الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
( قوله وينتفع بها لو فقيرا وإلا تصدق على أجنبي ولأبويه وزوجته وولده لو فقيرا ) أي nindex.php?page=treesubj&link=24704_7167_24705ينتفع الملتقط باللقطة بأن يتملكها بشرط كونه فقيرا نظرا من الجانبين كما جاز الدفع إلى فقير آخر وأما الغني فلا يجوز له الانتفاع بها فإن كان غير الملتقط فظاهر للحديث فإن لم يجئ صاحبها فليتصدق بها والصدقة إنما تكون على الفقير كالصدقة المفروضة وإن كان الملتقط فكذلك وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي يجوز لقوله عليه السلام في حديث nindex.php?page=showalam&ids=34أبي رضي الله عنه { nindex.php?page=hadith&LINKID=66982فإن جاء صاحبها فادفعها إليه وإلا فانتفع بها } وكان من الأغنياء ولأنه إنما يباح للفقير حملا له على رفعها صيانة لها والغني يشاركه فيه ولنا أنه مال الغير فلا يباح الانتفاع به إلا برضاه لإطلاق النصوص والإباحة للفقير لما روينا أو بالإجماع فبقي ما وراءه على الأصل والغنى محمول على الأخذ لاحتمال افتقاره في مدة التعريف والفقير قد يتوانى لاحتمال استغنائه فيها وانتفاع nindex.php?page=showalam&ids=34أبي رضي الله عنه كان بإذن الإمام وهو جائز بإذنه كما في الهداية فقد أفاد أن nindex.php?page=treesubj&link=24705الغني يجوز له الانتفاع بإذن الإمام لكن على وجه القرض كما قيده به الزيلعي وغيره .
وظاهر كلامهم متونا وشروحا أن الحل للفقير بعد التعريف لا يتوقف على إذن القاضي ويخالفه ما في الخانية في المسألتين فإنه قال nindex.php?page=treesubj&link=7155_24705لو أراد الملتقط أن يصرفها إلى نفسه بعدما عرفها هذه المدة فهو على وجهين إن كان الملتقط غنيا لا يجوز له الانتفاع عندنا سواء فعل ذلك بأمر القاضي أو بغير أمره وإن كان الملتقط فقيرا إن أذن له القاضي أن ينفقها على نفسه يحل له أن ينفق ولا يحل بغير أمر القاضي عند عامة العلماء وقال بشر يحل ا هـ وإنما فسرنا الانتفاع بالتملك لأنه ليس المراد الانتفاع بدونه كالإباحة ولذا ملك بيعها وصرف الثمن إلى نفسه كما في الخانية أطلق في عدم الانتفاع للغني فشمل القرض ولذا قال في فتح القدير وليس للملتقط إذا كان غنيا أن يتملكها بطريق القرض إلا بإذن الإمام وإن كان فقيرا فله أن يصرفها إلى نفسه صدقة لا قرضا ا هـ .
وأطلق في ولده فشمل الصغير والحاصل أن أقارب الملتقط وأصوله وفروعه وزوجته كالأجنبي لأن الجواز للفقر وهو موجود في الكل وينبغي تقييد الصغير بأن يكون الملتقط فقيرا لأن الولد يعد غنيا بغناء أبيه كما قدمناه في الزكاة ولم يذكر المصنف حكم ما إذا انتفع بها الملتقط ثم حضر المالك لأنه معلوم من حكم ما إذا تصدق بها الملتقط ثم حضر المالك بالأولى فله أن يجيز وأن يضمن وفي الخانية nindex.php?page=treesubj&link=24704_24705_7155رجل وجد عرضا لقطة فعرفها ولم يجد صاحبها وهو فقير ثم أنفق على نفسه ثم أصاب مالا قالوا لا يجب عليه أن يتصدق على الفقراء بمثل ما أنفق على نفسه زاد في الولوالجية وهو المختار فأفاد الاختلاف .
وفي الخانية [ ص: 171 ] nindex.php?page=treesubj&link=24704_24705_6995امرأة وضعت ملاءتها وجاءت امرأة أخرى ووضعت ملاءتها ثم جاءت الأولى وأخذت ملاءة الثانية وذهبت لا ينبغي للثانية أن تنتفع بملاءة الأولى لأنه انتفاع بملك الغير فإن أرادت أن تنتفع بها قالوا ينبغي أن تتصدق هي بهذه الملاءة على ابنتها إن كانت فقيرة على نية أن يكون ثواب الصدقة لصاحبتها إن رضيت ثم تهب الابنة الملاءة منها فيسعها الانتفاع بها لأنها بمنزلة اللقطة فكان سبيلها التصدق وإن كانت غنية لا يحل لها الانتفاع بها وكذلك الجواب في المكعب إذا سرق ا هـ .
وقيده بعضهم بأن يكون المكعب الثاني مثل الأول أو أجود أما إذا كان الثاني دون الأول فله أن ينتفع به من غير هذا التكلف لأن أخذ الأجود وترك الأدون دليل الرضا بالانتفاع بالأدون كذا في الظهيرية وفيه مخالفة اللقطة من جهة جواز التصدق بها قبل التعريف وكأنه للضرورة وكذلك جوزوا الانتفاع للحال في مسألة مذكورة في الخلاصة وفي الولوالجية هي nindex.php?page=treesubj&link=24704_13931_13657_13658لو مات غريب في دار رجل ومعه قدر خمسة دراهم فأراد صاحب البيت أن يتصدق على نفسه إن كان فقيرا فله ذلك كاللقطة ا هـ .
ولم يصرحا بما زاد على الخمسة وفي الحاوي القدسي وإذا مات الغريب في بيت إنسان وليس له وارث معروف كان حكم تركته كحكم اللقطة إلا إذا كان مالا كثيرا يكون لبيت المال بعد البحث والفحص عن ورثته سنين ا هـ .
وفي الخانية nindex.php?page=treesubj&link=24704_13931_13657_13658رجل غريب مات في دار رجل وليس له وارث معروف وخلف ما يساوي خمسة دراهم وصاحب الدار فقير ليس له أن يتصدق بهذا المال على نفسه لأنه ليس بمنزلة اللقطة ا هـ .
وهو مخالف لما ذكرنا هـ والأول أثبت وصرح به في المحيط وأما مسألة الحمام فقال في الظهيرية nindex.php?page=treesubj&link=6995رجل له محصنة حمام اختلط بها أهلي لغيره لا ينبغي له أن يأخذه فإن أخذه طلب صاحبه ليرده عليه لأنه في معنى اللقطة فإن فرخ عنده فإن كانت الأم غريبة لا يتعرض لفرخها وإن كانت الأم لصاحب المحصنة والغريب ذكر فالفرخ له قال الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي وبهذا تبين أن nindex.php?page=treesubj&link=24704_24705_7155_6995من اتخذ برج حمام فأوكرت فيه حمام الناس فما يأخذ من أفراخها لا يحل له وهو بمنزلة اللقطة في يده فإن كان فقيرا له أن يتناول لحاجته وإن كان غنيا ينبغي له أن يتصدق بها على فقير ثم يشتري ويحل له التناول قال شمس الأئمة وهكذا كان يفعل شيخنا شمس الأئمة الحلواني وكان مولعا بأكل الجوازل ومحصنة الحمام برجه وأوكرت اتخذت وكرا وهو بيت الحمام وغيره والمولع الحريص والجوازل جمع جوزل وهو فرخ الحمام ا هـ .
وفي القنية nindex.php?page=treesubj&link=24704_7155يمشي في السوق وينفخ في التراب فوجد عدلية أو فلسا أو ذهبا لا يحل له إلا بعد التعريف ثم التصدق عليه إن كان فقيرا ثم رقم لآخر أما الفلس والعدلية فيباح له إذا كان فقيرا وفي الزيادة لا ويجوز التصدق في العدلية والفلس قبل التعريف ا هـ .
وفي الظهيرية المأخوذ به أن للمأمور بالنثار سكرا أو غيره أن يحبس لنفسه مقدار ما يحبسه الناس وأن يلتقط ومن وقع في حجره أو ذيله شيء فأخذه منه غيره إن هيأه لذلك لا يكون للآخذ وإلا كان له وفي التتارخانية nindex.php?page=treesubj&link=24704سارق دفع لرجل متاعا فينبغي له أن يتصدق به إن لم يعرف صاحبه وإلا رده ولا يرد إلى السارق والله سبحانه وتعالى أعلم . .
[ ص: 170 ] ( قوله بأن يتملكها ) قال في النهر معنى الانتفاع بها صرفها إلى نفسه كما في الفتح وهذا لا يتحقق ما بقيت في يده لا تملكها كما توهمه في البحر لما أنها باقية على ملك صاحبها ما لم يتصرف فيها حتى لو كانت أقل من نصاب وعنده ما تصير به نصابا حال عليه الحول تحت يده يجب عليه زكاة ا هـ .
ومقتضاه أنها nindex.php?page=treesubj&link=24704_24705لو كانت عينا فانتفع بها بلبس ونحوه لا يملكها مع أنه يصدق عليه أنه صرفها إلى نفسه ومراد المؤلف بالتملك الاحتراز عن الإباحة كما ينبه عليه أي ينتفع بها وهي ملكه حال الانتفاع لا أنه يباح له الانتفاع بها باقية على ملك صاحبها وإلا لم يكن له بيعها فليتأمل ( قوله وظاهر كلامهم متونا وشروحا إلخ ) يخالفه ما في متن مواهب الرحمن وينتفع بها بإذن القاضي وقيل بدونه وعزا الأول في شرحه البرهان إلى الأكثر كما نقله عنه في الشرنبلالية ( قوله وينبغي تقييد الصغير بأن يكون الملتقط فقيرا ) قال في النهر هذا سهو بل المراد الكبير إذ موضوع المسألة ما nindex.php?page=treesubj&link=24704إذا كان الملتقط غنيا وله ابن فقير وهذا لا يتأتى في الصغير فكيف يشمله الإطلاق وقدمنا أنه لا يتصدق بها على ولد غني قال أبو السعود وقد تبعه الحموي ووجه عدمه الشمول أن ابن الغني الصغير يعد غنيا بغناء أبيه بخلاف ابنه الكبير حيث لا يعد غنيا بغناء أبيه وأقول : تسهية صاحب البحر إنما تتجه أن لو كان تصدق الملتقط بها على غيره ينحصر فيما لو كان غنيا مع أنه لا ينحصر إذ للفقير أن يتصدق بها أيضا كالغني وإن جاز له أن يصرفها إلى نفسه لفقره فيحمل كلام البحر عليه وكون موضوع المسألة ما إذا كان الملتقط غنيا لا يقدح في صحته ا هـ .
[ ص: 170 ] ( قوله بأن يتملكها ) قال في النهر معنى الانتفاع بها صرفها إلى نفسه كما في الفتح وهذا لا يتحقق ما بقيت في يده لا تملكها كما توهمه في البحر لما أنها باقية على ملك صاحبها ما لم يتصرف فيها حتى لو كانت أقل من نصاب وعنده ما تصير به نصابا حال عليه الحول تحت يده يجب عليه زكاة ا هـ .
ومقتضاه أنها nindex.php?page=treesubj&link=24704_24705لو كانت عينا فانتفع بها بلبس ونحوه لا يملكها مع أنه يصدق عليه أنه صرفها إلى نفسه ومراد المؤلف بالتملك الاحتراز عن الإباحة كما ينبه عليه أي ينتفع بها وهي ملكه حال الانتفاع لا أنه يباح له الانتفاع بها باقية على ملك صاحبها وإلا لم يكن له بيعها فليتأمل ( قوله وظاهر كلامهم متونا وشروحا إلخ ) يخالفه ما في متن مواهب الرحمن وينتفع بها بإذن القاضي وقيل بدونه وعزا الأول في شرحه البرهان إلى الأكثر كما نقله عنه في الشرنبلالية ( قوله وينبغي تقييد الصغير بأن يكون الملتقط فقيرا ) قال في النهر هذا سهو بل المراد الكبير إذ موضوع المسألة ما nindex.php?page=treesubj&link=24704إذا كان الملتقط غنيا وله ابن فقير وهذا لا يتأتى في الصغير فكيف يشمله الإطلاق وقدمنا أنه لا يتصدق بها على ولد غني قال أبو السعود وقد تبعه الحموي ووجه عدمه الشمول أن ابن الغني الصغير يعد غنيا بغناء أبيه بخلاف ابنه الكبير حيث لا يعد غنيا بغناء أبيه وأقول : تسهية صاحب البحر إنما تتجه أن لو كان تصدق الملتقط بها على غيره ينحصر فيما لو كان غنيا مع أنه لا ينحصر إذ للفقير أن يتصدق بها أيضا كالغني وإن جاز له أن يصرفها إلى نفسه لفقره فيحمل كلام البحر عليه وكون موضوع المسألة ما إذا كان الملتقط غنيا لا يقدح في صحته ا هـ .