الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى :

                                                                                                                                                                                                                                      أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما [ ص: 4600 ] خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما [75 - 77] .

                                                                                                                                                                                                                                      أولئك إشارة إلى المتصفين بما ذكر . خبر لعباد الرحمن أو مبتدأ خبره : يجزون الغرفة بما صبروا أي : على مشاق المجاهدات في الدعوة إلى الخيرات ، والدأب على الخيرات ، واجتناب المحظورات . والغرفة الدرجة العليا من المنازل في الجنة : ويلقون فيها تحية وسلاما أي : تحييهم الملائكة وتسلم عليهم . أو يحيي بعضهم بعضا ويسلم عليه . والقصد أنهم يلقون فيها التوقير والاحترام ، فلهم السلام وعليهم السلام : خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما لسلامة أهلها عن الآفات ، وخلودهم أبد الآباد .

                                                                                                                                                                                                                                      قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم أي : لا يبالي بكم ولا يبقيكم إلا إذا عبدتموه وآمنتم به وحده . فالدعاء بمعنى العبادة ، كما مر .

                                                                                                                                                                                                                                      ثم أشار إلى أنه كيف يمكن العبء بهم ، أو يتصور ، وقد وجد منهم ما ينافيه ، بقوله تعالى : فقد كذبتم أي : بما جاءكم من الحق . أي : وقد تلي عليكم سنة من كذب وأصر : فسوف يكون لزاما اللزام : مصدر مؤول باسم الفاعل أتى به للمبالغة . أي : فسوف يكون هذا النبأ أو الذكر الحكيم ، أو الأمر الجليل ، أمر الرسالة ، لازما وثابتا . يفتح من الحق رتاجا . وتدخل الناس في دين الله أفواجا . ولقد صدق الله وعده . ونصر عبده وأعز جنده . هزم الأحزاب وحده . نسأله تعالى خير ما عنده .

                                                                                                                                                                                                                                      تم هذا الجزء بحمده تعالى ، ضحوة السبت في 8 صفر الخير ، في سدة جامع السنانية بدمشق عام 1325 بيد جامعه الفقير محمد جمال الدين بن محمد سعيد بن قاسم بن صالح ، القاسمي الدمشقي عفا عنه مولاه . آمين

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية