الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          وقد قال (تعالى) في جزائهم: أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون ؛ الإشارة إلى الحاملين لأوصاف السبق عند الله (تعالى)؛ الذين هم من خشية ربهم مشفقون؛ والذين هم يذعنون لدلائل آيات ربهم؛ ولا يشركون شيئا في [ ص: 5088 ] العبادة؛ والذين يقطعون من أموالهم للفقراء؛ ويوجلون إذ يعلمون أنهم إلى ربهم راجعون؛ هؤلاء بهذه الصفات التي تسمو بهم يسارعون في الخيرات؛ لأنهم يتنقلون في وسط صفات سامية؛ فيتنقلون مسرعين في وسط خيرات؛ ويلاحظ هنا أن التعدية بـ " في " ؛ تفيد أنهم ينتقلون من مرتبة خير إلى أعلى منها؛ مسارعين بهذه الصفات السامية؛ فهم وسط دائرة الخير دائما يتنقلون في درجاتها؛ أو الخير يمهد للخير؛ وكل خير يمهد إلى أعلى منه؛ وهم لها سابقون ؛ الجملة حال من فاعل يسارعون ؛ فهم بهذه المسارعة المتنقلة بهم من خير إلى خير يسابقون إليها؛ وكأنما يسبقون إلى الجزاء الأوفى؛ والنعيم؛ فجزاء المسارعة في الخير؛ سبق إليه؛ والضمير يعود إلى الخيرات؛ والمعنى أن السبق إلى الخير هو نفسه خير؛ وينتهي إلى جزائه؛ فهؤلاء يبتدئ جزاؤهم من أعمالهم براحة ضمائرهم؛ واستمتاعهم برضا ربهم؛ وإحساسهم بإنسانيتهم الكريمة؛ فالخير جزاؤه يبتدئ من ذات فعله؛ وينتهي به إلى النعيم يوم القيامة.

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية