الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                              قوله تعالى: ولمن خاف مقام ربه جنتان

                                                                                                                                                                                              وقد ضمن الله سبحانه الجنة لمن خافه من أهل الإيمان، فقال تعالى: ولمن خاف مقام ربه جنتان قال مجاهد : في هذه الآية: الله قائم على كل نفس بما كسبت، فمن أراد أن يعمل شيئا فخاف مقام ربه عليه، فله جنتان . وعنه أنه قال: هو الرجل يذنب فيذكر مقام الله فيدعه . وعنه قال: هو الرجل يهم بالمعصية فيذكر الله فيتركها . [ ص: 327 ] وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : وعد الله المؤمنين الذين خافوا مقامه وأدوا فرائضه الجنة .

                                                                                                                                                                                              وعن الحسن، قال: قالت الجنة: يا رب لمن خلقتني، قال: لمن يعبدني وهو يخافني .

                                                                                                                                                                                              وقال يزيد بن عبد الله بن الشخير: كنا نحدث أن صاحب النار الذي لا تمنعه مخافة الله من شيء خفي له .

                                                                                                                                                                                              وعن وهب بن منبه ، قال: ما عبد الله بمثل الخوف .

                                                                                                                                                                                              وقال أبو سليمان الداراني : أصل كل خير في الدنيا والآخرة الخوف من الله عز وجل، وكل قلب ليس فيه خوف الله فهو قلب خرب .

                                                                                                                                                                                              وقال وهيب بن الورد : بلغنا أنه ضرب لخوف الله مثل في الجسد، قيل: إنما مثل خوف الله، كمثل الرجل يكون في منزله فلا يزال عامرا ما دام فيه ربه، فإذا فارق المنزل ربه وسكنه غيره خرب المنزل، وكذلك خوف الله تعالى، إذا كان في جسد لم يزل عامرا ما دام فيه خوف الله، فإذا فارق خوف الله الجسد خرب، حتى إن المار يمر بالمجلس من الناس فيقولون: بئس العبد فلان، فيقول بعضهم لبعض: ما رأيتم منه؟ فيقولون: ما رأينا منه شيئا غير أنا نبغضه، وذلك أن خوف الله فارق جسده، وإذا مر بهم الرجل فيه خوف الله، قالوا: نعم - والله - الرجل، فيقولون: أي شيء رأيتم منه؟ فيقولون: ما رأينا منه شيئا غير أنا نحبه .

                                                                                                                                                                                              وقال الفضيل بن عياض : الخوف أفضل من الرجاء ما كان الرجل صحيحا، فإذا نزل الموت فالرجاء أفضل . [ ص: 328 ] وسئل ابن المبارك عن رجلين، أحدهما خائف والآخر قتيل في سبيل الله عز وجل، قال: أحبهما إلي أخوفهما .

                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية