nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=28998تلك آيات القرآن وكتاب مبين .
القول فيه كالقول في صدر سورة الشعراء وخالفت آية هذه السورة سابقتها بثلاثة أشياء : بذكر اسم القرآن وبعطف ( وكتاب ) على ( القرآن ) وبتنكير ( كتاب ) .
فأما ذكر اسم القرآن فلأنه علم للكتاب الذي
nindex.php?page=treesubj&link=31011أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم للإعجاز والهدي . وهذا العلم يرادف الكتاب المعرف بلام العهد المجعول علما بالغلبة على القرآن ، إلا أن اسم القرآن أدخل في التعريف ; لأنه علم منقول . وأما الكتاب فعلم بالغلبة ، فالمراد بقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=1وكتاب مبين ) القرآن أيضا ولا وجه لتفسيره باللوح المحفوظ للتفصي من إشكال عطف الشيء على نفسه ; لأن التفصي من ذلك حاصل بأن عطف إحدى صفتين على أخرى كثير في الكلام . ولما كان في كل من ( القرآن ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=1وكتاب مبين ) شائبة الوصف فالأول باشتقاقه من القراءة ، والثاني بوصفه ب ( مبين ) ، كان عطف أحدهما على الآخر راجعا إلى عطف الصفات بعضها على بعض ، وإنما لم يؤت بالثاني بدلا ; لأن العطف أعلق باستقلال كلا المتعاطفين بأنه مقصود في الكلام بخلاف البدل .
ونظير هذه الآية آية سورة الحجر
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=1تلك آيات الكتاب وقرآن مبين فإن ( قرآن ) في تلك الآية في معنى عطف البيان من ( الكتاب ) ولكنه عطف لقصد جمعهما بإضافة ( آيات ) إليهما .
[ ص: 218 ] وإنما قدم في هذه الآية القرآن وعطف عليه ( كتاب مبين ) على عكس ما في طالعة سورة الحجر ; لأن المقام هنا مقام التنويه بالقرآن ومتبعيه المؤمنين ، فلذلك وصف بأنه (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=2هدى وبشرى للمؤمنين ) أي : بأنهم على هدى في الحال ومبشرون بحسن الاستقبال فكان الأهم هنا للوحي المشتمل على الآيات هو استحضاره باسمه العلم المنقول من مصدر القراءة ; لأن القراءة تناسب حال المؤمنين به والمتقبلين لآياته فهم يدرسونها ولأجل ذلك أدخلت اللام للمح الأصل ، تذكيرا بأنه مقروء مدروس . ثم عطف عليه ( كتاب مبين ) ليكون التنويه به جامعا لعنوانيه ومستكملا للدلالة بالتعريف على معنى الكمال في نوعه من المقروءات ، والدلالة بالتنكير على معنى تفخيمه بين الكتب كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=48مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه .
وأما ما في أول سورة الحجر فهو مقام التحسير للكافرين من جراء إعراضهم عن الإسلام فناسب أن يبتدئوا باسم الكتاب المشتق من الكتابة دون القرآن ؛ لأنهم بمعزل عن قراءته ولكنه مكتوب ، وحجة عليهم باقية على مر الزمان . وقد تقدم تفصيل ذلك في أول سورة الحجر ، ولهذا عقب هنا ذكر ( كتاب مبين ) بالحال (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=2هدى وبشرى للمؤمنين ) .
و ( مبين ) اسم فاعل إما من ( أبان ) القاصر بمعنى ( بان ) ; لأن وصفه بأنه بين واضح له حظ من التنويه به ما ليس من الوصف بأنه موضح مبين . فالمبين أفاد معنيين أحدهما : أن شواهد صدقه وإعجازه وهديه لكل متأمل ، وثانيهما أنه مرشد ومفصل .
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=28998تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ .
الْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي صَدْرِ سُورَةِ الشُّعَرَاءِ وَخَالَفَتْ آيَةُ هَذِهِ السُّورَةِ سَابِقَتَهَا بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ : بِذِكْرِ اسْمِ الْقُرْآنِ وَبِعَطْفِ ( وَكِتَابٍ ) عَلَى ( الْقُرْآنِ ) وَبِتَنْكِيرِ ( كِتَابٍ ) .
فَأَمَّا ذِكْرُ اسْمِ الْقُرْآنِ فَلِأَنَّهُ عَلَمٌ لِلْكِتَابِ الَّذِي
nindex.php?page=treesubj&link=31011أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْإِعْجَازِ وَالْهَدْيِ . وَهَذَا الْعَلَمُ يُرَادِفُ الْكِتَابَ الْمُعَرَّفَ بِلَامِ الْعَهْدِ الْمَجْعُولِ عَلَمًا بِالْغَلَبَةِ عَلَى الْقُرْآنِ ، إِلَّا أَنَّ اسْمَ الْقُرْآنِ أَدْخَلُ فِي التَّعْرِيفِ ; لِأَنَّهُ عَلَمٌ مَنْقُولٌ . وَأَمَّا الْكِتَابُ فَعَلَمٌ بِالْغَلَبَةِ ، فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=1وَكِتَابٍ مُبِينٍ ) الْقُرْآنُ أَيْضًا وَلَا وَجْهَ لِتَفْسِيرِهِ بِاللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ لِلتَّفَصِّي مِنْ إِشْكَالِ عَطْفِ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ ; لِأَنَّ التَّفَصِّيَ مِنْ ذَلِكَ حَاصِلٌ بِأَنَّ عَطْفَ إِحْدَى صِفَتَيْنِ عَلَى أُخْرَى كَثِيرٌ فِي الْكَلَامِ . وَلِمَا كَانَ فِي كُلٍّ مِنَ ( الْقُرْآنِ ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=1وَكِتَابٍ مُبِينٍ ) شَائِبَةُ الْوَصْفِ فَالْأَوَّلُ بِاشْتِقَاقِهِ مِنَ الْقِرَاءَةِ ، وَالثَّانِي بِوَصْفِهِ بِ ( مُبِينٍ ) ، كَانَ عَطْفُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ رَاجِعًا إِلَى عَطْفِ الصِّفَاتِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ ، وَإِنَّمَا لَمْ يُؤْتَ بِالثَّانِي بَدَلًا ; لِأَنَّ الْعَطْفَ أَعْلَقُ بِاسْتِقْلَالِ كِلَا الْمُتَعَاطِفَيْنِ بِأَنَّهُ مَقْصُودٌ فِي الْكَلَامِ بِخِلَافِ الْبَدَلِ .
وَنَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ آيَةُ سُورَةِ الْحِجْرِ
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=1تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ فَإِنَّ ( قُرْآنٍ ) فِي تِلْكَ الْآيَةِ فِي مَعْنَى عَطْفِ الْبَيَانِ مِنَ ( الْكِتَابِ ) وَلَكِنَّهُ عَطْفٌ لِقَصْدِ جَمْعِهِمَا بِإِضَافَةِ ( آيَاتٍ ) إِلَيْهِمَا .
[ ص: 218 ] وَإِنَّمَا قَدَّمَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْقُرْآنَ وَعَطَفَ عَلَيْهِ ( كِتَابٍ مُبِينٍ ) عَلَى عَكْسِ مَا فِي طَالِعَةِ سُورَةِ الْحِجْرِ ; لِأَنَّ الْمَقَامَ هُنَا مَقَامُ التَّنْوِيهِ بِالْقُرْآنِ وَمُتَّبِعِيهِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَلِذَلِكَ وُصِفَ بِأَنَّهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=2هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ) أَيْ : بِأَنَّهُمْ عَلَى هُدًى فِي الْحَالِ وَمُبَشَّرُونَ بِحُسْنِ الِاسْتِقْبَالِ فَكَانَ الْأَهَمُّ هُنَا لِلَوْحِي الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْآيَاتِ هُوَ اسْتِحْضَارُهُ بِاسْمِهِ الْعَلَمِ الْمَنْقُولِ مِنْ مَصْدَرِ الْقِرَاءَةِ ; لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ تُنَاسِبُ حَالَ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ وَالْمُتَقَبِّلِينَ لِآيَاتِهِ فَهُمْ يَدْرُسُونَهَا وَلِأَجْلِ ذَلِكَ أُدْخِلَتِ اللَّامُ لِلَمْحِ الْأَصْلِ ، تَذْكِيرًا بِأَنَّهُ مَقْرُوءٌ مَدْرُوسٌ . ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ ( كِتَابٍ مُبِينٍ ) لِيَكُونَ التَّنْوِيهُ بِهِ جَامِعًا لِعُنْوَانَيْهِ وَمُسْتَكْمِلًا لِلدَّلَالَةِ بِالتَّعْرِيفِ عَلَى مَعْنَى الْكَمَالِ فِي نَوْعِهِ مِنَ الْمَقْرُوءَاتِ ، وَالدَّلَالَةِ بِالتَّنْكِيرِ عَلَى مَعْنَى تَفْخِيمِهِ بَيْنَ الْكُتُبِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=48مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ .
وَأَمَّا مَا فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْحِجْرِ فَهُوَ مَقَامُ التَّحْسِيرِ لِلْكَافِرِينَ مِنْ جَرَّاءَ إِعْرَاضِهِمْ عَنِ الْإِسْلَامِ فَنَاسَبَ أَنْ يَبْتَدِئُوا بِاسْمِ الْكِتَابِ الْمُشْتَقِّ مِنَ الْكِتَابَةِ دُونَ الْقُرْآنِ ؛ لِأَنَّهُمْ بِمَعْزِلٍ عَنْ قِرَاءَتِهِ وَلَكِنَّهُ مَكْتُوبٌ ، وَحُجَّةٌ عَلَيْهِمْ بَاقِيَةٌ عَلَى مَرِّ الزَّمَانِ . وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْحِجْرِ ، وَلِهَذَا عَقَّبَ هُنَا ذِكْرَ ( كِتَابٍ مُبِينٍ ) بِالْحَالِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=2هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ) .
وَ ( مُبِينٍ ) اسْمُ فَاعِلٍ إِمَّا مِنْ ( أَبَانَ ) الْقَاصِرِ بِمَعْنَى ( بَانَ ) ; لِأَنَّ وَصْفَهُ بِأَنَّهُ بَيِّنٌ وَاضِحٌ لَهُ حَظٌّ مِنَ التَّنْوِيهِ بِهِ مَا لَيْسَ مِنَ الْوَصْفِ بِأَنَّهُ مُوَضِّحٌ مُبَيِّنٌ . فَالْمُبِينُ أَفَادَ مَعْنَيَيْنِ أَحَدَهُمَا : أَنَّ شَوَاهِدَ صِدْقِهِ وَإِعْجَازِهِ وَهَدْيِهِ لِكُلِّ مُتَأَمِّلٍ ، وَثَانِيهِمَا أَنَّهُ مُرْشِدٌ وَمُفَصِّلٌ .