الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1571 - وعن عامر الرام - رضي الله عنه - قال : ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأسقام ، فقال : " إن المؤمن إذا أصابه السقم ، ثم عافاه الله - عز وجل - منه ، كان كفارة لما مضى من ذنوبه ، وموعظة له فيما يستقبل وإن المنافق إذا مرض ثم أعفي ، كان كالبعير إذا عقله أهله ثم أرسلوه ، فلم يدر لم عقلوه ، ولم أرسلوه " فقال رجل : يا رسول الله ، وما الأسقام ؟ والله ما مرضت قط . فقال : " قم عنا فلست منا " . رواه أبو داود .

التالي السابق


1571 - ( وعن عامر الرام ) : بحذف الياء تخفيفا كما في المتعال ; لأنه كان حسن الرمي ، قوي الساعد ، قال ميرك : ويقال الزامي ، صحابي ، روى له أبو داود وحده ، كذا قاله الشيخ الجزري ، وقال العسقلاني : عامر الراوي صحابي له حديث يروى بإسناد مجهول ، وقال الطيبي : الرام بالتخفيف بمعنى الرامي ، ويقال عامر بن الرام ، والأول أصح ، ويذكر فيمن له رؤية ورواية . ( قال : ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأسقام ) أي : الأمراض ، أو ثوابها . ( فقال : " إن المؤمن إذا أصابه السقم ) : بفتحتين وبضم فسكون . ( ثم عافاه الله - عز وجل - منه ) أي : من ذلك السقم . ( كان ) أي : السقم ، وفي الحقيقة الصبر عليه . ( كفارة لما مضى من ذنوبه ، وموعظة له ) أي : تنبيها للمؤمن فيتوب ويتقي . ( فيما يستقبل ) : من الزمان . قال الطيبـي : أي : إذا مرض المؤمن ، ثم عوفي تنبه وعلم أن مرضه كان مسببا عن الذنوب الماضية فيندم ، ولا يقدم على ما مضى فيكون كفارة لها .

( وإن المنافق ) : وفي معناه الفاسق المصر . ( إذا مرض ثم أعفي ) : بمعنى عوفي ، والاسم منه العافية . ( كان ) أي : المنافق في غفلته . ( كالبعير عقله أهله ) أي : شدوه وقيدوه ، وهو كناية عن المرض استئناف مبين لوجه الشبه . ( ثم أرسلوه ) أي : أطلقوه ، وهو كناية عن العافية . ( فلم يدر ) أي : لم ) يعلم . ( لم أي : لأي سبب . ( عقلوه ، ولم أرسلوه ؟ ) يعني : أن المنافق لا يتعظ ولا يتوب ، فلا يفيد مرضه لا فيما مضى ، ولا فيما يستقبل ، فأولئك كالأنعام بل هم أضل ، أولئك هم الغافلون . ( فقال رجل : يا رسول الله ، وما الأسقام ؟ ) : قال الطيبـي : عطف على مقدر أي : عرفنا ما يترتب على الأسقام ، وما الأسقام ؟ . ( والله ما مرضت قط . فقال " قم ) أي : تنح وابعد . ( عنا فلست منا ) أي : لست من أهل طريقتنا ، حيث لم تبتل ببليتنا ، وجاء في بعض الروايات : أنه - عليه الصلاة والسلام - قال : " من سره أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا ; لو كان الله يريد به خيرا لطهر به جسده " . وفي رواية : إن الله يبغض العفريت النفريت ، الذي لا يرزأ في ولده ، ولا يصاب في ماله . ( رواه أبو داود ) قال ميرك : وفي إسناده راو لم يسم .




الخدمات العلمية