الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قد ضلوا ضلالا بعيدا إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيرا يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا [ ص: 546 ] لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى: يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم فيه قولان: أحدهما: أنه خطاب للنصارى خاصة. والثاني: أنه خطاب لليهود والنصارى ، لأن الفريقين غلوا فيالمسيح ، فقالت النصارى: هو الرب ، وقالت اليهود: هو لغير رشدة ، وهذا قول الحسن . والغلو: مجاوزة الحد ، ومنه غلاء السعر ، إذا جاوز الحد في الزيادة ، وغلا في الدين ، إذا فرط في مجاوزة الحق. ولا تقولوا على الله إلا الحق يعني في غلوهم في المسيح. إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله ردا على من جعله إلها ، أو لغير رشدة [أو] ساحرا. وكلمته ألقاها إلى مريم في كلمته ثلاثة أقاويل: أحدها: لأن الله كلمه حين قال له كن ، وهذا قول الحسن ، وقتادة . الثاني: لأنه بشارة الله التي بشر بها ، فصار بذلك كلمة الله. والثالث: لأنه يهتدى به كما يهتدى بكلام الله. وروح منه فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: سمي بذلك لأنه روح من الأرواح ، وأضافه الله إلى نفسه تشريفا له. والثاني: أنه سمي روحا; لأنه يحيا به الناس كما يحيون بالأرواح. والثالث: أنه سمي بذلك لنفخ جبريل عليه السلام ، لأنه كان ينفخ فيه الروح بإذن الله ، والنفخ يسمى في اللغة روحا ، فكان عن النفخ فسمي به فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم في الثلاثة قولان: [ ص: 547 ]

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: هو قول النصارى: أب وابن وروح القدس ، وهذا قول بعض البصريين. والثاني: هو قول من قال: آلهتنا ثلاثة ، وهو قول الزجاج.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية