الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية

                                                                                                                                                                                                                                      الشوكاني - محمد بن علي بن محمد الشوكاني

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون

                                                                                                                                                                                                                                      قوله وإذ منصوب بفعل مقدر معطوف على ما قبله : أي واسألهم إذ نتقنا الجبل : أي رفعنا الجبل فوقهم و " كأنه ظلة " أي كأنه لارتفاعه سحابة تظلهم ، والظلة : اسم لكل ما أظل ، وقرئ " طلة " بالطاء من أطل عليه إذا أشرف وظنوا أنه واقع بهم أي ساقط عليهم .

                                                                                                                                                                                                                                      قيل : الظن هنا بمعنى العلم ، وقيل : هو على بابه " خذوا ما آتيناكم بقوة " هو على تقدير القول : أي وقلنا لهم خذوا ، والقوة : الجد والعزيمة : أي أخذا كائنا بقوة واذكروا ما فيه من الأحكام التي شرعها الله لكم ، ولا تنسوه لعلكم تتقون رجاء أن تتقوا ما نهيتم عنه وتعملوا بما أمرتم به ، وقد تقدم تفسير ما هنا في البقرة مستوفى فلا نعده .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد أخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس ، في قوله : وإذ نتقنا الجبل يقول : رفعناه ، وهو قوله : ورفعنا فوقهم الطور ( النساء : 154 ) فقال : خذوا ما آتيناكم بقوة وإلا أرسلته عليكم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عنه في الآية قال : رفعته الملائكة فوق رؤوسهم ، فقيل : لهم : خذوا ما آتيناكم بقوة فكانوا إذا نظروا إلى الجبل قالوا : سمعنا وأطعنا ، وإذا نظروا إلى الكتاب قالوا : سمعنا وعصينا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عنه أيضا قال : إني لأعلم لم تسجد اليهود على حرف قال الله : وإذ نتقنا الجبل فوقهم قال : لتأخذن أمري أو لأرمينكم به ، فسجدوا وهم ينظرون إليه مخافة أن يسقط عليهم ، وكانت سجدة رضيها الله سبحانه فاتخذوها سنة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن قتادة ، وإذ نتقنا الجبل قال : انتزعه الله من أصله ، ثم جعله فوق رؤوسهم ، ثم قال : لتأخذن أمري أو لأرمينكم به .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية