الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا

                                                                                                                                                                                                كانوا يبلون النساء بضروب من البلايا ويظلمونهن بأنواع من الظلم ، فزجروا عن ذلك ، كان الرجل إذا مات له قريب من أب أو أخ أو حميم عن امرأة ، ألقى ثوبه عليها وقال [ ص: 45 ] أنا أحق بها من كل أحد . فقيل : لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها أي : أن تأخذوهن على سبيل الإرث كما تحاز المواريث وهن كارهات لذلك ، أو مكرهات ، وقيل : كان يمسكها حتى تموت . فقيل : لا يحل لكم أن تمسكوهن حتى ترثوا منهن وهن غير راضيات بإمساككم ، وكان الرجل إذا تزوج امرأة ولم تكن من حاجته حبسها مع سوء العشرة والقهر; لتفتدي منه بمالها وتختلع ، فقيل : ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن والعضل : الحبس والتضييق ، ومنه : عضلت المرأة بولدها ، إذا اختنقت رحمها به فخرج بعضه وبقي بعضه إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وهي النشوز وشكاسة الخلق وإيذاء الزوج وأهله بالبذاء والسلاطة ، أي : إلا أن يكون سوء العشرة من جهتهن فقد عذرتم في طلب الخلع ، ويدل عليه قراءة أبي : "إلا أن يفحشن عليكم" ، وعن الحسن : الفاحشة الزنا ، فإن فعلت حل لزوجها أن يسألها الخلع ، وقيل : كانوا إذا أصابت امرأته فاحشة أخذ منها ما ساق إليها وأخرجها ، وعن أبي قلابة ومحمد بن سيرين : لا يحل الخلع حتى يوجد رجل على بطنها ، وعن قتادة : لا يحل له أن يحبسها ضرارا حتى تفتدي منه ، يعني وإن زنت ، وقيل : نسخ ذلك بالحدود ، وكانوا يسيئون معاشرة النساء فقيل لهم : وعاشروهن بالمعروف وهو النصفة في المبيت والنفقة ، والإجمال في القول : فإن كرهتموهن : فلا تفارقوهن لكراهة الأنفس وحدها فربما كرهت النفس ما هو أصلح في الدين وأحمد وأدنى إلى الخير ، وأحبت ما هو بضد ذلك ، ولكن للنظر في أسباب الصلاح .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية