الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قوله ( إن تسريت أمة فهي حرة صح لو في ملكه وإلا لا ) أي ، وإن لم يكن في ملكه لم يصح التعليق ; لأنها إن كانت في ملكه فقد انعقدت اليمين في حقها لمصادفتها الملك ، وهذا ; لأن الجارية منكرة في هذا الشرط فتتناول لكل جارية على الانفراد . وأما إذا اشترى جارية وتسراها فإنها لا تعتق خلافا لزفر فإنه يقول التسري لا يصح إلا في الملك فكان ذكره ذكرا لملك فصار كما إذا قال لأجنبية إن طلقتك فعبدي حر يصير التزوج مذكورا ، ولنا أن الملك يصير مذكورا ضرورة صحة التسري ، وهو شرط فيتقدر بقدره ، ولا يظهر في حق صحة الجزاء [ ص: 374 ] هو الحرية .

                                                                                        وفي مسألة الطلاق إنما يظهر في حق الشرط دون الجزاء حتى لو قال لها إن طلقتك فأنت طالق ثلاثا فتزوجها وطلقها واحدة لا تطلق ثلاثا فهذا وزان مسألتنا قيد بقوله فهي حرة ; لأنه لو قال إن تسريت أمة فأنت طالق أو عبدي حر فتسرى من في ملكه أو من اشتراه بعد التعليق ، وأنها تطلق ويعتق العبد لوجود الشرط بلا مانع قال في التبيين لو قال لأمة إن تسريت بك فعبدي حر فاشتراها فتسرى بها عتق عبده الذي كان في ملكه وقت الحلف ، ولا يعتق من اشتراه بعده . ا هـ .

                                                                                        فاحفظ هذا فإن بعض أهل العصر قاس مسألة تعليق الطلاق بالتسري على مسألة المختصر ، وهو غلط فاحش ; لأن المنكوحة يصح تعليق طلاقها بأي شرط كان .

                                                                                        ثم اعلم أن التسري هنا تفعل من السرية ، وهو اتخاذها والسرية إن كانت من السرور فإنها تسر بهذه الحالة ويسر هو بها أو من السرو والسيادة فضم سينها على الأصل وإن كانت من السر بمعنى الجماع أو بمعنى ضد الجهر فإنها قد تخفى على الزوجات الحرائر فضمها من تغييرات النسب كما قالوا دهري بالضم في النسبة إلى الدهر ، وفي النسبة إلى السهل من الأرض سهلي بالضم والفعل منه بحسب اعتبار مصدره ، ومعنى التسري عند أبي حنيفة ومحمد أن يحصن أمته ويعدها للجماع أفضى إليها بمائه أو عزل عنها ، وعند أبي يوسف أن لا يعزل ماءه مع ذلك فعرف أنه لو وطئ أمة له ، ولم يفعل ما ذكرناه من التحصين والإعداد لا يكون تسريا ، وإن لم يعزل عنها وإن علقت منه ، ولو حلف لا يتسرى فاشترى جارية فحصنها ووطئها حنث ذكره القدوري في التجريد عن أبي حنيفة ومحمد كذا في فتح القدير .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية