nindex.php?page=treesubj&link=28998_32416_28899_29568nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=76إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون إبطال لقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين وله مناسبة بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=75وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين فإن القرآن وحي من عند الله إلى رسوله
محمد صلى الله عليه وسلم فكل ما فيه فهو من آثار علم الله تعالى فإذا أراد الله تعليم المسلمين شيئا مما يشتمل عليه القرآن فهو العلم الحق إذا بلغت الأفهام إلى إدراك المراد منه على حسب مراتب الدلالة التي أصولها في علم العربية وفي علم أصول الفقه .
ومن ذلك ما اشتمل عليه القرآن من تحقيق أمور الشرائع الماضية والأمم الغابرة مما خبطت فيه كتب
بني إسرائيل خبطا من جراء ما طرأ على كتبهم من التشتت والتلاشي وسوء النقل من لغة إلى لغة في عصور انحطاط
الأمة الإسرائيلية ، ولما في القرآن من الأصول الصريحة في الإلهيات مما يكشف سوء تأويل
بني إسرائيل لكلمات كتابهم في متشابه التجسيم ونحوه فإنك لا تجد في التوراة ما يساوي قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11ليس كمثله شيء فالمعنى : نفي أن يكون أساطير الأولين بإثبات أنه تعليم للمؤمنين ، وتعليم لأهل الكتاب . وإنما قص عليهم أكثر ما اختلفوا وهو ما في بيان الحق منه نفع للمسلمين ، وأعرض عما دون ذلك . فموقع هذه الآية استكمال نواحي هدي القرآن للأمم فإن السورة افتتحت بأنه هدى وبشرى للمؤمنين وأن المشركين الذين لا يؤمنون بالآخرة يعمهون في ضلالهم فلم ينتفعوا بهديه . فاستكملت هذه الآية ما جاء به من هدي
بني إسرائيل لما يهم مما اختلفوا فيه .
والتأكيد بـ " إن " مثل ما تقدم في نظائره . وأكثر الذي يختلفون فيه هو ما جاء في القرآن من إبطال قولهم فيما يقتضي إرشادهم إلى الحق أن يبين لهم ، وغير
[ ص: 31 ] الأكثر ما لا مصلحة في بيانه لهم .
ومن مناسبة التنبيه على أن القرآن يقص على
بني إسرائيل أكثر ما هم فيه مختلفون ، أن ما قصه مما جرى بين ملكة
سبأ مع
سليمان كان فيه مما يخالف ما في كتاب الملوك الأول وكتاب الأيام الثاني ففي ذينك الكتابين أن ملكة
سبأ تحملت وجاءت إلى
أورشليم من تلقاء نفسها محبة منها في الاطلاع على ما بلغ مسامعها من عظمة ملك
سليمان وحكمته ، وأنها بعد ضيافتها عند
سليمان قفلت إلى مملكتها . وليس مما يصح في حكم العقل وشواهد التاريخ في تلك العصور أن ملكة عظيمة كملكة
سبأ تعمد إلى الارتحال عن بلدها وتدخل بلد ملك آخر غير هائبة ، لولا أنها كانت مضطرة إلى ذلك بسياسة ارتكاب أخف الضرين إذ كان
سليمان قد ألزمها بالدخول في دائرة نفوذ ملكه ، فكان حضورها لديه استلاما واعترافا له بالسيادة بعد أن تنصلت من ذلك بتوجيه الهدية وبعد أن رأت العزم من
سليمان على وجوه امتثال أمره .
ومن العجيب إهمال كتاب
اليهود دعوة
سليمان بلقيس إلى عقيدة التوحيد وهل يظن بنبيء أن يقر الشرك على منتحليه .
nindex.php?page=treesubj&link=28998_32416_28899_29568nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=76إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِبْطَالٌ لِقَوْلِ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ وَلَهُ مُنَاسَبَةٌ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=75وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ فَإِنَّ الْقُرْآنَ وَحْيٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِلَى رَسُولِهِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكُلُّ مَا فِيهِ فَهُوَ مِنْ آثَارِ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَعْلِيمَ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا مِمَّا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ فَهُوَ الْعِلْمُ الْحَقُّ إِذَا بَلَغَتِ الْأَفْهَامُ إِلَى إِدْرَاكِ الْمُرَادِ مِنْهُ عَلَى حَسَبِ مَرَاتِبِ الدَّلَالَةِ الَّتِي أُصُولُهَا فِي عِلْمِ الْعَرَبِيَّةِ وَفِي عِلْمِ أُصُولِ الْفِقْهِ .
وَمِنْ ذَلِكَ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ مِنْ تَحْقِيقِ أُمُورِ الشَّرَائِعِ الْمَاضِيَةِ وَالْأُمَمِ الْغَابِرَةِ مِمَّا خَبَطَتْ فِيهِ كُتُبُ
بَنِي إِسْرَائِيلَ خَبْطًا مِنْ جَرَّاءِ مَا طَرَأَ عَلَى كُتُبِهِمْ مِنَ التَّشَتُّتِ وَالتَّلَاشِي وَسُوءِ النَّقْلِ مِنْ لُغَةٍ إِلَى لُغَةٍ فِي عُصُورِ انْحِطَاطِ
الْأُمَّةِ الْإِسْرَائِيلِيَّةِ ، وَلِمَا فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْأُصُولِ الصَّرِيحَةِ فِي الْإِلَهِيَّاتِ مِمَّا يَكْشِفُ سُوءَ تَأْوِيلِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ لِكَلِمَاتِ كِتَابِهِمْ فِي مُتَشَابِهِ التَّجْسِيمِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّكَ لَا تَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ مَا يُسَاوِي قَوْلَهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فَالْمَعْنَى : نَفْيُ أَنْ يَكُونَ أَسَاطِيرَ الْأَوَّلِينَ بِإِثْبَاتِ أَنَّهُ تَعْلِيمٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ، وَتَعْلِيمٌ لِأَهْلِ الْكِتَابِ . وَإِنَّمَا قَصَّ عَلَيْهِمْ أَكْثَرَ مَا اخْتَلَفُوا وَهُوَ مَا فِي بَيَانِ الْحَقِّ مِنْهُ نَفْعٌ لِلْمُسْلِمِينَ ، وَأَعْرَضَ عَمَّا دُونَ ذَلِكَ . فَمَوْقِعُ هَذِهِ الْآيَةِ اسْتِكْمَالُ نَوَاحِي هَدْيِ الْقُرْآنِ لِلْأُمَمِ فَإِنَّ السُّورَةَ افْتُتِحَتْ بِأَنَّهُ هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ وَأَنَّ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يَعْمَهُونَ فِي ضَلَالِهِمْ فَلَمْ يَنْتَفِعُوا بِهَدْيِهِ . فَاسْتَكْمَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مَا جَاءَ بِهِ مِنْ هَدْيِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ لِمَا يُهِمُّ مِمَّا اخْتَلَفُوا فِيهِ .
وَالتَّأْكِيدُ بِـ " إِنَّ " مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ فِي نَظَائِرِهِ . وَأَكْثَرُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ هُوَ مَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ إِبْطَالِ قَوْلِهِمْ فِيمَا يَقْتَضِي إِرْشَادُهُمْ إِلَى الْحَقِّ أَنْ يُبَيَّنَ لَهُمْ ، وَغَيْرُ
[ ص: 31 ] الْأَكْثَرِ مَا لَا مَصْلَحَةَ فِي بَيَانِهِ لَهُمْ .
وَمِنْ مُنَاسَبَةِ التَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى
بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ مَا هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ ، أَنَّ مَا قَصَّهُ مِمَّا جَرَى بَيْنَ مَلِكَةِ
سَبَأٍ مَعَ
سُلَيْمَانَ كَانَ فِيهِ مِمَّا يُخَالِفُ مَا فِي كِتَابِ الْمُلُوكِ الْأَوَّلِ وَكِتَابِ الْأَيَّامِ الثَّانِي فَفِي ذَيْنِكَ الْكِتَابَيْنِ أَنَّ مَلِكَةَ
سَبَأٍ تَحَمَّلَتْ وَجَاءَتْ إِلَى
أُورَشْلِيمَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهَا مَحَبَّةً مِنْهَا فِي الِاطِّلَاعِ عَلَى مَا بَلَغَ مَسَامِعَهَا مِنْ عَظَمَةِ مُلْكِ
سُلَيْمَانَ وَحِكْمَتِهِ ، وَأَنَّهَا بَعْدَ ضِيَافَتِهَا عِنْدَ
سُلَيْمَانَ قَفَلَتْ إِلَى مَمْلَكَتِهَا . وَلَيْسَ مِمَّا يَصِحُّ فِي حُكْمِ الْعَقْلِ وَشَوَاهِدِ التَّارِيخِ فِي تِلْكَ الْعُصُورِ أَنَّ مَلِكَةً عَظِيمَةً كَمَلِكَةِ
سَبَأٍ تَعْمِدُ إِلَى الِارْتِحَالِ عَنْ بَلَدِهَا وَتَدْخُلُ بَلَدَ مَلِكٍ آخَرَ غَيْرَ هَائِبَةٍ ، لَوْلَا أَنَّهَا كَانَتْ مُضْطَرَّةً إِلَى ذَلِكَ بِسِيَاسَةِ ارْتِكَابِ أَخَفِّ الضُّرَّيْنِ إِذْ كَانَ
سُلَيْمَانُ قَدْ أَلْزَمَهَا بِالدُّخُولِ فِي دَائِرَةِ نُفُوذِ مُلْكِهِ ، فَكَانَ حُضُورُهَا لَدَيْهِ اسْتِلَامًا وَاعْتِرَافًا لَهُ بِالسِّيَادَةِ بَعْدَ أَنْ تَنَصَّلَتْ مِنْ ذَلِكَ بِتَوْجِيهِ الْهَدِيَّةِ وَبَعْدَ أَنْ رَأَتِ الْعَزْمَ مِنْ
سُلَيْمَانَ عَلَى وُجُوهِ امْتِثَالِ أَمْرِهِ .
وَمِنَ الْعَجِيبِ إِهْمَالُ كِتَابِ
الْيَهُودِ دَعْوَةَ
سُلَيْمَانَ بِلْقِيسَ إِلَى عَقِيدَةِ التَّوْحِيدِ وَهَلْ يُظَنُّ بِنَبِيءٍ أَنْ يُقِرَّ الشِّرْكَ عَلَى مُنْتَحِلِيهِ .