الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : قوله : ( الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ) يدل على أنه تعالى غير مختص بجهة العلو البتة ، وذلك لأن كل ما سماك وعلاك فهو سماء ، فلو حصل ذات الله تعالى في جهة فوق ، لكان حاصلا في السماء ، وهذه الآية دالة على أن كل ما في السماوات فهو ملكه ، فلزم كونه ملكا لنفسه وهو محال ، فدلت هذه الآية على أنه منزه عن الحصول في جهة فوق.

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثالثة : احتج أصحابنا بهذه الآية على أنه تعالى خالق لأعمال العباد ؛ لأنه قال : ( له ما في السماوات وما في الأرض ) وأعمال العباد حاصلة في السماوات والأرض فوجب القول بأن أفعال العباد له بمعنى كونها مملوكة له ، والملك عبارة عن القدرة فوجب كونها مقدورة لله تعالى ، وإذا ثبت أنها مقدورة لله تعالى وجب وقوعها بقدرة الله تعالى ، وإلا لكان العبد قد منع الله تعالى من إيقاع مقدوره ، وذلك محال.

                                                                                                                                                                                                                                            واعلم أن قوله تعالى : ( له ما في السماوات وما في الأرض ) يفيد الحصر ، والمعنى أن ما في السماوات وما في الأرض له لا لغيره ، وذلك يدل على أنه لا مالك إلا الله ولا حاكم إلا الله ، ثم إنه تعالى لما ذكر ذلك عطف على الكفار بالوعيد ، فقال : ( وويل للكافرين من عذاب شديد ) والمعنى : أنهم لما تركوا عبادة الله تعالى الذي هو المالك للسماوات والأرض ولكل ما فيهما إلى عبادة ما لا يملك ضرا ولا نفعا ويخلق ولا يخلق ، ولا إدراك لها ولا فعل ، فالويل ثم الويل لمن كان كذلك ، وإنما خص هؤلاء بالويل ؛ لأن المعنى : يولولون من عذاب شديد ويصيحون منه ويقولون يا ويلاه. ونظيره قوله تعالى : ( دعوا هنالك ثبورا ) [الفرقان : 13] .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية