الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                كلا والقمر والليل إذ أدبر والصبح إذا أسفر إنها لإحدى الكبر نذيرا للبشر لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر

                                                                                                                                                                                                كلا إنكار بعد أن جعلها ذكرى أن تكون لهم ذكرى؛ لأنهم لا يتذكرون، أو ردع لمن ينكر أن تكون إحدى الكبر نذيرا. و "دبر" بمعنى أدبر، كقبل بمعنى أقبل. ومنه صاروا كأمس الدابر. وقيل: هو من دبر الليل النهار إذا خلفه. وقرئ "إذا أدبر" إنها لإحدى الكبر [ ص: 261 ] جواب القسم أو تعليل لكلا، والقسم معترض للتوكيد. والكبر: جمع الكبرى، جعلت ألف التأنيث كتائها، فلما جمعت فعلة على فعل: جمعت فعلى عليها، ونظير ذلك: السوافي في جمع السافياء. والقواصع في جمع القاصعاء، كأنها جمع فاعلة، أي: لإحدى البلايا أو الدواهي الكبر، ومعنى كونها إحداهن: أنها من بينهن واحدة في العظم لا نظيرة لها. كما تقول: هو أحد الرجال، وهي إحدى النساء و نذيرا تمييز من إحدى، على معنى: إنها لإحدى الدواهي إنذارا، كما تقول: هي إحدى النساء عفافا. وقيل: هي حال. وقيل: هو متصل بأول السورة، يعني: قم نذيرا، وهو من بدع التفاسير. وفي قراءة أبي نذير بالرفع؛ خبر بعد خبر "لأن" أو بحذف المبتدأ أن يتقدم في موضع الرفع بالابتداء. ولمن شاء: خبر مقدم عليه، كقولك: لمن توضأ أن يصلي; ومعناه مطلق لمن شاء التقدم أو التأخر أن يتقدم أو يتأخر، والمراد بالتقدم والتأخر: السبق إلى الخير والتخلف عنه: وهو كقوله: فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر [الكهف: 29]. ويجوز أن يكون لمن شاء بدلا من للبشر على أنها منذرة للمكلفين الممكنين: الذين إن شاءوا تقدموا ففازوا وإن شاءوا تأخروا فهلكوا.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية