nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=245من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبصط وإليه ترجعون
اعتراض بين جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم إلى آخرها ، وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=246ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل الآية ، قصد به الاستطراد للحث على الإنفاق لوجه الله في طرق البر ، لمناسبة الحث على القتال ، فإن القتال يستدعي إنفاق المقاتل على نفسه في العدة والمئونة مع الحث على إنفاق الواجد فضلا في سبيل الله : بإعطاء العدة لمن لا عدة له ، والإنفاق على المعسرين من الجيش ، وفيها تبيين لمضمون جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=244واعلموا أن الله سميع عليم فكانت ذات ثلاثة أغراض .
و (
nindex.php?page=treesubj&link=5516القرض ) إسلاف المال ونحوه بنية إرجاع مثله ، ويطلق مجازا على البذل لأجل الجزاء ، فيشمل بهذا المعنى بذل النفس والجسم رجاء الثواب ، ففعل يقرض مستعمل في حقيقته ومجازه .
والاستفهام في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=245من ذا الذي يقرض الله مستعمل في التحضيض والتهييج على الاتصاف بالخير كأن المستفهم لا يدري من هو أهل هذا الخير والجدير به ، قال
طرفة :
إذا القوم قالوا من فتى خلت أنني عنيت فلم أكسل ولم أتـبـلـد
و ( ذا ) بعد أسماء الاستفهام قد يكون مستعملا في معناه كما تقول ، وقد رأيت شخصا لا تعرفه : ( من ذا ) فإذا لم يكن في مقام الكلام شيء يصلح لأن يشار إليه بالاستفهام كان استعمال ( ذا ) بعد اسم الاستفهام للإشارة المجازية بأن يتصور المتكلم في ذهنه شخصا موهوما مجهولا صدر منه فعل فهو يسأل عن تعيينه ، وإنما يكون ذلك للاهتمام بالفعل الواقع وتطلب معرفة فاعله ولكون هذا الاستعمال يلازم ذكر فعل بعد اسم الإشارة ، قال النحاة كلهم بصريهم وكوفيهم : بأن ( ذا ) مع الاستفهام تتحول إلى اسم موصول مبهم غير معهود ، فعدوه اسم موصول ، وبوب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه في كتابه فقال " باب إجرائهم ذا وحده بمنزلة الذي
[ ص: 482 ] وليس يكون كالذي إلا مع ( ما ) و ( من ) في الاستفهام فيكون ( ذا ) بمنزلة الذي ويكون " ما " - أي أو من - حرف الاستفهام وإجراؤهم إياه مع ما - أي أو من - بمنزلة اسم واحد " ومثله بقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=30ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا وبقية أسماء الإشارة مثل اسم ( ذا ) عند الكوفيين ، وأما البصريون فقصروا هذا الاستعمال على ( ذا ) وليس مرادهم أن ذا مع الاستفهام يصير اسم موصول ; فإنه يكثر في الكلام أن يقع بعده اسم موصول ، كما في هذه الآية ، ولا معنى لوقوع اسمي موصول صلتهما واحدة ، ولكنهم أرادوا أنه يفيد مفاد اسم الموصول ، فيكون ما بعده من فعل أو وصف في معنى صلة الموصول ، وإنما دونوا ذلك لأنهم تناسوا ما في استعمال " ذا " في الاستفهام من المجاز ، فكان تدوينها قليل الجدوى .
والوجه أن ( ذا ) في الاستفهام لا يخرج عن كونه للإشارة وإنما هي إشارة مجازية ، والفعل الذي يجيء بعده يكون في موضع الحال . فوزان قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=24ماذا أنزل ربكم وزان قول
يزيد بن ربيعة بن مفرغ يخاطب بغلته :
نجوت وهذا تحملين طليق والإقراض : فعل القرض . والقرض : السلف ، وهو بذل شيء ليرد مثله أو مساويه ، واستعمل هنا مجازا في البذل الذي يرجى الجزاء عليه تأكيدا في تحقيق حصول التعويض والجزاء . ووصف القرض بالحسن لأنه لا يرضى الله به إلا إذا كان مبرأ عن شوائب الرياء والأذى ، كما قال
النابغة :
ليست بذات عقارب
وقيل : القرض هنا على حقيقته وهو السلف ، ولعله علق باسم الجلالة لأن الذي يقرض الناس طمعا في الثواب كأنه أقرض الله تعالى ; لأن
nindex.php?page=treesubj&link=5541القرض من الإحسان الذي أمر الله به وفي معنى هذا ما جاء في الحديث القدسي : إن الله عز وجل يقول يوم القيامة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341303يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني قال يا رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين قال أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه . الحديث . وقد رووا : أن
nindex.php?page=treesubj&link=23468ثواب الصدقة عشر أمثالها
nindex.php?page=treesubj&link=5541وثواب القرض ثمانية عشر من أمثاله . وقرأ الجمهور
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=245فيضاعفه بألف بعد الضاد ، وقرأه
ابن كثير ،
وابن عامر ،
وأبو جعفر ،
ويعقوب . بدون ألف بعد الضاد وبتشديد العين .
ورفع ( فيضاعفه ) في قراءة الجمهور ، على العطف على
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=245يقرض ليدخل في حيز
[ ص: 483 ] التحضيض معاقبا للإقراض في الحصول ، وقرأه
ابن عامر ،
وعاصم ،
ويعقوب : بنصب الفاء على جواب التحضيض ، والمعنى على كلتا القراءتين واحد .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=245والله يقبض ويبصط أصل القبض : الشد والتماسك ، وأصل البسط : ضد القبض وهو الإطلاق والإرسال ، وقد تفرعت عن هذا المعنى معان : منها القبض بمعنى الأخذ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=283فرهان مقبوضة وبمعنى الشح
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=67ويقبضون أيديهم ومنها البسط بمعنى البذل
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=26الله يبسط الرزق لمن يشاء وبمعنى السخاء
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=64بل يداه مبسوطتان ومن أسمائه تعالى : القابض ، الباسط ، بمعنى المانع ، المعطي ، وقرأ الجمهور : ويبسط بالسين ، وقرأه
نافع ،
nindex.php?page=showalam&ids=13869والبزي عن
ابن كثير ،
وأبو بكر عن
عاصم ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ،
وأبو جعفر ،
وروح عن
يعقوب ، بالصاد وهو لغة .
يحتمل أن المراد هنا : يقبض العطايا والصدقات ، ويبسط الجزاء والثواب ، ويحتمل أن المراد يقبض نفوسا عن الخير ، ويبسط نفوسا للخير ، وفيه تعريض بالوعد بالتوسعة على المنفق في سبيل الله ، والتقتير على البخيل . وفي الحديث ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341304اللهم أعط منفقا خلفا وممسكا تلفا ، وفي
ابن عطية عن
الحلواني عن
nindex.php?page=showalam&ids=16810قالون عن
نافع : أنه لا يبالي كيف قرأ يبسط وبسطه بالسين أو بالصاد . أي لأنهما لغتان مثل الصراط والسراط ، والأصل هو السين ، ولكنها قلبت صادا في بصطه ويبصط لوجود الطاء بعدها ، ومخرجها بعيد من مخرج السين ; لأن الانتقال من السين إلى الطاء ثقيل بخلاف الصاد .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=245وإليه ترجعون خبر مستعمل في التنبيه والتذكير بأن ما أعد لهم في الآخرة من الجزاء على الإنفاق في سبيل الله أعظم مما وعدوا به من الخير في الدنيا ، وفيه تعريض بأن الممسك
nindex.php?page=treesubj&link=18897البخيل عن الإنفاق في سبيل الله محروم من خير كثير .
روي أنه لما نزلت الآية
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341305جاء nindex.php?page=showalam&ids=11856أبو الدحداح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أو أن الله يريد منا القرض ؟ قال : نعم يا nindex.php?page=showalam&ids=11856أبا الدحداح ، قال : أرني يدك فناوله يده فقال : فإني أقرضت الله حائطا فيه ستمائة نخلة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كم من عذق رداح ودار فساح في الجنة nindex.php?page=showalam&ids=11856لأبي الدحداح .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=245مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفُهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّه يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
اعْتِرَاضٌ بَيْنَ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ إِلَى آخِرِهَا ، وَجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=246أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَأِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ الْآيَةَ ، قُصِدَ بِهِ الِاسْتِطْرَادُ لِلْحَثِّ عَلَى الْإِنْفَاقِ لِوَجْهِ اللَّهِ فِي طُرُقِ الْبِرِّ ، لِمُنَاسَبَةِ الْحَثِّ عَلَى الْقِتَالِ ، فَإِنَّ الْقِتَالَ يَسْتَدْعِي إِنْفَاقَ الْمُقَاتِلِ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْعِدَّةِ وَالْمَئُونَةِ مَعَ الْحَثِّ عَلَى إِنْفَاقِ الْوَاجِدِ فَضْلًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ : بِإِعْطَاءِ الْعِدَّةِ لِمَنْ لَا عِدَّةَ لَهُ ، وَالْإِنْفَاقِ عَلَى الْمُعْسِرِينَ مِنَ الْجَيْشِ ، وَفِيهَا تَبْيِينٌ لِمَضْمُونِ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=244وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ فَكَانَتْ ذَاتَ ثَلَاثَةِ أَغْرَاضٍ .
وَ (
nindex.php?page=treesubj&link=5516الْقَرْضُ ) إِسْلَافُ الْمَالِ وَنَحْوِهِ بِنِيَّةِ إِرْجَاعِ مِثْلِهِ ، وَيُطْلَقُ مَجَازًا عَلَى الْبَذْلِ لِأَجْلِ الْجَزَاءِ ، فَيَشْمَلُ بِهَذَا الْمَعْنَى بَذْلَ النَّفْسِ وَالْجِسْمِ رَجَاءَ الثَّوَابِ ، فَفِعْلُ يُقْرِضُ مُسْتَعْمَلٌ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ .
وَالِاسْتِفْهَامُ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=245مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّحْضِيضِ وَالتَّهْيِيجِ عَلَى الِاتِّصَافِ بِالْخَيْرِ كَأَنَّ الْمُسْتَفْهِمَ لَا يَدْرِي مَنْ هُوَ أَهْلُ هَذَا الْخَيْرِ وَالْجَدِيرُ بِهِ ، قَالَ
طَرَفَةُ :
إِذَا الْقَوْمُ قَالُوا مَنْ فَتًى خِلْتُ أَنَّنِي عُنِيتُ فَلَمْ أَكْسَلْ وَلَمْ أَتَـبَـلَّـدِ
وَ ( ذَا ) بَعْدَ أَسْمَاءِ الِاسْتِفْهَامِ قَدْ يَكُونُ مُسْتَعْمَلًا فِي مَعْنَاهُ كَمَا تَقُولُ ، وَقَدْ رَأَيْتَ شَخْصًا لَا تَعْرِفُهُ : ( مَنْ ذَا ) فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي مَقَامِ الْكَلَامِ شَيْءٌ يَصْلُحُ لِأَنْ يُشَارَ إِلَيْهِ بِالِاسْتِفْهَامِ كَانَ اسْتِعْمَالُ ( ذَا ) بَعْدَ اسْمِ الِاسْتِفْهَامِ لِلْإِشَارَةِ الْمَجَازِيَّةِ بِأَنْ يَتَصَوَّرَ الْمُتَكَلِّمُ فِي ذِهْنِهِ شَخْصًا مَوْهُومًا مَجْهُولًا صَدَرَ مِنْهُ فِعْلٌ فَهُوَ يَسْأَلُ عَنْ تَعْيِينِهِ ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ لِلِاهْتِمَامِ بِالْفِعْلِ الْوَاقِعِ وَتَطَّلُبِ مَعْرِفَةِ فَاعِلِهِ وَلِكَوْنِ هَذَا الِاسْتِعْمَالِ يُلَازِمُ ذِكْرَ فِعْلٍ بَعْدَ اسْمِ الْإِشَارَةِ ، قَالَ النُّحَاةُ كُلُّهُمْ بَصْرِيُّهُمْ وَكُوفِيُّهُمْ : بِأَنَّ ( ذَا ) مَعَ الِاسْتِفْهَامِ تَتَحَوَّلُ إِلَى اسْمٍ مَوْصُولٍ مُبْهَمٍ غَيْرِ مَعْهُودٍ ، فَعَدُّوهُ اسْمَ مَوْصُولٍ ، وَبَوَّبَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ " بَابُ إِجْرَائِهِمْ ذَا وَحْدَهُ بِمَنْزِلَةِ الَّذِي
[ ص: 482 ] وَلَيْسَ يَكُونُ كَالَّذِي إِلَّا مَعَ ( مَا ) وَ ( مَنْ ) فِي الِاسْتِفْهَامِ فَيَكُونُ ( ذَا ) بِمَنْزِلَةِ الَّذِي وَيَكُونُ " مَا " - أَيْ أَوْ مَنْ - حَرْفَ الِاسْتِفْهَامِ وَإِجْرَاؤُهُمْ إِيَّاهُ مَعَ مَا - أَيْ أَوْ مَنْ - بِمَنْزِلَةِ اسْمٍ وَاحِدٍ " وَمَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=30مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا وَبَقِيَّةُ أَسْمَاءِ الْإِشَارَةِ مِثْلُ اسْمِ ( ذَا ) عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ ، وَأَمَّا الْبَصْرِيُّونَ فَقَصَرُوا هَذَا الِاسْتِعْمَالَ عَلَى ( ذَا ) وَلَيْسَ مُرَادُهُمْ أَنَّ ذَا مَعَ الِاسْتِفْهَامِ يَصِيرُ اسْمَ مَوْصُولٍ ; فَإِنَّهُ يَكْثُرُ فِي الْكَلَامِ أَنْ يَقَعَ بَعْدَهُ اسْمٌ مَوْصُولٌ ، كَمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ ، وَلَا مَعْنَى لِوُقُوعِ اسْمَيْ مَوْصُولٍ صِلَتُهُمَا وَاحِدَةٌ ، وَلَكِنَّهُمْ أَرَادُوا أَنَّهُ يُفِيدُ مُفَادَ اسْمِ الْمَوْصُولِ ، فَيَكُونُ مَا بَعْدَهُ مِنْ فِعْلٍ أَوْ وَصْفٍ فِي مَعْنَى صِلَةِ الْمَوْصُولِ ، وَإِنَّمَا دَوَّنُوا ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ تَنَاسَوْا مَا فِي اسْتِعْمَالِ " ذَا " فِي الِاسْتِفْهَامِ مِنَ الْمَجَازِ ، فَكَانَ تَدْوِينُهَا قَلِيلَ الْجَدْوَى .
وَالْوَجْهُ أَنَّ ( ذَا ) فِي الِاسْتِفْهَامِ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ لِلْإِشَارَةِ وَإِنَّمَا هِيَ إِشَارَةٌ مَجَازِيَّةٌ ، وَالْفِعْلُ الَّذِي يَجِيءُ بَعْدَهُ يَكُونُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ . فَوِزَانُ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=24مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ وِزَانُ قَوْلِ
يَزِيدَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ مُفَرِّغٍ يُخَاطِبُ بَغْلَتَهُ :
نَجَوْتِ وَهَذَا تَحْمِلِينَ طَلِيقُ وَالْإِقْرَاضُ : فِعْلُ الْقَرْضِ . وَالْقَرْضُ : السَّلَفُ ، وَهُوَ بَذْلُ شَيْءٍ لِيُرَدَّ مِثْلُهُ أَوْ مُسَاوِيهُ ، وَاسْتُعْمِلَ هُنَا مَجَازًا فِي الْبَذْلِ الَّذِي يُرْجَى الْجَزَاءُ عَلَيْهِ تَأْكِيدًا فِي تَحْقِيقِ حُصُولِ التَّعْوِيضِ وَالْجَزَاءِ . وَوَصْفُ الْقَرْضِ بِالْحَسَنِ لِأَنَّهُ لَا يَرْضَى اللَّهُ بِهِ إِلَّا إِذَا كَانَ مُبَرَّأً عَنْ شَوَائِبِ الرِّيَاءِ وَالْأَذَى ، كَمَا قَالَ
النَّابِغَةُ :
لَيْسَتْ بِذَاتِ عَقَارِبَ
وَقِيلَ : الْقَرْضُ هُنَا عَلَى حَقِيقَتِهِ وَهُوَ السَّلَفُ ، وَلَعَلَّهُ عُلِّقَ بِاسْمِ الْجَلَالَةِ لِأَنَّ الَّذِي يُقْرِضُ النَّاسَ طَمَعًا فِي الثَّوَابِ كَأَنَّهُ أَقْرَضَ اللَّهَ تَعَالَى ; لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=5541الْقَرْضَ مِنَ الْإِحْسَانِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَفِي مَعْنَى هَذَا مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341303يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي قَالَ يَا رَبِّ وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ . الْحَدِيثَ . وَقَدْ رَوَوْا : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=23468ثَوَابَ الصَّدَقَةِ عَشْرُ أَمْثَالِهَا
nindex.php?page=treesubj&link=5541وَثَوَابَ الْقَرْضِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِنْ أَمْثَالِهِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=245فَيُضَاعِفَهُ بِأَلِفٍ بَعْدِ الضَّادِ ، وَقَرَأَهُ
ابْنُ كَثِيرٍ ،
وَابْنُ عَامِرٍ ،
وَأَبُو جَعْفَرٍ ،
وَيَعْقُوبُ . بِدُونِ أَلِفٍ بَعْدَ الضَّادِ وَبِتَشْدِيدِ الْعَيْنِ .
وَرَفْعُ ( فَيُضَاعِفُهُ ) فِي قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ ، عَلَى الْعَطْفِ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=245يُقْرِضُ لِيَدْخُلَ فِي حَيِّزِ
[ ص: 483 ] التَّحْضِيضِ مُعَاقِبًا لِلْإِقْرَاضِ فِي الْحُصُولِ ، وَقَرَأَهُ
ابْنُ عَامِرٍ ،
وَعَاصِمٌ ،
وَيَعْقُوبُ : بِنَصْبِ الْفَاءِ عَلَى جَوَابِ التَّحْضِيضِ ، وَالْمَعْنَى عَلَى كِلْتَا الْقِرَاءَتَيْنِ وَاحِدٌ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=245وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ أَصْلُ الْقَبْضِ : الشَّدُّ وَالتَّمَاسُكُ ، وَأَصْلُ الْبَسْطِ : ضِدُّ الْقَبْضِ وَهُوَ الْإِطْلَاقُ وَالْإِرْسَالُ ، وَقَدْ تَفَرَّعَتْ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى مَعَانٍ : مِنْهَا الْقَبْضُ بِمَعْنَى الْأَخْذِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=283فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ وَبِمَعْنَى الشُّحِّ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=67وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ وَمِنْهَا الْبَسْطُ بِمَعْنَى الْبَذْلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=26اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَبِمَعْنَى السَّخَاءِ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=64بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ وَمِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى : الْقَابِضُ ، الْبَاسِطُ ، بِمَعْنَى الْمَانِعِ ، الْمُعْطِي ، وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : وَيَبْسُطُ بِالسِّينِ ، وَقَرَأَهُ
نَافِعٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13869وَالْبَزِّيُّ عَنِ
ابْنِ كَثِيرٍ ،
وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ
عَاصِمٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ ،
وَأَبُو جَعْفَرٍ ،
وَرَوْحٌ عَنْ
يَعْقُوبَ ، بِالصَّادِ وَهُوَ لُغَةٌ .
يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا : يَقْبِضُ الْعَطَايَا وَالصَّدَقَاتِ ، وَيَبْسُطُ الْجَزَاءَ وَالثَّوَابَ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ يَقْبِضُ نُفُوسًا عَنِ الْخَيْرِ ، وَيَبْسُطُ نُفُوسًا لِلْخَيْرِ ، وَفِيهِ تَعْرِيضٌ بِالْوَعْدِ بِالتَّوْسِعَةِ عَلَى الْمُنْفِقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَالتَّقْتِيرِ عَلَى الْبَخِيلِ . وَفِي الْحَدِيثِ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341304اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا وَمُمْسِكًا تَلَفًا ، وَفِي
ابْنِ عَطِيَّةَ عَنِ
الْحُلْوَانِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16810قَالُونَ عَنْ
نَافِعٍ : أَنَّهُ لَا يُبَالِي كَيْفَ قَرَأَ يَبْسُطُ وَبَسَطَهُ بِالسِّينِ أَوْ بِالصَّادِ . أَيْ لِأَنَّهُمَا لُغَتَانِ مِثْلُ الصِّرَاطِ وَالسِّرَاطِ ، وَالْأَصْلُ هُوَ السِّينُ ، وَلَكِنَّهَا قُلِبَتْ صَادًا فِي بَصَطَهُ وَيَبْصُطُ لِوُجُودِ الطَّاءِ بَعْدَهَا ، وَمَخْرَجُهَا بِعِيدٌ مِنْ مَخْرَجِ السِّينِ ; لِأَنَّ الِانْتِقَالَ مِنَ السِّينِ إِلَى الطَّاءِ ثَقِيلٌ بِخِلَافِ الصَّادِ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=245وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ خَبَرٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّنْبِيهِ وَالتَّذْكِيرِ بِأَنَّ مَا أُعِدَّ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْجَزَاءِ عَلَى الْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَعْظَمُ مِمَّا وُعِدُوا بِهِ مِنَ الْخَيْرِ فِي الدُّنْيَا ، وَفِيهِ تَعْرِيضٌ بِأَنَّ الْمُمْسِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=18897الْبَخِيلَ عَنِ الْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَحْرُومٌ مِنْ خَيْرٍ كَثِيرٍ .
رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتِ الْآيَةُ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341305جَاءَ nindex.php?page=showalam&ids=11856أَبُو الدَّحْدَاحِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَوَ أَنَّ اللَّهَ يُرِيدُ مِنَّا الْقَرْضَ ؟ قَالَ : نَعَمْ يَا nindex.php?page=showalam&ids=11856أَبَا الدَّحْدَاحِ ، قَالَ : أَرِنِي يَدَكَ فَنَاوَلَهُ يَدَهُ فَقَالَ : فَإِنِّي أَقْرَضْتُ اللَّهَ حَائِطًا فِيهِ سِتُّمِائَةِ نَخْلَةٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمْ مِنْ عِذْقٍ رَدَاحٍ وَدَارٍ فَسَاحٍ فِي الْجَنَّةِ nindex.php?page=showalam&ids=11856لِأَبِي الدَّحْدَاحِ .