nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=18nindex.php?page=treesubj&link=29002_17996_33303ولا تصاعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور
انتقل
لقمان بابنه إلى الآداب في معاملة الناس فنهاه عن احتقار الناس وعن التفخر عليهم ، وهذا يقتضي أمره بإظهار مساواته مع الناس وعد نفسه كواحد منهم .
وقرأ الجمهور ( ولا تصاعر ) . وقرأ
ابن كثير وابن عامر وعاصم وأبو جعفر ويعقوب ( ولا تصعر ) . يقال : صاعر وصعر ، إذا أمال عنقه إلى جانب ليعرض عن جانب آخر ، وهو مشتق من الصعر بالتحريك لداء يصيب البعير فيلوي منه عنقه فكأنه صيغ له صيغة تكلف بمعنى تكلف إظهار الصعر وهو تمثيل للاحتقار لأن مصاعرة الخد هيئة المحتقر المستخف في غالب الأحوال . قال
عمرو بن حني التغلبي يخاطب بعض ملوكهم :
وكنا إذا الجبار صعر خده أقمنا له من ميله فتقوم
والمعنى : لا تحتقر الناس فالنهي عن الإعراض عنهم احتقارا لهم لا عن خصوص مصاعرة الخد فيشمل الاحتقار بالقول والشتم وغير ذلك فهو قريب من قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23فلا تقل لهما أف إلا أن هذا تمثيل كنائي والآخر كناية لا تمثيل فيها .
وكذلك قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=18ولا تمش في الأرض مرحا تمثيل كنائي عن النهي عن التكبر
[ ص: 167 ] والتفاخر لا عن خصوص المشي في حال المرح فيشمل الفخر عليهم بالكلام وغيره .
والمرح : فرط النشاط من فرح وازدهاء ، ويظهر ذلك في المشي تبخترا واختيالا فلذلك يسمى ذلك المشي مرحا كما في الآية ، فانتصابه على الصفة لمفعول مطلق ، أي مشيا مرحا ، وتقدم في سورة الإسراء . وموقع قوله ( في الأرض ) بعد ( لا تمش ) مع أن المشي لا يكون إلا في الأرض هو الإيماء إلى أن المشي في مكان يمشي فيه الناس كلهم قويهم وضعيفهم ، ففي ذلك موعظة للماشي مرحا أنه مساو لسائر الناس .
وموقع
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=18إن الله لا يحب كل مختال فخور موقع
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=16إن الله لطيف خبير كما تقدم . والمختال : اسم فاعل من اختال بوزن الافتعال من فعل خال إذا كان ذا خيلاء فهو خائل . والخيلاء : الكبر والازدهاء ، فصيغة الافتعال فيه للمبالغة في الوصف فوزن المختال مختيل فلما تحرك حرف العلة وانفتح ما قبله قلب ألفا ، فقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=18إن الله لا يحب كل مختال مقابل قوله ( ولا تصاعر خدك للناس ) ، وقوله ( فخورا ) مقابل قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=18ولا تمش في الأرض مرحا .
والفخور : شديد الفخر . وتقدم في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=36إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا في سورة النساء .
ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=18إن الله لا يحب كل مختال فخور أن الله لا يرضى عن أحد من المختالين الفخورين ، ولا يخطر ببال أهل الاستعمال أن يكون مفاده أن الله لا يحب مجموع المختالين الفخورين إذا اجتمعوا بناء على ما ذكره عبد القاهر من أن ( كل ) إذا وقع في حيز النفي مؤخرا عن أداته ينصب النفي على الشمول ، فإن ذلك إنما هو في ( كل ) التي يراد منها تأكيد الإحاطة لا في كل التي يراد منها الأفراد ، والتعويل في ذلك على القرائن . على أنا نرى ما ذكره الشيخ أمرا أغلبيا غير مطرد في استعمال أهل اللسان ولذلك نرى صحة الرفع والنصب في لفظ ( كل ) في قول
أبي النجم العجلي :
قد أصبحت أم الخيار تدعي علي ذنبا كله لم أصـنـع
وقد بينت ذلك في تعليقاتي على دلائل الإعجاز .
[ ص: 168 ] وموقع جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=18إن الله لا يحب كل مختال فخور يجوز فيه ما مضى في جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=13إن الشرك لظلم عظيم وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=16إن الله لطيف خبير وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=17إن ذلك من عزم الأمور .
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=18nindex.php?page=treesubj&link=29002_17996_33303وَلَا تُصَاعِرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ
انْتَقَلَ
لُقْمَانُ بِابْنِهِ إِلَى الْآدَابِ فِي مُعَامَلَةِ النَّاسِ فَنَهَاهُ عَنِ احْتِقَارِ النَّاسَ وَعَنِ التَّفَخُّرِ عَلَيْهِمْ ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَمْرَهُ بِإِظْهَارِ مُسَاوَاتِهِ مَعَ النَّاسِ وَعَدِّ نَفْسِهِ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ ( وَلَا تُصَاعِرْ ) . وَقَرَأَ
ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَيَعْقُوبُ ( وَلَا تُصَعِّرْ ) . يُقَالُ : صَاعَرَ وَصَعَّرَ ، إِذَا أَمَالَ عُنُقَهُ إِلَى جَانِبٍ لِيُعْرِضَ عَنْ جَانِبٍ آخَرَ ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الصَّعَرِ بِالتَّحْرِيكِ لِدَاءٍ يُصِيبُ الْبَعِيرَ فَيَلْوِي مِنْهُ عُنُقَهُ فَكَأَنَّهُ صِيغَ لَهُ صِيغَةَ تَكَلُّفٍ بِمَعْنَى تَكَلُّفِ إِظْهَارِ الصَّعَرِ وَهُوَ تَمْثِيلٌ لِلِاحْتِقَارِ لِأَنَّ مُصَاعَرَةَ الْخَدِّ هَيْئَةُ الْمُحْتَقِرِ الْمُسْتَخِفِّ فِي غَالِبِ الْأَحْوَالِ . قَالَ
عَمْرُو بْنُ حُنَيٍّ التَّغْلِبِيُّ يُخَاطِبُ بَعْضَ مُلُوكِهِمْ :
وَكُنَّا إِذَا الْجَبَّارُ صَعَّرَ خَدَّهُ أَقَمْنَا لَهُ مِنْ مَيْلِهِ فَتَقَوَّمَ
وَالْمَعْنَى : لَا تَحْتَقِرِ النَّاسَ فَالنَّهْيُ عَنِ الْإِعْرَاضِ عَنْهُمُ احْتِقَارًا لَهُمْ لَا عَنْ خُصُوصِ مُصَاعَرَةِ الْخَدِّ فَيَشْمَلُ الِاحْتِقَارَ بِالْقَوْلِ وَالشَّتْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ إِلَّا أَنَّ هَذَا تَمْثِيلٌ كَنَائِيٌّ وَالْآخَرُ كِنَايَةٌ لَا تَمْثِيلَ فِيهَا .
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=18وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا تَمْثِيلٌ كَنَائِيٌّ عَنِ النَّهْيِ عَنِ التَّكَبُّرِ
[ ص: 167 ] وَالتَّفَاخُرُ لَا عَنْ خُصُوصِ الْمَشْيِ فِي حَالِ الْمَرَحِ فَيَشْمَلُ الْفَخْرَ عَلَيْهِمْ بِالْكَلَامِ وَغَيْرِهِ .
وَالْمَرَحُ : فَرْطُ النَّشَاطِ مِنْ فَرَحٍ وَازْدِهَاءٍ ، وَيَظْهَرُ ذَلِكَ فِي الْمَشْيِ تَبَخْتُرًا وَاخْتِيَالًا فَلِذَلِكَ يُسَمَّى ذَلِكَ الْمَشْيُ مَرَحًا كَمَا فِي الْآيَةِ ، فَانْتِصَابُهُ عَلَى الصِّفَةِ لِمَفْعُولٍ مُطْلَقٍ ، أَيْ مَشْيًا مَرَحًا ، وَتَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ . وَمَوْقِعُ قَوْلِهِ ( فِي الْأَرْضِ ) بَعْدَ ( لَا تَمْشِ ) مَعَ أَنَّ الْمَشْيَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الْأَرْضِ هُوَ الْإِيمَاءُ إِلَى أَنَّ الْمَشْيَ فِي مَكَانٍ يَمْشِي فِيهِ النَّاسُ كُلُّهُمْ قَوِيُّهُمْ وَضَعِيفُهُمْ ، فَفِي ذَلِكَ مَوْعِظَةٌ لِلْمَاشِي مَرَحًا أَنَّهُ مُسَاوٍ لِسَائِرِ النَّاسِ .
وَمَوْقِعُ
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=18إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ مُوقِعُ
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=16إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ كَمَا تَقَدَّمَ . وَالْمُخْتَالُ : اسْمُ فَاعِلٍ مِنِ اخْتَالَ بِوَزْنِ الِافْتِعَالِ مِنْ فِعْلِ خَالَ إِذَا كَانَ ذَا خُيَلَاءَ فَهُوَ خَائِلٌ . وَالْخُيَلَاءُ : الْكِبْرُ وَالِازْدِهَاءُ ، فَصِيغَةُ الِافْتِعَالِ فِيهِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْوَصْفِ فَوَزْنُ الْمُخْتَالِ مُخْتِيلٌ فَلَمَّا تَحَرَّكَ حَرْفُ الْعِلَّةِ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهُ قُلِبَ أَلِفًا ، فَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=18إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ مُقَابِلُ قَوْلِهِ ( وَلَا تُصَاعِرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ ) ، وَقَوْلُهُ ( فَخُورًا ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=18وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا .
وَالْفَخُورُ : شَدِيدُ الْفَخْرِ . وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=36إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا فِي سُورَةِ النِّسَاءِ .
وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=18إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ أَنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْمُخْتَالِينَ الْفَخُورِينَ ، وَلَا يَخْطُرُ بِبَالِ أَهْلِ الِاسْتِعْمَالِ أَنْ يَكُونَ مُفَادُهُ أَنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَجْمُوعَ الْمُخْتَالِينَ الْفَخُورِينَ إِذَا اجْتَمَعُوا بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الْقَاهِرِ مِنْ أَنَّ ( كُلَّ ) إِذَا وَقَعَ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ مُؤَخَّرًا عَنْ أَدَاتِهِ يَنْصَبُّ النَّفْيُ عَلَى الشُّمُولِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ فِي ( كَلِّ ) الَّتِي يُرَادُ مِنْهَا تَأْكِيدُ الْإِحَاطَةِ لَا فِي كُلِّ الَّتِي يُرَادُ مِنْهَا الْأَفْرَادُ ، وَالتَّعْوِيلُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْقَرَائِنِ . عَلَى أَنَّا نَرَى مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَمْرًا أَغْلَبِيًّا غَيْرَ مُطَّرِدٍ فِي اسْتِعْمَالِ أَهْلِ اللِّسَانِ وَلِذَلِكَ نَرَى صِحَّةَ الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ فِي لَفْظِ ( كُلَّ ) فِي قَوْلِ
أَبِي النَّجْمِ الْعِجْلِيِّ :
قَدْ أَصْبَحَتْ أُمُّ الْخِيَارِ تَدَّعِي عَلَيَّ ذَنْبًا كُلَّهُ لَمْ أَصْـنَـعِ
وَقَدْ بَيَّنْتُ ذَلِكَ فِي تَعْلِيقَاتِي عَلَى دَلَائِلِ الْإِعْجَازِ .
[ ص: 168 ] وَمَوْقِعُ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=18إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ يَجُوزُ فِيهِ مَا مَضَى فِي جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=13إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ وَجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=16إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ وَجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=17إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ .