الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا ( يوم ) ظرف يجوز أن يتعلق بـ ( لا يجدون ) أي إن وجدوا أولياء ونصراء في الدنيا من يهود قريظة وخيبر في يوم الأحزاب فيوم تقلب وجوههم في النار لا يجدون وليا يرثي لهم ولا نصيرا يخلصهم . وتكون جملة ( يقولون ) حالا من ضمير ( يقولون ) .

ويجوز أن يتعلق الظرف بفعل ( يقولون ) حالا من ضمير ( لا يجدون ) .

[ ص: 116 ] ويجوز أن ينتصب بفعل محذوف تقديره : اذكر على طريقة نظائره من ظروف كثيرة واردة في القرآن ، وتكون جملة ( يقولون ) حالا من الضمير في وجوههم .

والتقليب : شدة القلب . والقلب : تغيير وضع الشيء على غير الجهة التي كان عليها .

والمعنى : يوم تقلب ملائكة العذاب وجوههم في النار بغير اختيار منهم ، أو يجعل الله ذلك التقلب في وجوههم لتنال النار جميع الوجه كما يقلب الشواء على المشوى لينضج على سواء ، ولو كان لفح النار مقتصرا على أحد جانبي الوجه لكان للجانب الآخر بعض الراحة .

وتخصيص الوجوه بالذكر من بين سائر الأعضاء لأن حر النار يؤذي الوجوه أشد مما يؤذي بقية الجلد لأن الوجوه مقر الحواس الرقيقة : العيون والأفواه والآذان والمنافس كقوله تعالى أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة .

وحرف ( يا ) في قوله ( يا ليتنا ) للتنبيه لقصد إسماع من يرثى لحالهم مثل يا حسرتنا . والتمني هنا كناية عن التندم على ما فات ، وكذلك نحو ( يا حسرتنا ) أي أن الحسرة غير مجدية .

وقد علموا يومئذ أن ما كان يأمرهم به النبيء - صلى الله عليه وسلم - هو تبليغ عن مراد الله منهم وأنهم إذ عصوه فقد عصوا الله تعالى فتمنوا يومئذ أن لا يكونوا عصوا الرسول المبلغ عن الله تعالى .

والألف في آخر قوله ( الرسولا ) لرعاية الفواصل التي بنيت عليها السورة فإنها بنيت على فاصلة الألف وهي ألف الإطلاق إجراء للفواصل مجرى القوافي التي تلحقها ألف الإطلاق . وقد تقدم ذلك في قوله تعالى وتظنون بالله الظنونا في هذه السورة ، وتقدمت وجوه القراءات في إثباتها في الوصل أو حذفها .

التالي السابق


الخدمات العلمية