الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              1472 1547 - حدثنا قتيبة، حدثنا عبد الوهاب، حدثنا أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر بالمدينة أربعا، وصلى العصر بذي الحليفة ركعتين، قال: وأحسبه بات بها حتى أصبح. [انظر: 1089- مسلم: 690 - فتح: 3 \ 407]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ثم ذكر حديث أنس قال: صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة أربعا، وبذي الحليفة ركعتين، ثم بات حتى أصبح بذي الحليفة، فلما ركب راحلته واستوت به أهل.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر بالمدينة أربعا، وصلى العصر بذي الحليفة ركعتين، قال وأحسبه بات بها حتى أصبح.

                                                                                                                                                                                                                              الشرح:

                                                                                                                                                                                                                              أما حديث ابن عمر فسلف في باب خروجه - عليه السلام - على طريق الشجرة مسندا .

                                                                                                                                                                                                                              وأما حديث أنس الأول فهو من طريق ابن جريج: حدثني محمد بن المنكدر عنه [ ص: 144 ] قال الدارقطني في "علله": وقوله: ثم بات، إلى آخره، زيادة ليست بمحفوظة عن ابن المنكدر، ولم يذكرها غير ابن جريج. وقال يحيى القطان: إنه وهم. وأما رواية عيسى بن يونس، عن ابن جريج، عن الزهري، عن أنس فوهم في ذكر الزهري، والصحيح أنه من رواية ابن جريج عن ابن المنكدر .

                                                                                                                                                                                                                              وحديثه الثاني من طريق عبد الوهاب، ثنا أيوب، عن أبي قلابة عنه.

                                                                                                                                                                                                                              وذكره بعد في باب: رفع الصوت بالإهلال ، من حديث حماد بن زيد، عن أيوب .

                                                                                                                                                                                                                              وبعده في باب: التحميد ، من حديث وهيب ثنا أيوب به مطولا، وفي آخره: قال أبو عبد الله: قال بعضهم: هذا عن أيوب، عن رجل، عن أنس .

                                                                                                                                                                                                                              قال الإسماعيلي: لم يقع في حديث حماد بن زيد عن أيوب، وأحمد بن إسحاق الحضرمي، وسليمان بن عبد الجبار عن وهيب، وغيره ذكر التسبيح والتكبير، ورواه حماد بن سلمة عن أيوب به قال: وبات بها حتى أصبح، فلما استوت به راحلته سبح وكبر حين استوت به راحلته.

                                                                                                                                                                                                                              والتعليق الذي أشار إليه البخاري ذكره مسندا في باب نحر البدن قياما .

                                                                                                                                                                                                                              والرجل القائل: (وأحسبه) هو أبو قلابة والله أعلم. وعند الحميدي، [ ص: 145 ] وفي رواية عبد الوهاب، وعن أيوب: وأحسبه بات بها حتى أصبح، يعني: المخرج عنه البخاري أيضا في الحج والجهاد عن قتيبة حدثنا عبد الوهاب به .

                                                                                                                                                                                                                              قال الحميدي: وفي رواية حماد بن زيد عن أيوب: وسمعتهم يصرخون بها جميعا . وادعى المزي أن عند البخاري من حديث حماد عن أيوب: وأحسبه بات بها حتى أصبح . ثم إنه خرج هذا الحديث ها هنا، وفي الجهاد في باب: الخروج بعد الظهر من حديث حماد، عن أيوب، وليس فيهما ما ذكره المزي.

                                                                                                                                                                                                                              إذا تقرر ذلك فالكلام عليه من أوجه:

                                                                                                                                                                                                                              أحدها:

                                                                                                                                                                                                                              هذا المبيت ليس هو من سنن الحج، وإنما هو من جهة الرفق بأمته; ليلحق به من تأخر عنه في السير، ويدركه من لم يمكنه الخروج معه.

                                                                                                                                                                                                                              ثانيها:

                                                                                                                                                                                                                              قوله: (صلى بالمدينة أربعا وبذي الحليفة ركعتين) يعني: العصر كما بينه في الحديث الآتي، وإنما قصر بها هنا; لأنه مسافر، وإن لم يبلغ إلى موضع المشقة منه. فإذا خرج عن مصره قصر.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: أن سنة الإهلال أن يكون بعد صلاة، كذا في "شرح ابن بطال" . والحديث لا تعرض له لذلك، وكذا قال ابن التين.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 146 ] قوله: (ثم بات بها حتى أصبح بذي الحليفة، فلما ركب راحلته واستوت به أهل). ظاهره أنه أحرم إثر المكتوبة; لأنه إذا صلى الصبح لم يركع بعدها للإحرام; لأنه وقت كراهة.

                                                                                                                                                                                                                              ثالثها:

                                                                                                                                                                                                                              قوله: (فلما ركب راحلته واستوت به أهل). يريد أن تستقل قائمة، وهذا هو الاستواء، والانبعاث: أخذها في القيام، واستواؤها هو كمال القيام، كذا في ابن التين. والظاهر أن المراد بالانبعاث أخذها في السير، وقد سلف ما فيه في باب الإهلال.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية