الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى في هذه الآية : " إلا لنعلم " يوهم أنه لم يكن عالما بمن يتبع الرسول [ ص: 216 ] ممن ينقلب على عقبيه ، مع أنه تعالى عالم بكل شيء قبل وقوعه ، فهو يعلم ما سيعمله الخلق ، كما دلت عليه آيات كثيرة كقوله : هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم [ 53 ] ، وقوله تعالى : ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون [ 23 \ 63 ] : والجواب عن هذا أن معنى قوله تعالى : " إلا لنعلم " أي علما يترتب عليه الثواب والعقاب ، فلا ينافي كونه عالما به قبل وقوعه ، وقد أشار تعالى إلى أنه لا يستفيد بالاختبار علما جديدا لأنه عالم بما سيكون حيث قال تعالى : وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور [ 3 \ 154 ] . فقوله : والله عليم بذات الصدور بعد قوله : " ليبتلي " : دليل على أنه لا يفيده الاختبار علما لم يكن يعلمه سبحانه وتعالى عن ذلك ، بل هو تعالى عالم بكل ما سيعمله خلقه وعالم بكل شيء قبل وقوعه ، كما لا خلاف فيه بين المسلمين : لا يعزب عنه مثقال ذرة الآية [ 34 \ 3 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية