الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولا ينعقد بيع لبن المرأة في قدح عندنا ، وقال الشافعي رحمه الله يجوز بيعه .

                                                                                                                                ( وجه ) قوله أن هذا مشروب طاهر فيجوز بيعه كلبن البهائم ، والماء .

                                                                                                                                ( ولنا ) أن اللبن ليس بمال فلا يجوز بيعه ، والدليل على أنه ليس بمال إجماع الصحابة رضي الله عنهم ، والمعقول .

                                                                                                                                أما إجماع الصحابة رضي الله تعالى عنهم عنهم فما روي عن سيدنا عمر ، وسيدنا علي رضي الله تعالى عنهما أنهما حكما في ، ولد المغرور بالقيمة ، وبالعقر بمقابلة الوطء ، وما حكما بوجوب قيمة اللبن بالاستهلاك ، ولو كان مالا لحكما ; لأن المستحق يستحق بدل إتلاف ماله بالإجماع ، ولكان إيجاب الضمان بمقابلته أولى من إيجاب الضمان بمقابلة منافع البضع ; لأنها ليست بمال فكانت حاجة المستحق إلى ضمان المال أولى ، وكان ذلك بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم ، ولم ينكر عليهما أحد فكان إجماعا .

                                                                                                                                ( وأما ) المعقول فهو ; لأنه لا يباح الانتفاع به شرعا على الإطلاق بل لضرورة تغذية الطفل ، وما كان حرام الانتفاع به شرعا إلا لضرورة لا يكون مالا كالخمر ، والخنزير ، والدليل عليه أن الناس لا يعدونه مالا ، ولا يباع في سوق ما من الأسواق دل أنه ليس بمال فلا يجوز بيعه ، ولأنه جزء من الآدمي ، والآدمي بجميع أجزائه محترم مكرم ، وليس من الكرامة ، والاحترام ابتذاله بالبيع ، والشراء ، ثم لا فرق بين لبن الحرة ، وبين لبن الأمة في ظاهر الرواية ، وعند أبي يوسف رحمه الله أنه يجوز بيع لبن الأمة ; لأنه جزء من آدمي هو مال فكان محلا للبيع كسائر أجزائه .

                                                                                                                                ( ولنا ) أن الآدمي لم يجعل محلا للبيع إلا بحلول الرق فيه ، والرق لا يحل إلا في الحي ، واللبن لا حياة فيه فلا يحله الرق فلا يكون محلا للبيع سفل ، وعلو بين رجلين انهدما فباع صاحب العلو علوه لم يجز ; لأن الهواء ليس بمال .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية