الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1332 - وعن أبي أمامة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أذن الله لعبد في شيء أفضل من الركعتين يصليهما ، وإن البر ليذر على رأس العبد ما دام في صلاته ، وما تقرب العباد إلى الله بمثل ما خرج منه " ، يعني القرآن . رواه أحمد ، والترمذي .

التالي السابق


1332 - ( وعن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أذن الله ) : من أذنت الشيء أصغيت له ، والمراد هنا غاية الإصغاء ، وهي الإقبال باللطف والرحمة والرضا ، أي : ما قبل ( لعبد في شيء ) ، أي : من العبادات ( أفضل من ركعتين يصليهما ) : يعني : أفضل العبادات الصلاة ، كما ورد في الصحيح : الصلاة خير موضوع ، أي : خير من كل ما وضعه الله لعباده ليتقربوا إليه ، وفي قوله : ( أذن ) المفسر ( بأقبل ) إشارة إلى أنه يجب على العبد أن يكون في مناجاته مع ربه مقبلا على الله بكليته ولسانه وقلبه وقالبه . ( وإن البر ليذر ) : بالذال المعجمة والراء المشددة على بناء المجهول ، أي : ينثر ويفرق من قولهم : ذررت الحب والملح ، أي : فرقته ، وفي بعض النسخ ليدر بالدال المهملة وضمها ، أي : لينزل وهو مشاكل للصواب ، لكنه تصحيف ، والرواية هو الأول ، قال الطيبي : وهو مع كونه هو الرواية أنسب من الدر بالمهملة ; لأنه أشمل منه لاختصاص الدر ، أي : الصب بالمائع وعموم الذر ، قال التوربشتي : الدر بالدال المهملة تصحيف ، وهو في المعنى مشاكل إلا أن الرواية لم تساعده .

قال ابن حجر ; لأن الأنسب بالمقام تخريجه على التشبيه بملك كريم أراد الإحسان إلى عبد أحسن خدمته ورضي عنه ، فاللائق به أن يكون إحسانه إليه بنثر الجواهر النفيسة على رأسه إعظاما له ، وإشهارا لمرتبته ، ويؤيده ذكر الرأس في قوله : ( على رأس العبد ) ، أي : ينزل الرحمة والثواب الذي هو أثر البر على المصلي ، ( ما دام في صلاته ، وما تقرب العباد ) ، أي : ما طلب العباد شيئا مما يتقرب به ( إلى الله ) ، أي : من الأذكار التي لم تخص وحدها بزمن أو مكان معين ، أو المراد من مطلق القربان ( بمثل ما خرج منه ) ، أي : ظهر من الله من شرائعه ومن أحكامه ، وقيل : ما خرج من كتابه المبين وهو اللوح المحفوظ ، وقيل : من علمه الكامل ، وقيل : الضمير راجع إلى العبد ، ومعنى خروجه منه ظهوره على لسانه مما هو محفوظ في صدره .

قال ابن حجر : ومعنى قول السلف : كلام الله خرج منه ، وإليه يعود ، أي : به أمر ونهى ، ثم يحاسب عما وقع في ذلك المأمور والمنهي ، أو أنزله حجة للخلق ، وعليهم ليكون للعالمين نذيرا ، ثم مآل تبين حقيقته وظهور صدق ما نطق به من الوعد والوعيد إليه تعالى ، ومن ثم لما سمع ابن عباس رجلا يقول : يا رب القرآن ، قال : مه ، أما علمت أن القرآن منه ، أي إنه صفته القديمة القائمة بذاته ، فلا يجوز أن يوصف بالربوبية المقتضية لحدوثه وانفصاله عن الذات تعالى عن ذلك . ( يعني القرآن ) : وهذا تفسير بعض الرواة لا الصحابي ، قال ابن الملك : هو أبو النصر ، وقيل : ما خرج من العبد وهو ما هو متلو على لسانه ، قال الطيبي : أطلق المصنف هذا التفسير ، ولم يقيده بما يفهم منه أن المفسر من هو ، والحديث نقله المؤلف من كتاب الترمذي ، وفي روايته قال أبو نصر : يعني القرآن . ومثل هذا لا يتسامح فيه أهل الحديث ، فإنه يوهم أن التفسير من فعل الصحابي ، فيجعل من متن الحديث . ( رواه أحمد ، والترمذي ) .




الخدمات العلمية