الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 127 ] محمد بن شعيب : حدثنا مروان بن جناح ، عن يونس بن ميسرة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استأذن أبا بكر وعمر في أمر ، فقالا : الله ورسوله أعلم ، فقال : أشيرا علي . ثم قال : ادعوا معاوية . فقال : أحضروه أمركم ، وأشهدوه أمركم ، فإنه قوي أمين .

                                                                                      ورواه نعيم بن حماد ، عن بن شعيب ; فوصله بعبد الله بن بسر .

                                                                                      أبو مسهر وابن عائذ : عن صدقة بن خالد ، عن وحشي بن حرب بن وحشي ، عن أبيه ، عن جده قال : أردف النبي - صلى الله عليه وسلم - معاوية خلفه فقال : ما يليني منك ؟ قال : بطني يا رسول الله . قال : اللهم املأه علما .

                                                                                      زاد فيه أبو مسهر : وحلما .

                                                                                      قال صالح جزرة : لا يشتغل بوحشي ولا بأبيه .

                                                                                      بقية : عن بحير بن سعد ، عن خالد بن معدان ، عن جبير بن نفير : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسير ومعه جماعة ، فذكروا الشام ، فقال رجل : كيف نستطيع الشام وفيه الروم ؟ . قال : ومعاوية في القوم - وبيده عصا - فضرب بها كتف معاوية ، وقال : يكفيكم الله بهذا .

                                                                                      هذا مرسل قوي .

                                                                                      فهذه أحاديث مقاربة .

                                                                                      وقد ساق ابن عساكر في الترجمة أحاديث واهية وباطلة ، طول بها جدا .

                                                                                      [ ص: 128 ] وخلف معاوية خلق كثير يحبونه ويتغالون فيه ويفضلونه ، إما قد ملكهم بالكرم والحلم والعطاء ، وإما قد ولدوا في الشام على حبه ، وتربى أولادهم على ذلك . وفيهم جماعة يسيرة من الصحابة ، وعدد كثير من التابعين والفضلاء ، وحاربوا معه أهل العراق ، ونشأوا على النصب ، نعوذ بالله من الهوى . كما قد نشأ جيش علي - رضي الله عنه ورعيته إلا الخوارج منهم - على حبه والقيام معه ، وبغض من بغى عليه والتبري منهم ، وغلا خلق منهم في التشيع . فبالله كيف يكون حال من نشأ في إقليم لا يكاد يشاهد فيه إلا غاليا في الحب ، مفرطا في البغض ، ومن أين يقع له الإنصاف والاعتدال ؟ فنحمد الله على العافية الذي أوجدنا في زمان قد انمحص فيه الحق واتضح من الطرفين ، وعرفنا مآخذ كل واحد من الطائفتين ، وتبصرنا ، فعذرنا واستغفرنا وأحببنا باقتصاد ، وترحمنا على البغاة بتأويل سائغ في الجملة ، أو بخطأ - إن شاء الله - مغفور ، وقلنا كما علمنا الله ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا وترضينا أيضا عمن اعتزل الفريقين ، كسعد بن أبي وقاص ، وابن عمر ، ومحمد بن مسلمة ، وسعيد بن زيد ، وخلق . وتبرأنا من الخوارج المارقين الذين حاربوا عليا ، وكفروا الفريقين . فالخوارج كلاب النار ، قد مرقوا من الدين ، ومع هذا فلا نقطع لهم بخلود النار ، كما نقطع به لعبدة الأصنام والصلبان .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية