الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      الراوون عنه علي بن الحسن بن أبي عيسى الهلالي ، وهو أكبر منه ، ومحمد بن عبد الوهاب الفراء شيخه ، ولكن ما أخرج عنه في " صحيحه " ، والحسين بن محمد القباني ، وأبو بكر محمد بن النضر بن سلمة الجارودي ، وعلي بن الحسين بن الجنيد الرازي ، وصالح بن محمد جزرة ، وأبو عيسى الترمذي في " جامعه " ، وأحمد بن المبارك المستملي ، وعبد الله بن يحيى السرخسي القاضي ، وأبو سعيد حاتم بن أحمد بن محمود الكندي البخاري ، وإبراهيم بن إسحاق الصيرفي ، وإبراهيم بن أبي طالب رفيقه ، وإبراهيم بن محمد بن حمزة ، وإبراهيم بن محمد بن سفيان الفقيه . راوي " الصحيح " .

                                                                                      وأبو عمرو أحمد بن نصر الخفاف ، وزكريا بن داود الخفاف ، وعبد الله بن أحمد بن عبد السلام الخفاف ، وأبو علي عبد الله بن محمد بن علي البلخي الحافظ ، وعبد الرحمن بن أبي حاتم ، وعلي بن إسماعيل الصفار ، وأبو حامد أحمد بن حمدون الأعمشي ، وأبو حامد أحمد بن محمد بن الشرقي ، وأبو حامد أحمد بن علي بن حسنويه المقرئ أحد الضعفاء ، وأحمد بن سلمة الحافظ ، وسعيد بن عمرو البرذعي ، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن الشرقي ، والفضل بن محمد البلخي .

                                                                                      وأبو بكر بن خزيمة ، وأبو العباس السراج ، ومحمد بن عبد بن [ ص: 563 ] حميد ، ومحمد بن مخلد العطار ، ومكي بن عبدان ، ويحيى بن محمد بن صاعد ، والحافظ أبو عوانة ، ونصر بن أحمد بن نصر الحافظ .

                                                                                      قال أبو عمرو المستملي : أملى علينا إسحاق الكوسج سنة إحدى وخمسين ، ومسلم ينتخب عليه . وأنا أستملي ، فنظر إليه إسحاق ، وقال : لن نعدم الخير ما أبقاك الله للمسلمين .

                                                                                      لم يرو الترمذي في " جامعه " عن مسلم سوى حديث واحد .

                                                                                      وقال أبو القاسم بن عساكر : حدثني أبو نصر اليونارتي ، قال : دفع إلي صالح بن أبي صالح ورقة من لحاء شجرة بخط مسلم ، قد كتبها بدمشق من حديث الوليد بن مسلم .

                                                                                      قلت : هذا إسناد منقطع لا يثبت .

                                                                                      قال أحمد بن سلمة : رأيت أبا زرعة وأبا حاتم يقدمان مسلما في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما . وسمعت الحسين بن منصور يقول : سمعت إسحاق بن راهويه ذكر مسلما ، فقال بالفارسية كلاما [ ص: 564 ] معناه : أي رجل يكون هذا ؟ ! .

                                                                                      ثم قال أحمد بن سلمة : وعقد لمسلم مجلس الذاكرة ، فذكر له حديث لم يعرفه ، فانصرف إلى منزله ، وأوقد السراج ، وقال لمن في الدار : لا يدخل أحد منكم . فقيل له : أهديت لنا سلة تمر ، فقال : قدموها ، فقدموها إليه ، فكان يطلب الحديث ، ويأخذ تمرة تمرة ، فأصبح وقد فني التمر ، ووجد الحديث .

                                                                                      رواها أبو عبد الله الحاكم . ثم قال : زادني الثقة من أصحابنا أنه منها مات .

                                                                                      وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم : كان مسلم ثقة من الحفاظ ، كتبت عنه بالري ، وسئل أبي عنه ، فقال : صدوق .

                                                                                      قال أبو قريش الحافظ : سمعت محمد بن بشار يقول : حفاظ الدنيا أربعة : أبو زرعة بالري ، ومسلم بنيسابور ، وعبد الله الدارمي بسمرقند ، ومحمد بن إسماعيل ببخارى . [ ص: 565 ]

                                                                                      قال أبو عمرو بن حمدان : سألت الحافظ ابن عقدة عن البخاري ومسلم : أيهما أعلم ؟ فقال : كان محمد عالما ، ومسلم عالم . فكررت عليه مرارا ، فقال : يا أبا عمرو ، قد يقع لمحمد الغلط في أهل الشام ، وذلك أنه أخذ كتبهم ، فنظر فيها ، فربما ذكر الواحد منهم بكنيته ، ويذكره في موضع آخر باسمه ، يتوهم أنهما اثنان ، وأما مسلم فقلما يقع له من الغلط في العلل ، لأنه كتب المسانيد ، ولم يكتب المقاطيع ولا المراسيل .

                                                                                      قلت : عنى بالمقاطيع أقوال الصحابة والتابعين في الفقه والتفسير .

                                                                                      قال أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن الأخرم الحافظ : إنما أخرجت نيسابور ثلاثة رجال : محمد بن يحيى ، ومسلم بن الحجاج ، وإبراهيم بن أبي طالب .

                                                                                      وقال الحسين بن محمد الماسرجسي : سمعت أبي يقول : سمعت مسلما يقول : صنفت هذا " المسند الصحيح " من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة .

                                                                                      قال ابن منده : سمعت محمد بن يعقوب الأخرم يقول ما معناه : قل [ ص: 566 ] ما يفوت البخاري ومسلما مما ثبت من الحديث .

                                                                                      قال الحاكم : سمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول : رأيت شيخا حسن الوجه والثياب ، عليه رداء حسن ، وعمامة قد أرخاها بين كتفيه . فقيل : هذا مسلم . فتقدم أصحاب السلطان ، فقالوا : قد أمر أمير المؤمنين أن يكون مسلم بن الحجاج إمام المسلمين ، فقدموه في الجامع ، فكبر ، وصلى بالناس .

                                                                                      قال أحمد بن سلمة : كنت مع مسلم في تأليف " صحيحه " خمس عشرة سنة . قال : وهو اثنا عشر ألف حديث .

                                                                                      قلت : يعني بالمكرر ، بحيث إنه إذا قال : حدثنا قتيبة ، وأخبرنا ابن رمح يعدان حديثين ، اتفق لفظهما أو اختلف في كلمة .

                                                                                      قال الحافظ ابن منده : سمعت أبا علي النيسابوري الحافظ يقول : ما تحت أديم السماء كتاب أصح من كتاب مسلم . [ ص: 567 ] [ ص: 568 ]

                                                                                      وقال مكي بن عبدان : سمعت مسلما يقول : عرضت كتابي هذا " المسند " على أبي زرعة ، فكل ما أشار علي في هذا الكتاب أن له علة وسببا تركته ، وكل ما قال : إنه صحيح ليس له علة ، فهو الذي أخرجت . ولو أن أهل الحديث يكتبون الحديث مائتي سنة فمدارهم على هذا " المسند " .

                                                                                      فسألت مسلما عن علي بن الجعد ، فقال : ثقة ، ولكنه كان جهميا .

                                                                                      فسألته عن محمد بن يزيد ، فقال : لا يكتب عنه .

                                                                                      وسألته عن محمد بن عبد الوهاب ، وعبد الرحمن بن بشر ، فوثقهما .

                                                                                      وسألته عن قطن بن إبراهيم ، فقال : لا يكتب حديثه .

                                                                                      قال أبو أحمد الحاكم : حدثنا أبو بكر محمد بن علي النجار ، سمعت إبراهيم بن أبي طالب يقول : قلت لمسلم : قد أكثرت في " الصحيح " عن أحمد بن عبد الرحمن الوهبي ، وحاله قد ظهر ، فقال : إنما نقموا عليه بعد خروجي من مصر .

                                                                                      قلت : ليس في " صحيح " مسلم من العوالي إلا ما قل ، كالقعنبي عن أفلح بن حميد ، ثم حديث حماد بن سلمة ، وهمام ومالك والليث ، وليس في الكتاب حديث عال لشعبة ، ولا للثوري ، ولا لإسرائيل ، وهو [ ص: 569 ] كتاب نفيس كامل في معناه ، فلما رآه الحفاظ أعجبوا به ، ولم يسمعوه لنزوله ، فعمدوا إلى أحاديث الكتاب ، فساقوها من مروياتهم عالية بدرجة وبدرجتين ، ونحو ذلك ، حتى أتوا على الجميع هكذا . وسموه : " المستخرج على صحيح مسلم " . فعل ذلك عدة من فرسان الحديث ، منهم : أبو بكر محمد بن محمد بن رجاء ، وأبو عوانة يعقوب [ ص: 570 ] بن إسحاق الإسفراييني ، وزاد في كتابه متونا معروفة بعضها لين ، والزاهد أبو جعفر أحمد بن حمدان الحيري ، وأبو الوليد حسان بن محمد الفقيه ، وأبو حامد أحمد بن محمد الشاركي الهروي . وأبو بكر محمد بن عبد الله بن زكريا الجوزقي ، والإمام أبو علي الماسرجسي ، وأبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني ، وآخرون لا يحضرني ذكرهم الآن .

                                                                                      قال الدارقطني : لولا البخاري ما راح مسلم ولا جاء .

                                                                                      وقال الحاكم : كان متجر مسلم خان محمش ، ومعاشه من ضياعه بأستوا . رأيت من أعقابه من جهة البنات في داره ، وسمعت أبي يقول : رأيت مسلم بن الحجاج يحدث في خان محمش ، فكان تام القامة ، أبيض الرأس واللحية ، يرخي طرف عمامته بين كتفيه .

                                                                                      قال أبو قريش الحافظ : كنا عند أبي زرعة الرازي ، فجاء مسلم [ ص: 571 ] بن الحجاج ، فسلم عليه ، وجلس ساعة ، وتذاكرا . فلما ذهب قلت لأبي زرعة : هذا جمع أربعة آلاف حديث في " الصحيح " ! فقال : ولم ترك الباقي ؟ ليس لهذا عقل ، لو دارى محمد بن يحيى لصار رجلا .

                                                                                      قال سعيد البرذعي : شهدت أبا زرعة ذكر " صحيح " مسلم ، وأن الفضل الصائغ ألف على مثاله ، فقال : هؤلاء أرادوا التقدم قبل أوانه ، فعملوا شيئا يتسوقون به . وأتاه يوما رجل بكتاب مسلم ، فجعل ينظر فيه ، فإذا حديث لأسباط بن نصر ، فقال : ما أبعد هذا من الصحيح . ثم رأى قطن بن نسير ، فقال لي : وهذا أطم . ثم نظر ، فقال : ويروي عن أحمد بن عيسى ، وأشار إلى لسانه ، كأنه يقول الكذب . ثم قال : يحدث عن أمثال هؤلاء ، ويترك ابن عجلان ، ونظراءه ، ويطرق لأهل البدع علينا ، فيقولوا : ليس حديثهم من الصحيح ؟ . فلما ذهبت إلى نيسابور ذكرت لمسلم إنكار أبي زرعة . فقال : إنما أدخلت من حديث أسباط وقطن وأحمد ما رواه ثقات ، وقع لي بنزول ، ووقع لي عن هؤلاء بارتفاع ، فاقتصرت عليهم . وأصل الحديث معروف . وقد قدم مسلم بعد إلى الري ، فاجتمع بابن وارة ، فبلغني أنه عاتبه على " الصحيح " ، وجفاه ، وقال له نحوا من قول أبي زرعة : إن هذا يطرق لأهل البدع علينا ، فاعتذر ، وقال : إنما قلت : صحاح ، ولم أقل : ما لم أخرجه ضعيف ، وإنما أخرجت هذا من الصحيح ليكون مجموعا لمن يكتبه . فقبل عذره وحدثه .

                                                                                      وقال مكي بن عبدان : وافى داود بن علي الأصبهاني نيسابور أيام إسحاق بن راهويه ، فعقدوا له مجلس النظر ، وحضر مجلسه يحيى بن الذهلي ومسلم بن الحجاج ، فجرت مسألة تكلم فيها يحيى ، فزبره داود . [ ص: 572 ]

                                                                                      قال : اسكت يا صبي ، ولم ينصره مسلم . فرجع إلى أبيه ، وشكا إليه داود . فقال أبوه : ومن كان ثم ؟ قال : مسلم ، ولم ينصرني . قال : قد رجعت عن كل ما حدثته به . فبلغ ذلك مسلما ، فجمع ما كتب عنه في زنبيل ، وبعث به إليه ، وقال : لا أروي عنك أبدا .

                                                                                      قال أبو عبد الله الحاكم : علقت هذه الحكاية ، عن طاهر بن أحمد ، عن مكي ، وقد كان مسلم يختلف بعد هذه الواقعة إلى محمد بن يحيى ، وإنما انقطع عنه من أجل قصة البخاري . وكان الحافظ أبو عبد الله بن الأخرم أعرف بذلك ، فأخبر عن الوحشة الأخيرة .

                                                                                      وسمعته يقول : كان مسلم بن الحجاج يظهر القول باللفظ ، ولا يكتمه ، فلما استوطن البخاري نيسابور أكثر مسلم الاختلاف إليه ، فلما وقع بين البخاري والذهلي ما وقع في مسألة اللفظ ، ونادى عليه ، ومنع الناس من الاختلاف إليه ، حتى هجر ، وسافر من نيسابور ، قال : فقطعه أكثر الناس غير مسلم . فبلغ محمد بن يحيى ، فقال يوما : ألا من قال باللفظ فلا يحل له أن يحضر مجلسنا ، فأخذ مسلم رداءه فوق عمامته ، وقام على رؤوس الناس . ثم بعث إليه بما كتب عنه على ظهر جمال . قال : وكان مسلم يظهر القول باللفظ ولا يكتمه .

                                                                                      قال أبو حامد بن الشرقي : حضرت مجلس محمد بن يحيى ، فقال : ألا من قال : لفظي بالقرآن مخلوق ، فلا يحضر مجلسنا . فقام مسلم من المجلس . [ ص: 573 ]

                                                                                      قال أبو بكر الخطيب : كان مسلم يناضل عن البخاري ، حتى أوحش ما بينه وبين محمد بن يحيى بسببه .

                                                                                      قلت : ثم إن مسلما -لحدة في خلقه- انحرف -أيضا- عن البخاري ، ولم يذكر له حديثا ، ولا سماه في " صحيحه " ، بل افتتح الكتاب بالحط على من اشترط اللقي لمن روى عنه بصيغة " عن " ، وادعى الإجماع في أن المعاصرة كافية ، ولا يتوقف في ذلك على العلم بالتقائهما ، ووبخ من اشترط ذلك . وإنما يقول ذلك أبو عبد الله البخاري ، وشيخه علي بن المديني ، وهو الأصوب الأقوى . وليس هذا موضع بسط هذه المسألة .

                                                                                      قال الحافظ أبو القاسم بن عساكر في أول " الأطراف " له بعد أن [ ص: 574 ] ذكر " صحيح البخاري " : ثم سلك سبيله مسلم بن الحجاج ، فأخذ في تخريج كتابه وتأليفه ، وترتيبه على قسمين ، وتصنيفه . وقصد أن يذكر في القسم الأول أحاديث أهل الإتقان ، وفي القسم الثاني أحاديث أهل الستر والصدق الذين لم يبلغوا درجة المتثبتين ، فحالت المنية بينه وبين هذه الأمنية ، فمات قبل استتام كتابه . . غير أن كتابه مع إعوازه اشتهر وانتشر .

                                                                                      وقال الحاكم : أراد مسلم أن يخرج " الصحيح " على ثلاثة أقسام ، وعلى ثلاث طبقات من الرواة ، وقد ذكر هذا في صدر خطبته ، فلم يقدر له إلا الفراغ من الطبقة الأولى ، ومات . ثم ذكر الحاكم مقالة هي مجرد دعوى ، فقال : إنه لا يذكر من الأحاديث إلا ما رواه صحابي مشهور له راويان ثقتان فأكثر ، ثم يرويه عنه -أيضا- راويان ثقتان فأكثر ، ثم كذلك من بعدهم . فقال أبو علي الجياني : المراد بهذا أن هذا الصحابي أو هذا التابعي قد روى عنه رجلان ، خرج بهما عن حد الجهالة .

                                                                                      قال القاضي عياض : والذي تأوله الحاكم على مسلم من اخترام [ ص: 575 ] المنية له قبل استيفاء غرضه إلا من الطبقة الأولى ، فأنا أقول : إنك إذا نظرت في تقسيم مسلم في كتابه الحديث على ثلاث طبقات من الناس على غير تكرار ، فذكر أن القسم الأول حديث الحفاظ . ثم قال : إذا انقضى هذا ، أتبعته بأحاديث من لم يوصف بالحذق والإتقان . وذكر أنهم لاحقون بالطبقة الأولى ، فهؤلاء مذكورون في كتابه لمن تدبر الأبواب . والطبقة الثانية قوم تكلم فيهم قوم ، وزكاهم آخرون ، فخرج حديثهم عمن ضعف أو اتهم ببدعة ، وكذلك فعل البخاري .

                                                                                      ثم قال القاضي عياض : فعندي أنه أتى بطبقاته الثلاث في كتابه ، وطرح الطبقة الرابعة .

                                                                                      قلت : بل خرج حديث الطبقة الأولى ، وحديث الثانية إلا النزر القليل مما يستنكره لأهل الطبقة الثانية . ثم خرج لأهل الطبقة الثالثة أحاديث ليست بالكثيرة في الشواهد والاعتبارات والمتابعات ، وقل أن خرج لهم في الأصول شيئا ، ولو استوعبت أحاديث أهل هذه الطبقة في " الصحيح " ، لجاء الكتاب في حجم ما هو مرة أخرى ، ولنزل كتابه بذلك الاستيعاب عن رتبة الصحة ، وهم كعطاء بن السائب ، وليث ، ويزيد بن أبي زياد ، وأبان بن صمعة ، ومحمد بن إسحاق ، ومحمد بن عمرو بن علقمة ، وطائفة أمثالهم ، فلم يخرج لهم إلا الحديث بعد الحديث إذا كان له أصل ، وإنما يسوق أحاديث هؤلاء ، ويكثر منها أحمد في " مسنده " ، [ ص: 576 ] وأبو داود ، والنسائي وغيرهم . فإذا انحطوا إلى إخراج أحاديث الضعفاء الذين هم أهل الطبقة الرابعة ، اختاروا منها ، ولم يستوعبوها على حسب آرائهم واجتهاداتهم في ذلك .

                                                                                      وأما أهل الطبقة الخامسة ، كمن أجمع على اطراحه وتركه لعدم فهمه وضبطه ، أو لكونه متهما ، فيندر أن يخرج لهم أحمد والنسائي . ويورد لهم أبو عيسى فيبينه بحسب اجتهاده ، لكنه قليل . ويورد لهم ابن ماجه أحاديث قليلة ولا يبين . والله أعلم ، وقل ما يورد منها أبو داود ، فإن أورد بينه في غالب الأوقات .

                                                                                      وأما أهل الطبقة السادسة كغلاة الرافضة والجهمية الدعاة ، وكالكذابين والوضاعين ، وكالمتروكين المهتوكين ، كعمر بن الصبح ، ومحمد المصلوب ، ونوح بن أبي مريم ، وأحمد الجويباري ، وأبي حذيفة البخاري ، فما لهم في الكتب حرف ، ما عدا عمر ، فإن ابن ماجه خرج له حديثا واحدا فلم يصب . وكذا خرج ابن ماجه للواقدي حديثا واحدا ، [ ص: 577 ] فدلس اسمه وأبهمه .

                                                                                      أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله ، عن المؤيد بن محمد الطوسي ، وأجاز لنا القاسم بن غنيمة قال : أخبرنا المؤيد ، أخبرنا محمد بن الفضل الفراوي ، أخبرنا عبد الغافر بن محمد ، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي سنة خمس وستين وثلاثمائة ، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا شيبان ، حدثنا أبو الأشهب ، عن الحسن ، عن معقل بن يسار ، قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت ، وهو غاش لرعيته ، إلا حرم الله عليه الجنة . [ ص: 578 ]

                                                                                      وبه : حدثنا مسلم ، حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، حدثنا عاصم بن محمد ، عن أبيه ، قال عبد الله : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان .

                                                                                      قرأت على زينب بنت عمر بن كندي ، عن المؤيد ، وأخبرنا القاسم ابن أبي بكر الإربلي ، أخبرنا المؤيد ، أخبرنا الفراوي ، أخبرنا عبد الغافر ، أخبرنا ابن عمرويه ، حدثنا ابن سفيان ، سمعت مسلما ، حدثنا عبد الله بن مسلمة ، حدثنا أفلح بن حميد ، عن القاسم ، عن عائشة ، قالت : كنت أغتسل أنا ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- من إناء واحد ، تختلف أيدينا فيه من الجنابة .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية