الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                      1934 أخبرنا إسحق بن إبراهيم قال حدثنا هشام بن عبد الملك وعبد الله بن يزيد قالا حدثنا داود بن أبي الفرات قال حدثنا عبد الله بن بريدة عن أبي الأسود الديلي قال أتيت المدينة فجلست إلى عمر بن الخطاب فمر بجنازة فأثني على صاحبها خيرا فقال عمر وجبت ثم مر بأخرى فأثني على صاحبها خيرا فقال عمر وجبت ثم مر بالثالث فأثني على صاحبها شرا فقال عمر وجبت فقلت وما وجبت يا أمير المؤمنين قال قلت كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما مسلم شهد له أربعة قالوا خيرا أدخله الله الجنة قلنا أو ثلاثة قال أو ثلاثة قلنا أو اثنان قال أو اثنان

                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                      1934 ( أنبأنا عبد الله بن بريدة عن الأسود الديلي ) قال الحافظ ابن حجر : لم أره من رواية عبد الله بن بريدة إلا معنعنا , وقد حكى الدارقطني في كتاب التتبع عن علي بن المديني أن ابن بريدة إنما يروي عن يحيى بن يعمر , عن أبي الأسود , ولم يقل في هذا الحديث سمعت أبا الأسود , وابن بريدة ولد في عهد عمر , فقد أدرك أبا الأسود بلا ريب ( قال أتيت المدينة ) زاد في رواية البخاري : وقد وقع بها مرض , وهم يموتون موتا ذريعا , أي : سريعا ( فأثني على صاحبها خيرا ) قال الحافظ ابن حجر : كذا في جميع الأصول بالنصب , وكذا شرا , وقد غلط من ضبط أثني بفتح الهمزة على البناء للفاعل , فإنه في جميع الأصول مبني للمفعول قال ابن التين : الصواب بالرفع , وفي نصبه بعد في اللسان , ووجهه غيره بأن الجار والمجرور أقيم مقام المفعول الأول , وخيرا مقام الثاني وهو جائز , وإن كان المشهور عكسه , وقال النووي : هو منصوب بنزع الخافض أي : أثني عليها بخير , وقال ابن مالك : خيرا صفة لمصدر محذوف فأقيمت مقامه فنصبت ؛ لأن أثني مسند إلى الجار والمجرور ، قال : والتفاوت بين الإسناد إلى المصدر والإسناد إلى الجار والمجرور قليل ( أيما مسلم شهد له أربعة بالخير أدخله الله الجنة ) الحديث , قال الداودي : المعتبر في ذلك شهادة أهل [ ص: 52 ] الفضل والصدق لا الفسقة ؛ لأنهم قد يثنون على من يكون مثلهم , ولا من بينه وبين الميت عداوة ؛ لأن شهادة العدو لا تقبل , وقال الحافظ ابن حجر : اقتصار عمر على ذكر أحد الشقين إما للاختصار , وإما لإحالته السامع على القياس , والأول أظهر , وقال النووي : في هذا الحديث قولان للعلماء : أحدهما : أن هذا الثناء بالخير لمن أثنى عليه أهل الفضل , وكان ثناؤهم مطابقا لأفعاله , فيكون من أهل الجنة , فإن لم يكن كذلك , فليس هو مرادا بالحديث , والثاني : وهو الصحيح المختار أنه على عمومه وإطلاقه , وأن كل مسلم مات فألهم الله الناس , أو معظمهم الثناء عليه كان ذلك دليلا على أنه من أهل الجنة سواء كانت أفعاله تقتضي ذلك أم لا ؛ لأنه وإن لم تكن أفعاله تقتضيه , فلا تحتم عليه العقوبة , بل هو في حظر المشيئة , فإذا ألهم الله عز وجل عباده الثناء عليه استدللنا بذلك على أنه سبحانه وتعالى قد شاء المغفرة , وبهذا تظهر فائدة الثناء , وقوله -صلى الله عليه وسلم- : وجبت وأنتم شهداء الله في الأرض , لو كان لا ينفعه ذلك , إلا أن يكون أفعاله تقتضيه لم يكن للثناء فائدة , وقد أثبت النبي -صلى الله عليه وسلم- فائدة .




                                                                                                      الخدمات العلمية