن كان مسلما ) أو غير نحو شهيد ويعذر في تردد النية للضرورة واعترض بأنه لا ضرورة لإمكان الكيفية الأولى ويجاب بأنها قد تشق بتأخيره من غسل إلى فراغ غسل الباقين بل قد يتعين إن أدى التأخير إلى تغير وكذا تتعين الأولى لو تم غسل الجميع وكان الإفراد يؤدي إلى تغير المتأخر ( ويقول ) في الكيفية الأولى اللهم اغفر للمسلمين منهم كما مر وفي الثانية ( اللهم اغفر له إن كان مسلما ) ولا يقول في اختلاط نحو الشهيد بغيره اللهم اغفر له إن كان غير شهيد بل يطلق ويدفنون في الأولى بين مقابرنا ومقابر الكفار

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله يرد بأنه لا يكون حراما إلا مع العلم بعينه ) قضية هذا الرد أنه لو اختلط محرم بغيره جاز بل وجب ستر رأس الجميع وفيه نظر ولا يبعد امتناع المخيط على [ ص: 189 ] الجميع لعدم توقف التكفين عليه بل اللفائف أولى مع حرمته على المحرم فليتأمل ( قوله ويقول هنا في الأولى ) أي وأما الثانية فيسوغ الدعاء للجميع لأن الشهيد وإن امتنعت الصلاة عليه لا يمتنع الدعاء له بنحو المغفرة وسيأتي في كلام الشارح



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ولو اختلطا إلخ ) يتردد النظر في اشتباه المحرم بغيره ويظهر أنه من حيث نحو الطيب يراعى المحرم لأن فعل ذلك يؤدي إلى ارتكاب محرم بالنسبة للمحرم بخلاف تركه فإن غايته ترك سنة بالنسبة لغيره وأما من حيث التكفين فلو قلنا إن الواجب ساتر العورة وأن الاقتصار عليه لا يؤثم فالأمر واضح وإلا فمحل نظر بصري عبارة ع ش وكتب العلامة الشوبري ما نصه انظر لو اختلط المحرم بغيره هل يغطي رأس الجميع احتياطا للستر أو لا احتياطا للإحرام وقد يتجه الثاني لأن التغطية محرمة جزما بخلاف ستر ما زاد على العورة ا هـ والأقرب الأول لأن التغطية حق للميت فلا يترك للفريق الآخر ولا نظر للقطع والخلاف في ذلك ثم رأيت في كلام سم ما يصرح بوجوب تغطية الجميع بغير المخيط ا هـ وقوله ثم رأيت في كلام سم إلخ فيه نظر بل ميل كلام سم كما يأتي إلى الأول ( قوله من يصلي عليه ) إلى قوله وقول الإسنوي في النهاية والمغني إلا قوله من بيت المال إلى المتن .

                                                                                                                              ( قوله لم تظهر فيه أمارة حياة ) عبارة النهاية والمغني أو سقط يصلى عليه بسقط لا يصلى عليها ا هـ ( قوله وإلا أخرج من تركة كل تجهيز واحد إلخ ) وقد يقال يخرج من تركة كل أقل كفاية واحد وما زاد من بيت المال لأن القرعة لا تؤثر في الأموال فحيث لم يوجد محل يؤخذ منه ما زاد أخذ من بيت المال كما لو مات شخص لا مال له وبقي ما لو كان المشتبه مرتدا أو حربيا فكيف يكون الحال فيه لأنهما لا يجهزان من بيت المال اللهم إلا أن يقال يجهزان هنا ويغتفر ذلك للضرورة لأنه وسيلة لتجهيز المسلم ع ش أي كما هو ظاهر إطلاق المتن وقضية تعليل الشارح الآتي ( قوله بالقرعة إلخ ) يظهر أن الإقراع ليس للإخراج بل لتخصيص المخرج وإن كان كلامه إلى الأول أميل بصري وقد يندفع بذلك ما تقدم آنفا عن ع ش .

                                                                                                                              ( قوله ويغتفر إلخ ) هل المراد منه أن يخرج من تركة كل ما يليق به ومعنى الاغتفار احتمال أن القرعة تؤدي إلى أن يجهز الواحد منهم بما أخرج من تركة الغير بحسب نفس الأمر أو المراد أنه يخرج من تركة كل تجهيز بلا تفاوت بينهم ومعنى الاغتفار أنا حينئذ لم نعتبر ما هو الأولى من كون تجهيز كل لائقا به محل تأمل فإن كان المراد الثاني فيظهر أنا نعتبر أقلهم لأنه أحوط بصري أقول كلام الشارح كالصريح في الأول كما مر منه ( قوله إلا بذلك ) أي بتجهيز الكل والصلاة عليه ( قوله وقول الإسنوي إلخ ) أي معارضا للعلة المذكورة ( قوله هذا ) أي تجهيز الكل والصلاة عليه ( قوله تردد ) بصيغة الماضي ( قوله بين واجب ) أي نظر الاحتمال الفريق الأول ( وحرام ) أي نظر الاحتمال الفريق الثاني ( قوله على القاعدة ) أي قاعدة إذا اجتمع المانع والمقتضي يقدم المانع ويحتمل قاعدة أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ( قوله يرد إلخ ) خبر وقول الإسنوي إلخ ( قوله بأنه لا يكون حراما إلخ ) قضية هذا الرد أنه لو اختلط محرم بغيره جاز بل وجب ستر رأس الجميع وفيه نظر ولا يبعد امتناع المخيط على الجميع لعدم توقف التكفين عليه بل اللفائف أولى مع حرمته على المحرم فليتأمل ا هـ وتقدم استقراب ع ش القضية المذكورة .

                                                                                                                              وأما قول سم ولا يبعد إلخ هذا في نفس الكفن بقطع النظر عن ستر الرأس وعدمه كما هو ظاهر خلافا لما مر عن ع ش ( قوله على أن ذلك إلخ ) اقتصر على هذا الجواب النهاية والمغني ولعله لأن الجواب الأول يمكن أن يعارض بمثله فيقال لا يكون واجبا إلا مع العلم بعينه إلخ ( قوله لذلك ) أي الجواب العلوي ( قوله صلاة واحدة ) إلى قول المتن ويشترط [ ص: 189 ] في النهاية إلا قوله ويقول هنا إلى المتن وقوله ومن ثم إلى المتن وقوله ثم رأيت إلى المتن وكذا في المغني إلا قوله ويرد إلخ ( قوله ويقول هنا في الأولى ) أي في الصورة الأولى من الصور المتقدمة وهي صورة اختلاط المسلمين بكفار بخلاف بقية الصور كاختلاط الشهيد بغيره بصري أي فيطلق الدعاء فيها أخذا مما يأتي ( قوله أو غير نحو الشهيد ) أي يقول في الثانية إن كان غير شهيد وفي الثالثة إن كان هو الذي يصلى عليه مغني ونهاية ( قوله للضرورة ) أي كمن نسي صلاة من الخمس نهاية ( قوله بل قد يتعين ) أي إفراد كل بصلاة ( قوله إن أدى التأخير إلى تغير ) أي لشدة حر وكثرة الموتى نهاية ( قوله في الكيفية الأولى إلخ ) قد يقال فيه مع ما مر تكرارا بصري ( قوله ولا يقول إلخ ) عبارة النهاية ولا يحتاج إلى ذلك في الثانية والثالثة لانتفاء المحذور وهو دعاؤه بالمغفرة للكافر ولو تعارضت بينتان بإسلامه وكفره غسل وصلى عليه ونوى الصلاة عليه إن كان مسلما وفي المجموع عن المتولي لو مات ذمي فشهد عدل بإسلامه قبل موته لم يحكم بشهادته في توريث قريبه المسلم منه ولا حرمان قريبه الكافر بلا خلاف وهل تقبل شهادته في الصلاة عليه وتوابعها فيه وجهان أصحهما القبول ا هـ قال ع ش وعليه فيجزم بالنية في الصلاة عليه ولا يعلقها ( قوله غير شهيد ) أي أو سقطا لا يصلى عليه ( قوله ويدفنون في الأولى إلخ ) أي سواء كان الميت الكافر بالغا أو صبيا لأن الدفن من أحكام الدنيا وأطفال المشركين فيها كفار ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية