الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء لا يقضي القاضي وهو غضبان

                                                                                                          1334 حدثنا قتيبة حدثنا أبو عوانة عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال كتب أبي إلى عبيد الله بن أبي بكرة وهو قاض أن لا تحكم بين اثنين وأنت غضبان فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يحكم الحاكم بين اثنين وهو غضبان قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وأبو بكرة اسمه نفيع

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( وهو قاض ) أي : بسجستان كما في رواية مسلم ( لا يحكم الحاكم بين اثنين ) أي : متخاصمين ( وهو غضبان ) بلا تنوين أي : في حالة الغضب ؛ لأنه لا يقدر على الاجتهاد والفكر في مسألتهما ، قال ابن دقيق العيد : النهي عن الحكم ـ حالة الغضب ـ لما يحصل بسببه من التغير الذي يختل به النظر فلا يحصل استيفاء الحكم على الوجه ، قال : وعداه الفقهاء بهذا المعنى إلى كل ما يحصل به تغير الفكر كالجوع والعطش المفرطين ، وغلبة النعاس وسائر ما يتعلق به القلب تعلقا يشغله عن استيفاء النظر ، وهو قياس مظنة على مظنة ، وقد أخرج البيهقي بسند ضعيف عن أبي سعيد رفعه : لا يقضي القاضي إلا هو شبعان ريان ، وسبب ضعفه أن في إسناده القاسم العمري ، وهو متهم بالوضع ، وظاهر النهي التحريم ، ولا موجب لصرفه عن معناه الحقيقي إلى [ ص: 470 ] الكراهة فلو خالف الحاكم فحكم في حال الغضب ، فذهب الجمهور إلى أنه يصح إن صادف الحق ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قضى للزبير في حال الغضب كما في حديث عبد الله بن الزبير عن أبيه . فكأنهم جعلوا ذلك قرينة صارفة للنهي إلى الكراهة ، قال الشوكاني : ولا يخفى أنه لا يصح إلحاق غيره صلى الله عليه وسلم به في مثل ذلك ؛ لأنه معصوم عن الحكم بالباطل في رضائه وغضبه ، بخلاف غيره فلا عصمة تمنعه عن الخطأ ، ولهذا ذهب بعضهم إلى أنه لا ينفذ الحكم في حال الغضب لثبوت النهي عنه ، والنهي يقتضي الفساد ، وفصل بعضهم بين أن يكون الغضب طرأ عليه بعد أن استبان له الحكم فلا يؤثر ، وإلا فهو محل الخلاف ، قال الحافظ ابن حجر ، وهو تفصيل معتبر .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان ( وأبو بكرة اسمه نفيع ) بضم النون وفتح الفاء مصغرا صحابي مشهور بكنيته .




                                                                                                          الخدمات العلمية