الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          ذكر خبر ثان يصرح بأن أبا هريرة شاهد هذه الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                          2688 - أخبرنا أبو يعلى قال : حدثنا أبو الربيع الزهراني قال : حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن محمد عن أبي هريرة ، قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي - إما قال : الظهر ، وإما قال : العصر ، قال : وأكبر ظني أنها العصر - فصلى بنا ركعتين ، ثم سلم ، وتقدم إلى خشبة في مقدم المسجد ، فوضع يديه عليها ، إحداهما على الأخرى ، وخرج سرعان الناس فجعلوا يقولون : قصرت الصلاة ، وفي القوم أبو بكر ، وعمر رضوان الله عليهما ، فهابا أن يسألا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فقال له رجل يقال له ذو اليدين : أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت ؟ قال : ما قصرت الصلاة ، ولا نسيت ، قال : بل نسيت يا رسول الله ، قال : أكذلك ؟ قالوا : [ ص: 406 ] نعم ، قال : فرجع فصلى بنا ركعتين ، ثم سلم ، ثم سجد سجدتين ، فأطال نحوا من سجوده ، ثم رفع رأسه ، ثم سجد الثانية ، فأطال نحوا من سجوده ، ثم رفع رأسه فقيل لمحمد : ثم سلم ؟ قال : لم أحفظ ذلك من أبي هريرة ، وأنبئت أن عمران بن حصين قال : ثم سلم .

                                                                                                                          قال أبو حاتم رضي الله عنه : أخبار ذي اليدين معناها : أن المصطفى صلى الله عليه وسلم تكلم في صلاته على أن الصلاة قد تمت له ، وأنه قد أدى فرضه الذي عليه ، وذو اليدين قد توهم أن الصلاة قد ردت إلى الفريضة الأولى ، فتكلم على أنه في غير الصلاة ، وأن صلاته قد تمت ، فلما استثبت صلى الله عليه وسلم أصحابه ، كان من استثباته على يقين أنه قد أتم صلاته .

                                                                                                                          وأما جواب الصحابة رضوان الله عليهم له أن : نعم ، فكان الواجب عليهم أن يجيبوه ، وإن كانوا في نفس الصلاة ، لقول الله جل وعلا : يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم [ ص: 407 ] فأما اليوم ، فقد انقطع الوحي ، وأقرت الفرائض ، فإن تكلم الإمام وعنده أن الصلاة قد تمت بعد السلام لم تبطل صلاته ، وإن سأل المأمومين فأجابوه بطلت صلاتهم ، وإن سأل بعض المأمومين الإمام عن ذلك ، بطلت صلاته لاستحكام الفرائض ، وانقطاع الوحي .

                                                                                                                          والعلة في سهو النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته أنه صلى الله عليه وسلم بعث معلما قولا وفعلا ، فكانت الحال تطرأ عليه في بعض الأحوال ، والقصد فيه إعلام الأمة ما يجب عليهم عند حدوث تلك الحالة بهم بعده صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          الخدمات العلمية