الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        5205 - وقال مالك : السنة فيمن سها ففعل ذلك في ركوعه وسجوده أن يرجع راكعا أو ساجدا ولا ينتظر الإمام ، وذلك ممن فعله خطأ ; لأن النبي - عليه السلام - قال : " إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فلا تختلفوا عليه " .

                                                                                                                        5206 - وقال أبو هريرة : الذي يرفع رأسه ويخفضه قبل الإمام فإنما [ ص: 306 ] ناصيته بيد شيطان .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        5207 - قال أبو عمر : ظاهر قول مالك هذا لا يوجب الإعادة على من فعله عامدا ; لقوله : وذلك خطأ ممن فعله ; لأن الساهي الإثم عنه موضوع .

                                                                                                                        5208 - وللعلماء فيمن تعمد ذلك قولان :

                                                                                                                        5209 - أحدهما : أن صلاته فاسدة إن فعل ذلك فيها كلها أو في أكثرها عامدا .

                                                                                                                        5210 - وهو قول أهل الظاهر ; لأنه فعل فعلا طابق النهي ، ففسد مع قوله - عليه السلام - : " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " ; يعني مردودا .

                                                                                                                        5211 - ومن تعمد خلاف إمامه عالما بأنه مأمور باتباعه منهي عن مخالفته لقوله - عليه السلام - : " إذا ركع فاركعوا ، وإذا رفع فارفعوا ; فإن الإمام يركع قبلكم ، ويرفع قبلكم " ، وقوله : " إنما جعل الإمام ليؤتم به ; فلا تختلفوا عليه " - فقد استخف بصلاته ، وخالف ما أمر به فواجب ألا تجزئ عنه صلاته تلك .

                                                                                                                        5212 - وذكر سنيد ، قال : قال ابن علية : عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي الورد الأنصاري ، قال : صليت إلى جنب ابن عمر ، فجعلت أرفع قبل الإمام وأضع قبله ، فلما سلم الإمام أخذ ابن عمر بيدي ، فلواني ، وجذبني ، فقلت : ما لك ؟ قال من [ ص: 307 ] أنت ؟ قلت : فلان بن فلان . قال : أنت من أهل بيت صدق ، فما منعك أن تصلي ؟ قلت : أو ما رأيتني إلى جنبك ؟ قال : قد رأيتك ترفع قبل الإمام ، وتضع قبله ، وإنه لا صلاة لمن خالف الإمام .

                                                                                                                        5213 - وقال الحسن بن حي : لا ينبغي لأحد صلى مع الإمام أن يسبق الإمام في ركوع ولا سجود ، فإن فعل ، فأدركه الإمام راكعا أو ساجدا ، ثم رفع الإمام ، ورفع برفعه من الركوع والسجود ، ووافقه في ذلك - أجزأه ، وإن ركع أو سجد قبل الإمام ، ثم رفع من ركوعه أو سجوده قبل أن يركع الإمام أو يسجد - لم يعتد بذلك ، ولم يجزه .

                                                                                                                        5214 - وقال أكثر الفقهاء : من فعل ذلك فقد أساء ، ولم تفسد صلاته ; لأن الأصل في صلاة الجماعة والائتمام فيها سنة حسنة ، فمن خالفها بعد أن أدى فرض صلاته بطهارتها وركوعها وسجودها وفرائضها - فليس عليه إعادتها ، وإن أسقط بعض سننها ; لأنه لو شاء أن ينفرد قبل إمامه تلك الصلاة أجزأت عنه ، وبئس ما فعل في تركه الجماعة .

                                                                                                                        5215 - قالوا : ومن دخل في صلاة الإمام فركع بركوعه وسجد بسجوده ، ولم يركع في ركعة وإمامه في أخرى - فقد اقتدى به ، وإن كان يرفع قبله ويخفض قبله ; لأنه يركع بركوعه ، ويسجد بسجوده ، ويرفع برفعه ، وهو في ذلك متبع له ، إلا أنه مسيء في ذلك بخلاف سنة المأموم المجتمع عليها .




                                                                                                                        الخدمات العلمية