الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                      2085 أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك قال حدثنا أبو هشام قال حدثنا وهيب بن خالد أبو بكر قال حدثنا ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يحشر الناس يوم القيامة على ثلاث طرائق راغبين راهبين اثنان على بعير وثلاثة على بعير وأربعة على بعير وعشرة على بعير وتحشر بقيتهم النار تقيل معهم حيث قالوا وتبيت معهم حيث باتوا وتصبح معهم حيث أصبحوا وتمسي معهم حيث أمسوا

                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                      2085 ( يحشر الناس يوم القيامة على ثلاث طرائق راغبين راهبين اثنان على بعير , الحديث ) قال القاضي عياض : [ ص: 116 ] هذا المحشر في الدنيا قبل قيام الساعة , وهو آخر أشراطها ويدل على أنه قبل يوم القيامة , قوله : ( وتحشر بقيتهم النار تقيل معهم حيث قالوا , وتبيت معهم حيث باتوا , وتصبح معهم حيث أصبحوا , وتمسي معهم حيث أمسوا ) , وفي حديث مسلم في أشراط الساعة : وآخر ذلك نار تخرج من قعر عدن ترحل الناس , وفي رواية : تطرد الناس إلى محشرهم , وفي حديث آخر : لا تقوم الساعة حتى تخرج النار من أرض الحجاز , وفي بعض الروايات في غير مسلم : فإذا سمعتم بها فاخرجوا إلى الشام , كأنه أمر بسبقها إليه قبل إزعاجها لهم , وذكر الحليمي أن ذلك في الآخرة فقال : يحتمل أن قوله عليه الصلاة والسلام : يحشر الناس على ثلاث طرائق , إشارة إلى الأبرار والمخلطين والكفار , فالأبرار : الراغبون إلى الله تعالى فيما أعد لهم من ثوابه , والراهبون : هم الذين بين الخوف والرجاء , فأما الأبرار , فإنهم يؤتون بالنجائب , وأما المخلطون فهم الذين أريدوا في هذا الحديث , وقيل : إنهم يحملون على الأبعرة , وأما الفجار الذين تحشرهم النار , فإن الله تعالى يبعث إليهم ملائكة فتقيض لهم نارا تسوقهم , ولم يرد في الحديث إلا ذكر البعير , وأما أن ذلك من إبل الجنة , أو من الإبل التي تحيا , وتحشر يوم القيامة , فهذا ما لم يأت بيانه , والأشبه أن لا تكون من نجائب الجنة ؛ لأن من خرج من جملة الأبرار , وكان مع ذلك من جملة المؤمنين , فإنهم بين الخوف والرجاء ؛ لأن من هؤلاء من يغفر الله له ذنوبه فيدخله الجنة , ومنهم من يعاقبه بالنار , ثم يخرجه منها ويدخله الجنة , وإذا كانوا كذلك لم يلق أن يردوا موقف الحساب على نجائب الجنة , ثم ينزل الله بعضهم إلى النار ؛ لأن من [ ص: 117 ] أكرمه الله بالجنة لم يهنه بعد ذلك بالنار , وإلى هذا القول ذهب الغزالي قال القرطبي في التذكرة : وما ذكره القاضي عياض من أن ذلك في الدنيا أظهر لما في الحديث نفسه من ذكر المساء والصباح , والمبيت والقائلة , وليس ذلك في الآخرة .




                                                                                                      الخدمات العلمية