الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فرع ) علم مما مر أنه إذا أتلف الثمر الذي يجف بعد الخرص والتضمين والقبول لزمه زكاته جافا أو قبل ذلك لا لخوف ضرر أصله لزمه مثله ؛ لأنه مثلي على تناقض فيه وترجيح الروضة هنا القيمة هو منصوص الشافعي والأكثرين ووجهه هنا ، وإن كان خلاف القياس رعاية مصلحة المستحقين لخشية فساد الرطب قبل وصوله إليهم كما راعوا ضد ذلك حيث ألزموه فيما إذا أتلف نصاب الماشية عين الحيوان الواجب

                                                                                                                              [ ص: 262 ] وإن كان متقوما رعاية للجنس ما أمكن بخلاف ما لو أتلفه أجنبي لا تلزمه إلا القيمة ففرقوا بين المالك وغيره وأيد ذلك جمع بقولهم جوابا عن بحث الرافعي وجوب التمر الجاف ؛ لأنه واجبه ، وقد فوته لا نقول : واجبه الجاف إلا إذا جف أو ضمنه بالخرص وسلطناه عليه ولا فرق في لزوم القيمة بين ما يتتمر وغيره ، ولو تلف كله بعد ذلك قبل إمكان الأداء بلا تقصير لم يلزمه شيء أو بعضه زكى الباقي قال الدارمي : ولو أتلف المال بعدهما أجنبي لزم المالك الزكاة إن ضمن الجاني ، وإلا فلا أو قبل التضمين فلا شيء عليه ويطالب الغاصب ا هـ وعليه إن غرم القيمة وقلنا هي الواجب يدفعها المالك للمستحقين ، ولا يلزمه شراء واجب الزكاة بها كما هو ظاهر كلام الروضة وأصلها وغيرهما وإذا لزمه التمر فقال له المالك : أدعني مما عليك لم يصح لما فيه من اتحاد القابض والمقبض إلا إذا قلنا فيمن قال لمدينه اشتر لي كذا بما عليك أنه يصح ويبرأ ؛ لأن الاتحاد وقع ضمنا لا قصدا ويأتي رابع شروط البيع وآخر الوكالة ما في ذلك ، وفي المجموع عن الإمام عن صاحب التقريب لأحد الشريكين في رطب خرصه على صاحبه ، وإلزامه بحصته تمرا فيلزمه ويتصرف في الجميع واغتفر عدم رضا بقية الشركاء وهم المستحقون لما يأتي أن شركتهم غير حقيقية لبناء الزكاة على الرفق ، ولا يأتي هنا خلاف القسمة ؛ لأن مجرد تضمين ذلك لا يستلزمها ويؤيد ما قاله قولهم آخر المساقاة لو خاف المالك على الثمر العامل أو عكسه فله خرصه عليه وتضمينه إياه بتمر قال جمع متقدمون : وللساعي أن يضمن [ ص: 263 ] يهوديا شريك مسلم زكاته ؛ لأن ابن رواحة رضي الله عنه ضمن يهود خيبر زكاة الغانمين ؛ لأنهم شركاؤهم في التمر وابن رواحة من الغانمين فتضمينه لهم ظاهر في أنهم ملكوا ذلك ببدله من التمر المستقر في ذمتهم ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم ساقاهم بشطر ما يخرج ، وهم لا تلزمهم زكاة قال السبكي وزعم أنه يغتفر في معاملة الكفار ما لا يغتفر في غيرها لا يرتضيه ذو لب

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : لزمه مثله ) لزوم المثل هو الأوجه م ر ( قوله وترجيح الروضة إلخ ) عبر في الروض بقوله : لزمه عشر الرطب فقال في شرحه أي قيمته [ ص: 262 ] قوله : بخلاف ما لو أتلفه أجنبي ) إن كان المراد بخلاف ما لو أتلف نصاب الماشية كما يتبادر فقوله : لا يلزمه إلا القيمة في غاية الظهور ( قوله : جوابا عن بحث الرافعي ) أي : فيما إذا أتلف الثمر قبل ذلك فقوله في شرح قوله السابق ويعتبر تمرا أو زبيبا إلخ لزمه تمر جاف أو القيمة على ما يأتي آخر الباب بنى فيه قوله لزمه تمر جاف على بحث للرافعي المذكور ( قوله : ولو أتلف المال بعدهما ) أي : بعد الخرص والتضمين كما عبر به في العباب وشرحه عن الدارمي ( قوله : إن ضمن الجاني ) قال في شرح العباب بأن كان ملتزما ولو معسرا لا حربيا فيما يظهر ا هـ ( قوله : وعليه إن غرم القيمة إلخ ) قياس جريان الأجنبي على قياس الضمان في مسألة الحيوان ضمانه هنا بالمثل [ ص: 263 ] قوله وزعم أنه يغتفر ) أي : هنا ، وإلا فقد اغتفروا في معاملة الكفار ما لم يغتفروه في غيرها في مواضع



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : علم مما مر ) لعل من قول المصنف فإذا خرص فالأظهر أن حق الفقراء إلى قوله ، ولو ادعى إلخ ، وما ذكره الشارح في شرحه ( قوله : أو قبل ذلك ) أي : قبل الخرص أو التضمين أو القبول إيعاب وأسنى ( قوله : لا لخوف ضرر إلخ ) أي فإن كان لخوف ذلك ونحوه فقد تقدم أن اللازم حينئذ قيمة الواجب رطبا ( قوله : لزمه مثله ) أي : عشر الرطب أو نصفه قال سم لزوم المثل هو الأوجه م ر ا هـ وتقدم عن المغني والنهاية ما يفيد ترجيحه ، وعن ع ش أنه المعتمد ( قوله : وترجيح الروضة إلخ ) اعتمده الإيعاب والأسنى ( قوله : هنا ) إنما قال هنا فإنه رجح في باب الغصب لزوم المثل كما مر .

                                                                                                                              ( قوله القيمة ) أي : قيمة عشر الرطب إن سقي بلا مؤنة إيعاب وأسنى ( قوله : كما راعوا ضد ذلك ) [ ص: 262 ] أي : فأوجبوا المثل في إتلاف المتقوم ( قوله : وإن كان متقوما ) الواو للحال ( قوله : رعاية للجنس إلخ ) الأنسب لما قبله ما في الأسنى والإيعاب ؛ لأن الماشية أنفع للمستحقين من القيمة بالدر والنسل والشعر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بخلاف ما أتلفه أجنبي ) إن كان المراد بخلاف ما لو أتلف نصاب الماشية كما يتبادر فقوله لا يلزمه إلا القيمة في غاية الظهور سم أقول وجزم الكردي بذلك وعليه فقول الشارح ففرقوا إلخ أي : في الماشية لكن في الجزم نظر لاحتمال رجوعه إلى الثمر مطلقا سواء كان إتلافه قبل التضمين أو بعده .

                                                                                                                              ( قوله : وأيد ذلك ) أي : أيد ترجيح الروضة هنا القيمة كردي ( قوله : عن بحث الرافعي إلخ ) أي : فيما إذا أتلف الثمر الذي يجف قبل الخرص والتضمين والقبول سم ( قوله : لأنه إلخ ) من كلام الرافعي وعلة لقوله بوجوب التمر الجاف و ( قوله : لا نقول إلخ ) مقول الجمع كردي ( قوله : ولا فرق إلخ ) يظهر أنه من الشرح وليس من مقول الجمع ( قوله : في لزوم القيمة ) أي : قيمة عشر الرطب على ترجيح الروضة ( قوله : ولو تلف ) إلى قوله قال إلخ في النهاية والمغني ( قوله : ولو تلف إلخ ) أي : بآفة سماوية أو غيرها كسرقة قبل جفافه أو بعده إيعاب .

                                                                                                                              ( قوله بعد ذلك ) أي : الخرص والتضمين والقبول ، وكذا قبل ذلك المعلوم بالأولى ( قوله : زكى الباقي ) أي : بحصته ، وإن كان دون نصاب إيعاب ونهاية ( قوله : ولو أتلف المال بعدهما ) أي : بعد الخرص والتضمين كما عبر به في العباب وشرحه عن الدارمي سم ( قوله : إن ضمن الجاني ) قال في شرح العباب بأن كان ملتزما ، ولو معسرا لا حربيا فيما يظهر انتهى ا هـ سم ( قوله : وإلا فلا ) أي : كما لو تلفت بآفة إيعاب ( قوله : فلا شيء عليه إلخ ) أي : لأن الزكاة متعلقة بالعين إيعاب ( قوله : الغاصب ) أي : المتلف بعد التضمين أو قبله .

                                                                                                                              ( قوله وعليه ) أي : على ما قاله الدارمي ( قوله إن غرم القيمة إلخ ) قياس جريان الأجنبي على قياس الضمان في مسألة الحيوان ضمانه هنا بالمثل سم أقول قضية قول الشارح المار آنفا بخلاف ما لو أتلفه أجنبي إلخ أن الضمان هنا بالقيمة ( قوله : وإذا لزمه التمر إلخ ) يحتمل أن هذا فيما إذا أتلف الأجنبي بعد الخرص والتضمين وقوله المتقدم إن غرم فيما إذا أتلف قبلهما ويحتمل أن هذا مبني على بحث الرافعي ، وما تقدم على ما رجحه الروضة ومال إليه الشارح في إتلاف المالك ولعل هذا هو الأقرب ( قوله : ما في ذلك ) أي : من السؤال والجواب ( قوله : وفي المجموع إلخ ) عبارته في الإيعاب ، وفي المجموع قال الإمام إذا كان بين رجلين رطب مشترك على النخيل فخرص أحدهما على الآخر وألزم ذمته له تمرا جافا قال صاحب التقريب تصرف المخروص عليه في الجميع ولزمه لصاحبه التمر كما يتصرف في نصيب المساكين بالخرص قال الإمام وما ذكره بعيد في حق الشركاء ، وما يجري في حق المساكين لا يقاس به تصرف الشركاء في أملاكهم المحققة انتهى كلام المجموع وضعف ابن عدلان ما قاله صاحب التقريب ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فيلزمه ) أي : يلزم التمر على المخروص عليه ( قوله : ويتصرف ) أي : المخروص عليه في الجميع لعله فيما إذا وجد خرص وتضمين آخر من الساعي أو الإمام بعد خرص وإلزام الشريك كما يفيده ما مر آنفا عن الإيعاب ، وإلا فإطلاقه مشكل فليراجع ( قوله : واغتفر إلخ ) من عند الشارح وليس من كلام صاحب التقريب ( قوله : عدم رضا بقية الشركاء ) أي : على خرص أحد الشريكين على صاحبه وإلزامه بحصته تمرا ( قوله : خلاف القسمة ) أي : بأن يصح الإلزام المذكور إن قلنا إن القسمة إفراز ، وأن لا يصح إن قلنا إنها بيع ( قوله : ويؤيد ما قاله ) أي : صاحب التقريب .

                                                                                                                              ( قوله : فله إلخ ) أي : للمالك في الأصل والعامل في العكس ( قوله : وللساعي أن يضمن [ ص: 263 ] يهوديا إلخ ) أي ، ولا نظر لكون الذمي ليس من أهل الزكاة ؛ لأن التضمين كما علم مما مر منزل منزلة القرض إيعاب ( قوله : لأنه ) أي : اليهود ( قوله : وابن رواحة من الغانمين ) بيان للواقع ؛ إذ مجرد كونه ساعيا كاف في صحة التضمين ( قوله : فتضمينه لهم إلخ ) أي : تضمين ابن رواحة لليهود ظاهر في أن اليهود ملكوا ذلك الرطب ببدله الثابت في ذمتهم ، وهو التمر ( قوله : لأنه صلى الله عليه وسلم إلخ ) هذا علة لقوله إنهم شركاؤهم في التمر و ( قوله : قال السبكي إلخ ) رد لما قد يتوهم وروده على قوله فتضمينه إلخ فكان المناسب إيصال العلة بمعلولها والمؤيد اسم فاعل بمؤيده اسم مفعول ( قوله : وزعم أنه يغتفر ) أي : هنا ، وإلا فقد اغتفروا في معاملة الكفار ما لم يغتفروه في غيرها في مواضع سم




                                                                                                                              الخدمات العلمية