الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
آخر

272 - أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد الأصبهاني - بها - أن فاطمة [ ص: 228 ] بنت عبد الله أخبرتهم ، أبنا محمد بن عبد الله ، أبنا سليمان بن أحمد الطبراني ، ثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن أبي الطفيل قال : كانت الكعبة في الجاهلية مبنية بالرضم ليس فيها مدر ، وكانت قدر ما يقتحمها العناق ، وكانت غير مسقوفة ، إنما توضع ثيابها عليها ثم تسدل سدلا عليها ، وكان الركن الأسود موضوعا على سورها باديا ، وكانت ذات ركنين كهيئة الحلقة ، فأقبلت سفينة من أرض الروم حتى إذا كانوا قريبا من جدة انكسرت السفينة ، فخرجت قريش ليأخذوا خشبها ، فوجدوا روميا عندها ، فأخذوا الخشب أعطاهم إياها ، وكانت السفينة تريد الحبشة ، وكان الرومي الذي في السفينة نجارا ، فقدموا بالخشب وقدموا بالرومي ، فقالت قريش : نبني بهذا الخشب الذي في السفينة بيت ربنا ، فلما أرادوا هدمه إذا هم بحية على سور البيت مثل قطعة الجائز ، سوداء الظهر بيضاء البطن ، فجعلت كلما دنا أحد إلى البيت ليهدمها أن يأخذ من حجارته سعت إليه فاتحة فاها ، فأجمعت قريش عند المقام فعجوا إلى الله وقالوا : ربنا لم ترع ، أردنا تشريف بيتك وتزيينه ، فإن كنت ترضى بذلك وإلا فما بدا لك فافعل ، فسمعوا خوارا في السماء ، فإذا هم بطائر أسود الظهر وأبيض البطن والرجلين ، أعظم من النسر ، فغرز مخلابه في رأس الحية حتى انطلق بها يجرها ، ذنبها أعظم من كذا وكذا ، ساقطا ، فانطلق بها نحو أجياد ، فهدمتها قريش وجعلوا يبنونها بحجارة الوادي ، تحملها قريش على رقابها ، فرفعوا في السماء عشرين ذراعا ، فبينا النبي - صلى الله عليه وسلم - يحمل حجارة من أجياد وعليه نمرة ، فضاقت عليه النمرة ، فذهب يضع النمرة على عاتقه ، فبرز عورته من صغر النمرة ، فنودي : [ ص: 229 ] يا محمد ، خمر عورتك ، فلم ير عريانا بعد ذلك ، وكان بين بنيان الكعبة وبين ما أنزل عليه خمس سنين ، وبين مخرجه وبنيانها خمس عشرة سنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية