الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وكذا بعير الزكاة ) أي : ما يجب فيها وهو بنت مخاض فما فوقها ثم بدلها كابن لبون عند فقدها [ ص: 215 ] الأصح أنه يجزئ ( عن دون خمس وعشرين ) ، وإن نقص عن قيمة الشاة بناء على الأصح أنه الأصل أي : القياس ، وإن كانت الشاة هي الأصل أي : المنصوص عليه فالواجب أحدهما لا بعينه وبهذا يجمع بين الخلاف في ذلك ولإجزائه عنها فعما دونها أولى فلو أخرجه عن خمس مثلا وقع كله فرضا لتعذر تجزيه بخلاف نحو مسح كل الرأس في الوضوء ، فإن قلت : بل يمكن تجزيه بنسبة قيمة الشاة إلى قيمته بدليل ما رجحه الزركشي في إخراج بنت اللبون عن بنت المخاض أنه لا يقع فرضا إلا ما يقابل خمسة وعشرين جزءا من ستة وثلاثين بدليل أخذ الجبران في مقابلة الباقي ، قلت : ممنوع ؛ لأن الواجب ثم الشاة أصالة ، وهي من غير الجنس فتعذر تجزيه ؛ لأن القيمة تخمين ، وهنا من الجنس ففيه زيادة محسوسة معروفة بالإجزاء من غير نظر لقيمة فأمكن فيه التجزيء ، وخرج ببعير الزكاة ابن المخاض ، وما دون بنت المخاض

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : وهو بنت مخاض فما فوقها إلخ ) هل يشترط الصحة والكمال في بنت المخاض ، وما فوقها ، وإن كانت إبله مراضا ؛ لأن إجزاء ذلك لم يخرج عن كون الواجب في الذمة ؛ إذ الواجب ليس في المال ؛ إذ الواجب أصالة الشاة ، وهي في الذمة ، وما ذكر بدل عنها ، أو يعتبر صفة المال هنا أيضا فيه نظر والمتجه الأول إلا أن يوجد نقل بخلافه فليراجع ( قوله : ثم بدلها عند فقدها ) يوافقه قول الروض فرع تجزئ بنت مخاض ثم بدلها في خمس من الإبل إلى خمس وعشرين ا هـ وقوله ثم بدلها في نسخة أو بدلها كما قاله في شرحه وقوله بدلها قال في شرحه من ابن لبون ونحوه كما سيأتي ا هـ .

                                                                                                                              وفي شرح الإرشاد للشارح تجزئ بنت المخاض أو بدلها عند فقدها من ابن لبون أو نحوه كما يأتي ، وكلام المجموع لا ينافي ذلك بل يقتضيه خلافا لما فهمه الإسنوي ا هـ لكن قال في المنهج ويجزئ بعير الزكاة قال في شرحه وأفادت إضافته إلى الزكاة اعتبار كونها أنثى بنت مخاض فما قوقها كما في المجموع ا هـ .

                                                                                                                              وقضيته عدم إجزاء الذكر هنا ، وإن أجزأ عن خمس وعشرين عند فقد بنت المخاض واعتمده [ ص: 215 ] شيخنا الإمام أبو الحسن البكري في شرحه فقال ، ولا يجزئ ابن لبون ، وإن أجزأ في غير هذا المحل ا هـ فقد تبعا ما قاله الإسنوي فليتأمل ( قوله : عند فقدها ) أفاد أنه لا يجزئ مع وجودها ( قوله : فلو أخرجه عن خمس مثلا وقع كله فرضا لتعذر تجزيه بخلاف مسح كل الرأس في الوضوء ) في شرح العباب في قول العباب في باب الوضوء وإذا عم رأسه ، ولو دفعة فما يقع عليه الاسم فرض ، والباقي تطوع ، في سياق النقل عن المجموع بعد أن ذكر خلافا في ذلك ما نصه : ومن نظائر ذلك ما لو طول قيام الفرض أو الركوع أو السجود زيادة على قدر الواجب فقيل الواجب الجميع وقيل القدر الذي لو اقتصر عليه أجزأه ، وما لو أخرج بعيرا عن خمس من الإبل فقيل الواجب الخمس .

                                                                                                                              وقيل الواجب الجميع ، وما لو نذر أن يهدي شاة أو يضحي بها فأخرج بدنة فقيل الواجب السبع وقيل الواجب الجميع والأصح الأول إلى أن قال ا هـ وما رجحه من أن الباقي تطوع جرى عليه أيضا في التحقيق هنا ، وفي الروضة في بابي الدماء والأضحية ، وفي المجموع في النذر لكنه رجح في الزكاة أن الزائد في بعيرها فرض ، وفي بقية الصور نقل وقال إن الأصحاب متفقون على تصحيحه وكلام الروضة وأصلها ربما يفهمه وبنقله الاتفاق عليه يعلم أنه المعتمد ا هـ وبجواب السؤال الذي أورده هنا يظهر الفرق بين مسألة الزكاة ، وما لو نذر أنه يهدي شاة أو يضحي بها ؛ لأن شاة نحو النذر والأضحية مقابلة شرعا بجزء من البدنة .

                                                                                                                              ( قوله : لأن القيمة تخمين ) قد يقال : هذا لا يمنع إمكان التجزيء مع اعتبار الشرع التقويم ، وإن كان تخمينا فيما لا يحصى من المسائل ، وفيه ما يأتي في الفصل الآتي ( قوله : لأن القيمة إلخ ) وأيضا فالشاة ثم قد تساوي البعير قيمة ، أو تزيد عليه فيها فلا يتصور نسبة أصلا



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : أي ما يجب فيها ) هذا التفسير يخرج الثنية أي : من الإبل ، وكلام غيره كالمصرح بدخولها ، وهو متجه ؛ لأنها إذا أجزأت في الخمس والعشرين وما فوقها فما دونها بالأولى وحينئذ فالأولى تفسيره بما يجزئ فيها بصري ( قوله : وهو بنت مخاض إلخ ) هل يشترط الصحة والكمال فيها ، وإن كانت إبله مراضا ؛ لأن إجزاء ذلك لم يخرج عن كون الواجب في الذمة ؛ إذ الواجب ليس في المال ؛ إذ الواجب أصالة هو الشاة ، وهي في الذمة ، وما ذكر بدل عنها ، أو يعتبر صفة المال هنا أيضا فيه نظر والمتجه الأول إلا أن يوجد نقل بخلافه سم أقول : يؤيد الثاني قول الشارح الآتي ولإجزائه عنها إلخ وتقدم آنفا عن الشوبري اعتماده .

                                                                                                                              وكلام المغني والنهاية كالصريح فيه عبارتهما وأفادت إضافته إلى الزكاة اعتبار كونه أنثى بنت مخاض فما فوقها كما في المجموع وكونه مجزئا عن خمس وعشرين فإن لم تجز عنها لم تقبل بدل الشاة ا هـ وكذا في شرح المنهج إلا قوله وكونه إلخ قال ع ش قوله : وكونه مجزئا إلخ يشمل ذلك ما لو كان عنده خمسة مثلا كلها معيبة فأخرج بنت مخاض معيبة من جنس المخرج عنه فتجزئ وعليه فيفرق بين ما لو أخرج شاة حيث اعتبر فيها أن تكون صحيحة ، وإن كانت إبله مراضا وبين ما لو أخرج بنت مخاض معيبة عما دون خمس وعشرين مريضة بأن المريضة تجزئ عن خمس وعشرين مريضة فتجزئ عما دونها بالأولى ، والشاة فيما دون الخمس والعشرين لما كانت من غير الجنس وأوجبها الشارع وجب أن تكون صحيحة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ثم بدلها إلخ ) خلافا لظاهر ما تقدم آنفا عن المغني والنهاية وشرح المنهج عبارة سم قوله : ثم بدلها إلخ في الروض ما يوافقه ، وفي شرح الإرشاد للشارح وتجزئ بنت المخاض أو بدلها عند فقدها من ابن لبون أو نحوه كما يأتي ، وفي كلام المجموع ما ينافي ذلك خلافا لما فهمه الإسنوي وتبعه شرح المنهج ، وكذا شيخنا الإمام أبو الحسن البكري فقال : ولا يجزئ ابن لبون ، وإن أجزأ في غير هذا المحل ( وقوله : عند فقدها ) أفاد أنه لا يجزئ مع وجودها انتهت وعبارة الكردي على بافضل قوله : كابن لبون عند فقدها نقله في شرحي الإرشاد عن المجموع ، وهو ظاهر شيخ الإسلام في شرحي البهجة وصرح به في الأسنى وجرى عليه الزيادي في حواشي المنهج وسم [ ص: 215 ] في شرح أبي شجاع ونقل الشوبري عن الشيخ عميرة إجزاء ابن اللبون ، ولو مع وجود بنت المخاض .

                                                                                                                              وظاهر الخطيب والجمال الرملي عدم إجزاء ابن اللبون مطلقا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : الأصح أنه يجزئ ) أي : عوضا عن الشاة اتحدت أو تعددت نهاية ومغني قال ع ش ظاهر التعبير بالإجزاء أن الشاة أفضل منه وينبغي أن يقال بأفضليته ؛ لأنه من الجنس وإنما أجزأ غيره رفقا بالمالك ، ومحل أفضليته على الشاة إن كانت قيمته أكثر من قيمة الشاة فإن تساويا من كل وجه فهل يقدم البعير ؛ لأنه من الجنس أو الشاة ؛ لأنها المنصوص عليها أو يتخير بينهما ؟ كل محتمل والأقرب الثالث ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ولإجزائه ) إلى قوله فإن قلت في النهاية والمغني .

                                                                                                                              ( قوله : ولإجزائه إلخ ) عطف على قوله بناء على الأصح إلخ ( قوله : فلو أخرجه إلخ ) عبارة النهاية وهل يقع فيما لو أخرجه عما دونها كله فرضا أو بعضه كخمسه عن خمسة فيه وجهان يجريان فيما لو ذبح المتمتع بدنة أو بقرة بدل الشاة هل تقع كلها فرضا أو سبعها وفيمن مسح جميع رأسه في وضوئه أو أطال ركوعه أو سجوده فوق الواجب ونحو ذلك وأفتى الوالد رحمه الله تعالى في بعير الزكاة ونحوه بوقوع الجميع فرضا ، وفي مسح جميع الرأس ونحوه بوقوع قدر الواجب فرضا والباقي نفلا ، والضابط لذلك أن ما لا يمكن تمييزه يقع الكل فرضا ، وما أمكن يقع البعض فرضا والباقي نفلا كما مر ا هـ وفي المغني بعد ذكر مثلها ، وهو ظاهر ا هـ قال ع ش قوله : م ر وما أمكن يقع البعض إلخ أي : سواء أمكن تجزئته بنفسه كمسح جميع الرأس أو ببدله كما لو أخرج بنت لبون عن بنت مخاض بلا جبران كما يأتي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : إنه إلخ ) بيان لما رجحه الزركشي والضمير للشأن ( قوله : إلا ما يقابل خمسة وعشرين إلخ ) الأخصر الواضح إلا قدر خمسة إلخ ( قوله : في مقابل الباقي ) ، وهو أحد عشر جزءا ( قوله : لأن الواجب ثم ) أي : في إخراج بعير الزكاة عن دون خمس وعشرين ( قوله : لأن القيمة تخمين إلخ ) وأيضا فالشاة قد تساوي البعير قيمة أو تزيد عليه فيها فلا يتصور نسبة أصلا سم ( قوله : وهنا ) أي : في إخراج بنت اللبون عن بنت مخاض




                                                                                                                              الخدمات العلمية