الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                      صيام خمسة أيام من الشهر

                                                                                                      2402 أخبرنا زكرياء بن يحيى قال حدثنا وهب بن بقية قال أنبأنا خالد عن خالد وهو الحذاء عن أبي قلابة عن أبي المليح قال دخلت مع أبيك زيد على عبد الله بن عمرو فحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر له صومي فدخل علي فألقيت له وسادة أدم ربعة حشوها ليف فجلس على الأرض وصارت الوسادة فيما بيني وبينه قال أما يكفيك من كل شهر ثلاثة أيام قلت يا رسول الله قال خمسا قلت يا رسول الله قال سبعا قلت يا رسول الله قال تسعا قلت يا رسول الله قال إحدى عشرة قلت يا رسول الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا صوم فوق صوم داود شطر الدهر صيام يوم وفطر يوم

                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                      2402 ( لا صوم فوق صوم داود , شطر الدهر ) قال الحافظ ابن حجر : بالرفع على القطع , ويجوز النصب على إضمار فعل , والجر على البدل من صوم داود قال : ويجوز في قوله : ( صيام يوم , وفطر يوم ) الحركات الثلاث , وقال النووي : اختلف العلماء فيه , فقال المتولي من أصحابنا وغيره من العلماء : هو أفضل من السرد لظاهر هذا الحديث , وفي كلام غيره إشارة إلى تفضيل السرد , وتخصيص هذا الحديث بعبد الله بن عمرو , ومن في معناه وتقديره : لا أفضل من هذا في حقك , ويؤيد هذا أنه -صلى الله عليه وسلم- لم ينه حمزة بن عمرو عن السرد , ويرشده إلى يوم ويوم , ولو كان أفضل في حق كل أحد لأرشده إليه وبينه له , فإن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز , وقال قبل ذلك : اختلف العلماء في صيام الدهر , فذهب أهل الظاهر إلى منعه ، قال القاضي وغيره : وذهب جماهير العلماء إلى جوازه إذا لم يصم الأيام المنهي عنها , وهو العيدان , والتشريق , ومذهب الشافعي وأصحابه أن سرد الصيام إذا أفطر العيد والتشريق لا كراهة فيه , بل هو مستحب بشرط أن لا يلحقه به ضرر , ولا يفوت حقا , فإن تضرر , أو فوت حقا فمكروه واستدلوا بحديث حمزة بن عمرو أنه سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال : يا رسول الله , إني رجل أسرد الصوم أفأصوم في السفر ؟ قال : صم إن شئت فأقره -صلى الله عليه وسلم- على سرد الصيام , ولو كان مكروها لم يقره لا سيما في السفر , وقد ثبت عن عمر أنه كان يسرد الصوم , وكذلك أبو طلحة وعائشة وخلائق وأجابوا عن حديث : لا صام من صام الأبد بأجوبة أحدها : [ ص: 217 ] أنه محمول على حقيقته بأن يصوم معه العيد والتشريق , وبهذا أجابت عائشة رضي الله عنها , والثاني : أنه محمول على من تضرر به , أو فوت حقا ويؤيده أن النهي كان خطابا لعبد الله بن عمرو , وقد ذكر مسلم عنه أنه عجز في آخر عمره , وندم على كونه لم يقبل الرخصة ، قالوا : فنهى ابن عمرو لعلمه بأنه سيعجز , وأقر حمزة بن عمرو لعلمه بقدرته بلا ضرر , والثالث : أن معنى لا صام : أنه لا يجد من مشقته ما يجدها غيره فيكون خبرا لا دعاء , وقال القرطبي : إنما سأل حمزة بن عمرو عن صوم رمضان في السفر لا عن سرد صوم التطوع , كما هو مصرح به في رواية أبي داود , ويؤيده قوله هنا : هي رخصة [ ص: 218 ] من الله فمن أخذ بها حسن ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه , ولا يقال في التطوع مثل هذا انتهى .




                                                                                                      الخدمات العلمية