nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27nindex.php?page=treesubj&link=29002_28781_28902ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم
تكرر فيما سبق من هذه السورة وصف الله تعالى بإحاطة العلم بجميع الأشياء ظاهرة وخفية فقال فيما حكى من وصية
لقمان nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=16إنها إن تك مثقال حبة من خردل إلى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=16لطيف خبير ، وقال بعد ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=23فننبئهم بما عملوا إن الله عليم بذات الصدور فعقب ذلك بإثبات أن لعلم الله تعالى مظاهر يبلغ بعضها إلى من اصطفاه من رسله بالوحي مما تقتضي الحكمة إبلاغه ، وأنه يستأثر بعلم ما اقتضت حكمته عدم إبلاغه ، وأنه لو شاء أن يبلغ ما في علمه لما وفت به مخلوقاته الصالحة لتسجيل كلامه بالكناية فضلا على الوفاء بإبلاغ ذلك بواسطة القول . وقد سلك في هذا مسلك التقريب بضرب هذا
[ ص: 181 ] المثل ; وقد كان ما قص من أخبار الماضين موطئا لهذا فقد جرت قصة لقمان في هذه السورة كما جرت قصة
أهل الكهف وذي القرنين في سورة الكهف فعقبتا بقوله في آخر السورة
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=109قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا وهي مشابهة للآية التي في سورة لقمان . فهذا وجه اتصال هذه الآية بما قبلها من الآيات المتفرقة .
ولما في اتصال الآية بما قبلها من الخفاء أخذ أصحاب التأويل من السلف من أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في بيان إيقاع هذه الآية في هذا الموقع . فقيل : سبب نزولها ما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري وابن عطية والواحدي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=16572وعطاء بن يسار بروايات متقاربة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342340أن اليهود سألوا رسول الله أو أغروا قريشا بسؤاله لما سمعوا قول الله تعالى في شأنهم nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا فقالوا : كيف وأنت تتلو فيما جاءك أنا قد أوتينا التوراة وفيها تبيان كل شيء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن سألوه : هي في علم الله قليل ، ثم أنزل الله nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام الآيتين أو الآيات الثلاث .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، قالت
قريش : ما أكثر كلام
محمد فنزلت
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام الآية .
وعن
قتادة قالت
قريش : سيتم هذا الكلام
لمحمد وينحسر ( أي
محمد صلى الله عليه وسلم ) فلا يقول بعده كلاما . وفي رواية سينفد هذا الكلام ، وهذه يرجع بعضها إلى أن هذه الآية نزلت
بالمدينة فيلزم أن يكون وضعها في هذا الموضع في السورة بتوقيف نبوي للمناسبة التي ذكرناها آنفا ، وبعضها يرجع إلى أنها مكية فيقتضي أن تكون نزلت في أثناء نزول سورة لقمان على أن توضع عقب الآيات التي نزلت قبلها .
وكلمات جمع كلمة بمعنى الكلام كما في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=100كلا إنها كلمة هو قائلها أي الكلام المنبئ عن مراد الله من بعض مخلوقاته مما يخاطب به ملائكته وغيرهم من المخلوقات والعناصر المعدودة للتكون التي يقال لها : كن فتكون ، ومن ذلك ما أنزله من الوحي إلى رسله وأنبيائه من أول أزمنة الأنبياء وما سينزله على رسوله صلى الله عليه وسلم ، أي لو فرض إرادة الله أن يكتب كلامه كله صحفا
[ ص: 182 ] ففرضت الأشجار كلها مقسمة أقلاما ، وفرض أن يكون البحر مدادا فكتب بتلك الأقلام وذلك المداد لنفد البحر ونفدت الأقلام وما نفدت كلمات الله في نفس الأمر .
وأما قوله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=115وتمت كلمات ربك صدقا وعدلا ) فالتمام هنالك بمعنى التحقق والنفوذ ، وتقدم قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=7ويريد الله أن يحق الحق بكلماته في سورة الأنفال .
وقد نظمت هذه الآية بإيجاز بديع إذ ابتدئت بحرف لو فعلم أن مضمونها أمر مفروض ، وأن لـ ( لو ) استعمالات كما حققه في مغني اللبيب عن عبارة
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه . وقد تقدم عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=23ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون في سورة الأنفال .
و
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27من شجرة بيان ل ( ما ) الموصولة وهو في معنى التمييز فحقه الإفراد ، ولذلك لم يقل : من أشجار ، والأقلام : جمع قلم وهو العود المشقوق ليرفع به المداد ويكتب به ، أي لو تصير كل شجرة أقلاما بمقدار ما فيها من أغصان صالحة لذلك . والأقلام هو الجمع الشائع لقلم فيرد للكثرة والقلة .
و ( يمده ) بفتح الياء التحتية وضم الميم ، أي يزيده مدادا . والمداد بكسر الميم الحبر الذي يكتب به . يقال : مد الدواة يمدها . فكان قوله يمده متضمنا فرض أن يكون البحر مدادا ثم يزاد فيه إذا نشف مداده سبعة أبحر ، ولو قيل : يمده ، بضم الميم من أمد لفات هذا الإيجاز .
والسبعة : تستعمل في الكناية عن الكثرة كثيرا كقول النبيء صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342341والكافر يأكل في سبعة أمعاء فليس لهذا العدد مفهوم ، أي والبحر يمده أبحر كثيرة .
ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27ما نفدت كلمات الله ما انتهت ، أي فكيف تحسب
اليهود ما في التوراة هو منتهى كلمات الله ، أو كيف يحسب المشركون أن ما نزل من القرآن أوشك أن يكون انتهاء القرآن ، فيكون المثل على هذا الوجه الآخر واردا مورد المبالغة في كثرة ما سينزل من القرآن إغاظة للمشركين ، فتكون
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27كلمات الله هي القرآن لأن المشركين لا يعرفون كلمات الله التي لا يحاط بها .
[ ص: 183 ] وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27إن الله عزيز حكيم تذييل ، فهو لعزته لا يغلبه الذين يزعمون عدم الحاجة إلى القرآن ينتظرون انفحام الرسول صلى الله عليه وسلم وهو لحكمته لا تنحصر كلماته لأن الحكمة الحق لا نهاية لها .
وقرأ الجمهور برفع ( والبحر ) على أن الجملة الاسمية في موضع الحال والواو واو الحال وهي حال من
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27أنما في الأرض من شجرة ، أي تلك الأشجار كائنة في حال كون البحر مدادا لها ، والواو يحصل بها من الربط والاكتفاء عن الضمير لدلالتها على المقارنة .
وقرأ
أبو عمرو ويعقوب ( والبحر ) بالنصب عطفا على اسم إن .
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27nindex.php?page=treesubj&link=29002_28781_28902وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
تَكَرَّرَ فِيمَا سَبَقَ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ وَصْفُ اللَّهِ تَعَالَى بِإِحَاطَةِ الْعِلْمِ بِجَمِيعِ الْأَشْيَاءِ ظَاهِرَةً وَخَفِيَّةً فَقَالَ فِيمَا حَكَى مِنْ وَصِيَّةِ
لُقْمَانَ nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=16إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ إِلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=16لَطِيفٌ خَبِيرٌ ، وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=23فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ فَعَقَّبَ ذَلِكَ بِإِثْبَاتِ أَنَّ لِعِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى مَظَاهِرَ يُبَلِّغُ بَعْضَهَا إِلَى مَنِ اصْطَفَاهُ مِنْ رُسُلِهِ بِالْوَحْيِ مِمَّا تَقْتَضِي الْحِكْمَةُ إِبْلَاغَهُ ، وَأَنَّهُ يَسْتَأْثِرُ بِعِلْمِ مَا اقْتَضَتْ حِكْمَتُهُ عَدَمَ إِبْلَاغِهِ ، وَأَنَّهُ لَوْ شَاءَ أَنْ يُبَلِّغَ مَا فِي عِلْمِهِ لَمَا وَفَتْ بِهِ مَخْلُوقَاتُهُ الصَّالِحَةُ لِتَسْجِيلِ كَلَامِهِ بِالْكِنَايَةِ فَضْلًا عَلَى الْوَفَاءِ بِإِبْلَاغِ ذَلِكَ بِوَاسِطَةِ الْقَوْلِ . وَقَدْ سَلَكَ فِي هَذَا مَسْلَكَ التَّقْرِيبِ بِضَرْبِ هَذَا
[ ص: 181 ] الْمَثَلِ ; وَقَدْ كَانَ مَا قَصَّ مِنْ أَخْبَارِ الْمَاضِينَ مُوَطِّئًا لِهَذَا فَقَدْ جَرَتْ قِصَّةُ لُقْمَانَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ كَمَا جَرَتْ قِصَّةُ
أَهْلِ الْكَهْفِ وَذِي الْقَرْنَيْنِ فِي سُورَةِ الْكَهْفِ فَعُقِّبَتَا بِقَوْلِهِ فِي آخِرِ السُّورَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=109قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا وَهِيَ مُشَابِهَةٌ لِلْآيَةِ الَّتِي فِي سُورَةِ لُقْمَانَ . فَهَذَا وَجْهُ اتِّصَالِ هَذِهِ الْآيَةِ بِمَا قَبْلَهَا مِنَ الْآيَاتِ الْمُتَفَرِّقَةِ .
وَلِمَا فِي اتِّصَالِ الْآيَةِ بِمَا قَبْلَهَا مِنَ الْخَفَاءِ أَخَذَ أَصْحَابُ التَّأْوِيلِ مِنَ السَّلَفِ مِنْ أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فِي بَيَانِ إِيقَاعِ هَذِهِ الْآيَةِ فِي هَذَا الْمَوْقِعِ . فَقِيلَ : سَبَبُ نُزُولِهَا مَا ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ وَالْوَاحِدِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16572وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ بِرِوَايَاتٍ مُتَقَارِبَةٍ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342340أَنَّ الْيَهُودَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ أَوْ أَغْرَوْا قُرَيْشًا بِسُؤَالِهِ لَمَّا سَمِعُوا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى فِي شَأْنِهِمْ nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا فَقَالُوا : كَيْفَ وَأَنْتَ تَتْلُو فِيمَا جَاءَكَ أَنَّا قَدْ أُوتِينَا التَّوْرَاةَ وَفِيهَا تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ سَأَلُوهُ : هِيَ فِي عِلْمِ اللَّهِ قَلِيلٌ ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ الْآيَتَيْنِ أَوِ الْآيَاتِ الثَّلَاثَ .
وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ ، قَالَتْ
قُرَيْشٌ : مَا أَكْثَرَ كَلَامَ
مُحَمَّدٍ فَنَزَلَتْ
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ الْآيَةَ .
وَعَنْ
قَتَادَةَ قَالَتْ
قُرَيْشٌ : سَيَتِمُّ هَذَا الْكَلَامُ
لِمُحَمَّدٍ وَيَنْحَسِرُ ( أَيْ
مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) فَلَا يَقُولُ بَعْدَهُ كَلَامًا . وَفِي رِوَايَةٍ سَيَنْفَدُ هَذَا الْكَلَامُ ، وَهَذِهِ يَرْجِعُ بَعْضُهَا إِلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ
بِالْمَدِينَةِ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ وَضْعُهَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فِي السُّورَةِ بِتَوْقِيفٍ نَبَوِيٍّ لِلْمُنَاسَبَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا آنِفًا ، وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إِلَى أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ فَيَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ نَزَلَتْ فِي أَثْنَاءِ نُزُولِ سُورَةِ لُقْمَانَ عَلَى أَنْ تُوضَعَ عَقِبَ الْآيَاتِ الَّتِي نَزَلَتْ قَبْلَهَا .
وَكَلِمَاتٌ جَمْعُ كَلِمَةٍ بِمَعْنَى الْكَلَامِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=100كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا أَيِ الْكَلَامُ الْمُنْبِئُ عَنْ مُرَادِ اللَّهِ مِنْ بَعْضِ مَخْلُوقَاتِهِ مِمَّا يُخَاطِبُ بِهِ مَلَائِكَتَهُ وَغَيْرَهُمْ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ وَالْعَنَاصِرِ الْمَعْدُودَةِ لِلتَّكَوُّنِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا : كُنْ فَتَكُونُ ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا أَنْزَلَهُ مِنَ الْوَحْيِ إِلَى رُسُلِهِ وَأَنْبِيَائِهِ مِنْ أَوَّلِ أَزْمِنَةِ الْأَنْبِيَاءِ وَمَا سَيُنْزِلُهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَيْ لَوْ فَرَضَ إِرَادَةَ اللَّهِ أَنْ يَكْتُبَ كَلَامَهُ كُلَّهُ صُحُفًا
[ ص: 182 ] فَفُرِضَتِ الْأَشْجَارُ كُلُّهَا مُقَسَّمَةً أَقْلَامًا ، وَفُرِضَ أَنْ يَكُونَ الْبَحْرُ مِدَادًا فَكُتِبَ بِتِلْكَ الْأَقْلَامِ وَذَلِكَ الْمِدَادِ لَنَفِدَ الْبَحْرُ وَنَفِدَتِ الْأَقْلَامُ وَمَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=115وَتَمَّتْ كَلِمَاتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ) فَالتَّمَامُ هُنَالِكَ بِمَعْنَى التَّحَقُّقِ وَالنُّفُوذِ ، وَتَقَدَّمَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=7وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ .
وَقَدْ نُظِمَتْ هَذِهِ الْآيَةُ بِإِيجَازٍ بَدِيعٍ إِذِ ابْتُدِئَتْ بِحَرْفِ لَوْ فَعُلِمَ أَنَّ مَضْمُونَهَا أَمْرٌ مَفْرُوضٌ ، وَأَنَّ لِـ ( لَوِ ) اسْتِعْمَالَاتٍ كَمَا حَقَّقَهُ فِي مُغْنِي اللَّبِيبِ عَنْ عِبَارَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ . وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=23وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ .
وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27مِنْ شَجَرَةٍ بَيَانٌ لِ ( مَا ) الْمَوْصُولَةِ وَهُوَ فِي مَعْنَى التَّمْيِيزِ فَحَقُّهُ الْإِفْرَادُ ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ : مِنْ أَشْجَارٍ ، وَالْأَقْلَامُ : جَمْعُ قَلَمٍ وَهُوَ الْعُودُ الْمَشْقُوقُ لِيَرْفَعَ بِهِ الْمِدَادَ وَيَكْتُبَ بِهِ ، أَيْ لَوْ تَصِيرُ كُلُّ شَجَرَةٍ أَقْلَامًا بِمِقْدَارِ مَا فِيهَا مِنْ أَغْصَانٍ صَالِحَةٍ لِذَلِكَ . وَالْأَقْلَامُ هُوَ الْجَمْعُ الشَّائِعُ لِقَلَمٍ فَيَرِدُ لِلْكَثْرَةِ وَالْقِلَّةِ .
وَ ( يَمُدُّهُ ) بِفَتْحِ الْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ وَضَمِّ الْمِيمِ ، أَيْ يَزِيدُهُ مِدَادًا . وَالْمِدَادُ بِكَسْرِ الْمِيمِ الْحِبْرُ الَّذِي يُكْتَبُ بِهِ . يُقَالُ : مَدَّ الدَّوَاةَ يَمُدُّهَا . فَكَانَ قَوْلُهُ يَمُدُّهُ مُتَضَمِّنًا فَرْضَ أَنْ يَكُونَ الْبَحْرُ مِدَادًا ثُمَّ يُزَادُ فِيهِ إِذَا نَشَفَ مِدَادُهُ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ، وَلَوْ قِيلَ : يُمِدُّهُ ، بِضَمِّ الْمِيمِ مِنْ أَمَدَّ لَفَاتَ هَذَا الْإِيجَازُ .
وَالسَّبْعَةُ : تُسْتَعْمَلُ فِي الْكِنَايَةِ عَنِ الْكَثْرَةِ كَثِيرًا كَقَوْلِ النَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342341وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ فَلَيْسَ لِهَذَا الْعَدَدِ مَفْهُومٌ ، أَيْ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ أَبْحُرٌ كَثِيرَةٌ .
وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ مَا انْتَهَتْ ، أَيْ فَكَيْفَ تَحْسَبُ
الْيَهُودُ مَا فِي التَّوْرَاةِ هُوَ مُنْتَهَى كَلِمَاتِ اللَّهِ ، أَوْ كَيْفَ يَحْسَبُ الْمُشْرِكُونَ أَنَّ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ أَوْشَكَ أَنْ يَكُونَ انْتِهَاءَ الْقُرْآنِ ، فَيَكُونُ الْمَثَلُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْآخَرِ وَارِدًا مَوْرِدَ الْمُبَالَغَةِ فِي كَثْرَةِ مَا سَيَنْزِلُ مِنَ الْقُرْآنِ إِغَاظَةً لِلْمُشْرِكِينَ ، فَتَكُونُ
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27كَلِمَاتُ اللَّهِ هِيَ الْقُرْآنُ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَا يَعْرِفُونَ كَلِمَاتِ اللَّهِ الَّتِي لَا يُحَاطُ بِهَا .
[ ص: 183 ] وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ تَذْيِيلٌ ، فَهُوَ لِعِزَّتِهِ لَا يَغْلِبُهُ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ عَدَمَ الْحَاجَةِ إِلَى الْقُرْآنِ يَنْتَظِرُونَ انْفِحَامَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ لِحِكْمَتِهِ لَا تَنْحَصِرُ كَلِمَاتُهُ لِأَنَّ الْحِكْمَةَ الْحَقَّ لَا نِهَايَةَ لَهَا .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ بِرَفْعِ ( وَالْبَحْرُ ) عَلَى أَنَّ الْجُمْلَةَ الِاسْمِيَّةَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ وَالْوَاوَ وَاوُ الْحَالِ وَهِيَ حَالٌ مِنْ
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ ، أَيْ تِلْكَ الْأَشْجَارُ كَائِنَةٌ فِي حَالِ كَوْنِ الْبَحْرِ مِدَادًا لَهَا ، وَالْوَاوُ يَحْصُلُ بِهَا مِنَ الرَّبْطِ وَالِاكْتِفَاءِ عَنِ الضَّمِيرِ لِدَلَالَتِهَا عَلَى الْمُقَارَنَةِ .
وَقَرَأَ
أَبُو عَمْرٍو وَيَعْقُوبُ ( وَالْبَحْرَ ) بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى اسْمِ إِنَّ .