الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 769 ] فمن اعتقد في بعض البله أو المولعين ، مع تركه لمتابعة الرسول في أقواله وأفعاله وأحواله - أنه من أولياء الله ، ويفضله على متبعي طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فهو ضال مبتدع ، مخطئ في اعتقاده . فإن ذاك الأبله ، إما أن يكون شيطانا زنديقا ، أو زوكاريا متحيلا ، أو مجنونا معذورا ! فكيف يفضل على من هو من أولياء الله ، المتبعين لرسوله ؟ ! أو يساوى به ؟ ! ولا يقال : يمكن أن يكون هذا متبعا في الباطن وإن كان تاركا للاتباع في الظاهر ؟ فإن هذا خطأ أيضا ، بل الواجب متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم ظاهرا وباطنا . قال يونس بن عبد الأعلى الصدفي : قلت للشافعي : إن صاحبنا الليث كان يقول : إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء فلا تعتبروا به حتى تعرضوا أمره على الكتاب والسنة ؟ فقال الشافعي : قصر الليث رحمه الله ، بل إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء ، ويطير في الهواء ، فلا تعتبروا به حتى تعرضوا أمره على الكتاب والسنة .

وأما ما يقوله بعض الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " اطلعت [ ص: 770 ] على الجنة فرأيت أكثر أهلها البله " فهذا لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا ينبغي نسبته إليه ، فإن الجنة إنما خلقت لأولي الألباب ، الذين أرشدتهم عقولهم وألبابهم إلى الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر . وقد ذكر الله أهل الجنة بأوصافهم في كتابه ، فلم يذكر في أوصافهم البله ، الذي هو ضعف العقل ، وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم : اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء . ولم يقل البله !

[ ص: 771 ] والطائفة الملامية ، وهم الذين يفعلون ما يلامون عليه ، ويقولون نحن متبعون في الباطن ، ويقصدون إخفاء المرائين ! ردوا باطلهم بباطل آخر ! ! والصراط المستقيم بين ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية