الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : فلا يضمن أحد الشريكين بإعتاقها ) يعني لو كانت أمة بين رجلين ولدت فادعياه جميعا فصارت أم ولد لهما ، ثم أعتقها أحدهما فلا ضمان عليه لشريكه موسرا كان أو معسرا عند الإمام ، وعندهما إن كان المعتق موسرا ضمن نصف قيمتها وإن كان معسرا سعت للساكت في نصف القيمة قالوا وينبني على هذا الأصل مسائل منها ما في المختصر ، والثانية إذا غصبها غاصب فهلكت عنده لا يضمن عنده وعندهما يضمن ، والثالثة إذا مات أحدهما تعتق ولا تسعى في شيء للحي عنده ، وعندهما تسعى في نصف قيمتها له ، والرابعة إذا باع جارية فجاءت بولد عند المشتري لأقل من ستة أشهر فماتت الجارية فادعى البائع أن الولد ابنهثبت نسبه منه ويأخذ الولد ويرد الثمن كله ، وعندهما يرد حصة الولد ولا يرد حصة الأم كذا في غاية البيان وزاد في فتح القدير خامسة وهي ما إذا باعها وسلمها فماتت في يد المشتري لا ضمان عليه عنده ويضمن عندهما ، وذكر في الكافي والنهاية أن أم الولد إذا جاءت بولد فادعاه أحدهما ثبت نسبه منه وعتق ولم يضمن لشريكه قيمة الولد عنده ; لأن ولد أم الولد كأمه فلا يكون متقوما عنده ، وعندهما يضمن إن كان موسرا ويسعى الولد له إن كان معسرا وتعقبه في التبيين بأن النسب يثبت مستندا إلى وقت العلوق فلم يعلق شيء منه على ملك الشريك .

                                                                                        وهكذا ذكر صاحب الهداية في باب الاستيلاد في القنة فضلا عن أن تكون أم ولد قبله حتى قال لا يغرم قيمة ولدها ، وكذا ذكر غيره ولم يذكروا خلافا فيه فكيف يتصور أن يكون سقوط الضمان لأجل أنه كأمه عنده [ ص: 264 ] وعندهما يضمن وهو حر الأصل ، ولو كان مكان الدعوى إعتاق كان مستقيما ا هـ .

                                                                                        وحاصله أنهم صرحوا أن أحد الشريكين إذا ادعى ولد الأمة فإنه لا يغرم قيمة الولد من غير خلاف ; لأنه ثبت نسبه مستند إلى وقت العلوق فإذا كان لا ضمان عليه في ولد القنة فكيف يضمن قيمته من أم الولد عندهما مع أنه حر الأصل ولم أر جوابا عنه وهو سهو منه للفرق الظاهر بين ولد القنة وولد أم الولد ; لأنه في ولد القنة إنما لا يضمن قيمته لشريكه ; لأنه لما ضمن لشريكه نصف قيمة الأمة تبين أن الاستيلاد صادف ملكه بالتمام ; لأن النصف انتقل إليه فعلق الولد على ملكه وولد الأمة من مولاها حر فلا يغرمه وفي أم الولد لم ينتقل نصيب شريكه إليه ; لأنها لا تقبل الانتقال من ملك إلى ملك فلم يكن الاستيلاد في ملكه التام فهو في نصيب شريكه كالأجنبي وولد أم الولد من الأجنبي كأمه فلذا لا يضمن عنده ويضمن عندهما والدليل على ذلك أنه لا يضمن نصف قيمة أم الولد عندهما في هذه الصورة ; لأن مدعي الولد لم يتلف على شريكه شيئا ; لأنها أم ولد لهما قبل دعوى الشريك الولد الثاني ، والدليل على ذلك أيضا ما نقله في البدائع أن المدبرة بين رجلين إذا جاءت بولد فادعاه أحدهما ثبت نسبه وصار نصفها أم ولد له ونصفها مدبرة للشريك ويغرم نصف العقر ونصف قيمة الولد مدبرا ولا يضمن نصف قيمة الأم بخلاف القنة إلى آخره فقد علمت أنه لا تقاس المدبرة وأم الولد على القنة وسنوضحه في بابها إن شاء الله تعالى والله سبحانه وتعالى أعلم ، هذا ولو قرب أم الولد إلى مسبعة فافترسها السبع يضمن ; لأن هذا ضمان جناية لا ضمان غصب .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية