الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله ومن رأى أحد الثوبين فاشتراهما ثم رأى الآخر فله ردهما ) لأن رؤية أحدهما لا تكون رؤية الآخر للتفاوت في الثياب فبقي الخيار فيما لم يره ثم لا يرده وحده كي لا يكون تفريقا للصفقة قبل [ ص: 36 ] التمام وهذا لأن الصفقة لا تتم مع خيار الرؤية قبل القبض وبعده ولهذا يتمكن من الرد بغير قضاء ولا رضا فيكون فسخا من الأصل وفي النهاية الصفقة العقد الذي تناهى في موجبه ولذا قال عمر رضي الله تعالى عنه البيع إما صفقة أو خيار أي إما يتناهى في اللزوم أو غير لازم بأن كان فيه خيار وورد النهي عن تفريق الصفقة وإنما قدم على حديث خيار الرؤية لأن حديث النهي محكم وحديث خيار الرؤية خص منه ما إذا تعيب أو أعتقه أو باعه أو لأنه محرم وذلك مبيح أو لكونه متأخرا لئلا يلزم تكرار النسخ ا هـ .

                                                                                        وتعقب الأول بأنه أيضا مخصوص بما قبل التمام وما أجاب به في العناية من أنه إنما قيد به بالقياس على ابتداء الصفقة غير دافع كما لا يخفى وفي المصباح الصفقة العقد وكان العرب إذا وجب البيع ضرب يده على يد صاحبه ا هـ .

                                                                                        والأولى ما في فتح القدير من أنا عملنا بالحديثين غاية الأمر أنا شرطنا أن يردهما جميعا عملا بحديث الصفقة جمعا بينهما .

                                                                                        والحاصل أنه ليس له رد البعض ، وإمساك البعض في خيار الرؤية والشرط قبل القبض وبعده لكونه تفريقا قبل التمام لكونه مانعا من التمام في الرؤية ومن الابتداء في الشرط وله ذلك في خيار العيب بعد القبض لتمامها والخيار مانع من اللزوم فقط لا قبله لكون القبض من تمامها وأما إذا استحق البعض فإن كان المبيع واحدا فله الخيار مطلقا قبل القبض وبعده وإن كان متعددا فإن كان قيميا وقبض البعض ولم يقبض البعض فاستحق البعض له الخيار لتفرقها قبل التمام ولو كان مثليا فاستحق بعضه فإن كان قبل القبض خير وإلا فلا واستفيد من كلام المؤلف أنه لو رآهما فرضي بأحدهما أنه لا يرد الآخر لما ذكرنا .

                                                                                        والحاصل أنه إذا استحق بعض المبيع فإن كان قبل قبض الكل أو البعض تخير مطلقا متعددا أو واحدا مثليا أو قيميا وإن كان بعد قبض جميعه فلا خيار في الكل إلا في قيمي واحد استحق بعضه فإنه يتخير وفي خيار العيب إذا اطلع على عيب بالبعض فإن كان بعد القبض رد المعيب وحده إلا في قيمي واحد فيرد الكل وإن كان قبله يرد الكل وفي خيار الشرط والرؤية لا يرد إلا الكل قبل القبض وبعده .

                                                                                        ( تنبيه ) وقع في الهداية أن الصفقة لا تتم مع خيار الرؤية قبل القبض وبعده فحمله بعض الشارحين على ما إذا قبضه مستورا أما إذا قبضه مكشوفا بطل خياره ورده في المعراج بأن الخيار يبقى إلى أن يوجد ما يبطله وأقره في البناية عليه .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله ورده في المعراج إلخ ) مخالف لما قدمه المؤلف من قوله والقبض أو نقد الثمن بعد الرؤية مسقط له ا هـ .

                                                                                        ومثله في فتح القدير وجامع الفصولين .




                                                                                        الخدمات العلمية