nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=41nindex.php?page=treesubj&link=28995ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون
أعقب تمثيل ضلال أهل الضلالة وكيف حرمهم الله الهدى في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور [ ص: 258 ] بطلب النظر والاعتبار كيف هدى الله تعالى كثيرا من أهل السماوات والأرض إلى تنزيه الله المقتضي الإيمان به وحده ، وبما ألهم الطير إلى أصواتها المعربة عن بهجتها بنعمة وجودها ورزقها الناشئين عن إمداد الله إياها بهما فكانت أصواتها دلائل حال على تسبيح الله وتنزيهه عن الشريك ، فأصواتها تسبيح بلسان الحال .
والجملة استئناف ابتدائي ومناسبته ما علمت .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=41كل قد علم صلاته وتسبيحه استئناف ثان وهو من تمام العبرة إذ أودع الله في جميع أولئك ما به ملازمتهم لما فطروا عليه من تعظيم الله وتنزيهه .
nindex.php?page=treesubj&link=19784_33133فتسبيح العقلاء حقيقة . وتسبيح الطير مجاز مرسل في الدلالة على التنزيه . وفيه استعمال لفظ التسبيح في حقيقته ومجازه ، ولذلك خولف بينهما في الجملة الثانية فعبر بالصلاة والتسبيح مراعاة لاختلاف حال الفريقين : فريق العقلاء ، وفريق الطير وإن جمعتهما كلمة ( كل ) ، فأطلق على تسبيح العقلاء اسم الصلاة ; لأنه تسبيح حقيقي . فالمراد بالصلاة الدعاء وهو من خصائص العقلاء ، وليس في أحوال الطير اسم التسبيح ; لأنه يطلق مجازا على الدلالة بالصوت بعلاقة الإطلاق وذلك على التوزيع; ولولا إرادة ذلك لقيل : كل قد علم تسبيحه ، أو كل قد علم صلاته .
والخطاب في قوله ( ألم تر ) للنبيء صلى الله عليه وسلم . والمراد من يبلغ إليه ، أو الخطاب لغير معين فيعم كل مخاطب كما هو الشأن في أمثاله .
والاستفهام مستعمل كناية عن التعجيب من حال فريق المشركين الذين هم من أصحاب العقول ومع ذلك قد حرموا الهدى لما لم يجعله الله فيهم . وقد جعل الهدى في العجماوات إذ جبلها على إدراك أثر نعمة الوجود والرزق . وهذا في معنى قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=44إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا .
[ ص: 259 ] والصافات : من صفات الطير : يراد به صفهن أجنحتهن في الهواء حين الطيران . وتخصيص الطير بالذكر من بين المخلوقات للمقابلة بين مخلوقات الأرض والسماء بذكر مخلوقات في الجو بين السماء والأرض ولذلك قيدت بـ ( صافات ) .
وفعل ( علم ) مراد به المعرفة لظهور الفرق بين علم العقلاء بصلاتهم وعلم الطير بتسبيحها ، فإن الثاني مجرد شعور وقصد للعمل .
وضمائر
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=41علم صلاته وتسبيحه راجعة إلى ( كل ) لا محالة .
ولو كان المراد بها التوزيع على من في السماوات والأرض والطير من جهة وعلى اسم الجلالة من جهة لوقع ضمير فصل بعد ( علم ) فلكان راجعا إلى الله تعالى .
والرؤية هنا بصرية ; لأن تسبيح العقلاء مشاهد لكل ذي بصر ، وتسبيح الطير مشاهد باعتبار مسماه ، فما على الناظر إلا أن يعلم أن ذلك المسمى جدير باسم التسبيح .
وعلى هذا الاعتبار كان الاستفهام الإنكاري مكين الوقع .
وإن شئت قلت : إن جملة ( ألم تر ) جارية مجرى الأمثال في كلام البلغاء ، فلا التفات فيها إلى معنى الرؤية .
وقيل : الرؤية هنا قلبية . وأغنى المصدر عن المفعولين .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=41والله عليم بما يفعلون تذييل وهو إعلام بسعة
nindex.php?page=treesubj&link=28781علم الله تعالى الشامل للتسبيح وغيره من الأحوال .
والإتيان بضمير جمع العقلاء تغليب . وقد تقدم في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم في سورة البقرة وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن في سورة الأنعام .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=41nindex.php?page=treesubj&link=28995أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ
أَعْقَبَ تَمْثِيلَ ضَلَالِ أَهْلِ الضَّلَالَةِ وَكَيْفَ حَرَمَهُمُ اللَّهُ الْهُدَى فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ [ ص: 258 ] بِطَلَبِ النَّظَرِ وَالِاعْتِبَارِ كَيْفَ هَدَى اللَّهُ تَعَالَى كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَى تَنْزِيهِ اللَّهِ الْمُقْتَضِي الْإِيمَانَ بِهِ وَحْدَهُ ، وَبِمَا أَلْهَمَ الطَّيْرَ إِلَى أَصْوَاتِهَا الْمُعْرِبَةِ عَنْ بَهْجَتِهَا بِنِعْمَةِ وَجُودِهَا وَرِزْقِهَا النَّاشِئَيْنِ عَنْ إِمْدَادِ اللَّهِ إِيَّاهَا بِهِمَا فَكَانَتْ أَصْوَاتُهَا دَلَائِلَ حَالٍ عَلَى تَسْبِيحِ اللَّهِ وَتَنْزِيهِهِ عَنِ الشَّرِيكِ ، فَأَصْوَاتُهَا تَسْبِيحٌ بِلِسَانِ الْحَالِ .
وَالْجُمْلَةُ اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ وَمُنَاسَبَتُهُ مَا عَلِمْتَ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=41كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ اسْتِئْنَافٌ ثَانٍ وَهُوَ مِنْ تَمَامِ الْعِبْرَةِ إِذْ أَوْدَعَ اللَّهُ فِي جَمِيعِ أُولَئِكَ مَا بِهِ مُلَازَمَتُهُمْ لِمَا فُطِرُوا عَلَيْهِ مِنْ تَعْظِيمِ اللَّهِ وَتَنْزِيهِهِ .
nindex.php?page=treesubj&link=19784_33133فَتَسْبِيحُ الْعُقَلَاءِ حَقِيقَةٌ . وَتَسْبِيحُ الطَّيْرِ مَجَازٌ مُرْسَلٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى التَّنْزِيهِ . وَفِيهِ اسْتِعْمَالُ لَفْظِ التَّسْبِيحِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ ، وَلِذَلِكَ خُولِفَ بَيْنَهُمَا فِي الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ فَعُبِّرَ بِالصَّلَاةِ وَالتَّسْبِيحِ مُرَاعَاةً لِاخْتِلَافِ حَالِ الْفَرِيقَيْنِ : فَرِيقُ الْعُقَلَاءِ ، وَفَرِيقُ الطَّيْرِ وَإِنْ جَمَعَتْهُمَا كَلِمَةُ ( كُلٌّ ) ، فَأُطْلِقَ عَلَى تَسْبِيحِ الْعُقَلَاءِ اسْمُ الصَّلَاةِ ; لِأَنَّهُ تَسْبِيحٌ حَقِيقِيٌّ . فَالْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ الدُّعَاءُ وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ الْعُقَلَاءِ ، وَلَيْسَ فِي أَحْوَالِ الطَّيْرِ اسْمُ التَّسْبِيحِ ; لِأَنَّهُ يُطْلَقُ مَجَازًا عَلَى الدَّلَالَةِ بِالصَّوْتِ بِعَلَاقَةِ الْإِطْلَاقِ وَذَلِكَ عَلَى التَّوْزِيعِ; وَلَوْلَا إِرَادَةُ ذَلِكَ لَقِيلَ : كُلٌّ قَدْ عَلِمَ تَسْبِيحَهُ ، أَوْ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صِلَاتَهُ .
وَالْخِطَابُ فِي قَوْلِهِ ( أَلَمْ تَرَ ) لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَالْمُرَادُ مَنْ يَبْلُغُ إِلَيْهِ ، أَوِ الْخِطَابُ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ فَيَعُمُّ كُلَّ مُخَاطَبٍ كَمَا هُوَ الشَّأْنُ فِي أَمْثَالِهِ .
وَالِاسْتِفْهَامُ مُسْتَعْمَلٌ كِنَايَةً عَنِ التَّعْجِيبِ مِنْ حَالِ فَرِيقِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَصْحَابِ الْعُقُولِ وَمَعَ ذَلِكَ قَدْ حُرِمُوا الْهُدَى لَمَّا لَمْ يَجْعَلْهُ اللَّهُ فِيهِمْ . وَقَدْ جَعَلَ الْهُدَى فِي الْعَجْمَاوَاتِ إِذْ جَبَلَهَا عَلَى إِدْرَاكِ أَثَرِ نِعْمَةِ الْوُجُودِ وَالرِّزْقِ . وَهَذَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=44إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا .
[ ص: 259 ] وَالصَّافَّاتُ : مِنْ صِفَاتِ الطَّيْرِ : يُرَادُ بِهِ صَفُّهُنَّ أَجْنِحَتَهُنَّ فِي الْهَوَاءِ حِينَ الطَّيَرَانِ . وَتَخْصِيصُ الطَّيْرِ بِالذِّكْرِ مِنْ بَيْنِ الْمَخْلُوقَاتِ لِلْمُقَابَلَةِ بَيْنَ مَخْلُوقَاتِ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ بِذِكْرِ مَخْلُوقَاتٍ فِي الْجَوِّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلِذَلِكَ قُيِّدَتْ بِـ ( صَافَّاتٍ ) .
وَفِعْلُ ( عَلِمَ ) مُرَادٌ بِهِ الْمَعْرِفَةُ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَ عِلْمِ الْعُقَلَاءِ بِصَلَاتِهِمْ وَعِلْمِ الطَّيْرِ بِتَسْبِيحِهَا ، فَإِنَّ الثَّانِي مُجَرَّدُ شُعُورٍ وَقَصْدٌ لِلْعَمَلِ .
وَضَمَائِرُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=41عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ رَاجِعَةٌ إِلَى ( كُلٌّ ) لَا مَحَالَةَ .
وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهَا التَّوْزِيعَ عَلَى مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرِ مِنْ جِهَةٍ وَعَلَى اسْمِ الْجَلَالَةِ مِنْ جِهَةٍ لَوَقَعَ ضَمِيرُ فَصْلٍ بَعْدَ ( عَلِمَ ) فَلَكَانَ رَاجِعًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى .
وَالرُّؤْيَةُ هُنَا بَصَرِيَّةٌ ; لِأَنَّ تَسْبِيحَ الْعُقَلَاءِ مَشَاهَدٌ لِكُلِّ ذِي بَصَرٍ ، وَتَسْبِيحَ الطَّيْرِ مَشَاهِدٌ بِاعْتِبَارِ مُسَمَّاهُ ، فَمَا عَلَى النَّاظِرِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ الْمُسَمَّى جَدِيرٌ بِاسْمِ التَّسْبِيحِ .
وَعَلَى هَذَا الِاعْتِبَارِ كَانَ الِاسْتِفْهَامُ الْإِنْكَارِيُّ مَكِينَ الْوَقْعِ .
وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ : إِنْ جُمْلَةَ ( أَلَمْ تَرَ ) جَارِيَةٌ مَجْرَى الْأَمْثَالِ فِي كَلَامِ الْبُلَغَاءِ ، فَلَا الْتِفَاتَ فِيهَا إِلَى مَعْنَى الرُّؤْيَةِ .
وَقِيلَ : الرُّؤْيَةُ هُنَا قَلْبِيَّةٌ . وَأَغْنَى الْمَصْدَرُ عَنِ الْمَفْعُولَيْنِ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=41وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ تَذْيِيلٌ وَهُوَ إِعْلَامٌ بِسَعَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=28781عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى الشَّامِلِ لِلتَّسْبِيحِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَحْوَالِ .
وَالْإِتْيَانُ بِضَمِيرِ جَمْعِ الْعُقَلَاءِ تَغْلِيبٌ . وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ .