[ ص: 95 ] nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=28nindex.php?page=treesubj&link=29013_31763وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد
عطف على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=27ولكن ينزل بقدر ما يشاء فإن الغيث سبب رزق عظيم وهو ما ينزله الله بقدر هو أعلم به ، وفيه تذكير بهذه النعمة العظيمة على الناس التي منها معظم رزقهم الحقيقي لهم ولأنعامهم .
وخصها بالذكر دون غيرها من النعم الدنيوية لأنها نعمة لا يختلف الناس فيها لأنها أصل دوام الحياة بإيجاد الغذاء الصالح للناس والدواب ، وبهذا يظهر وقع قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=29ومن آياته خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة عقب قوله هنا
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=28وهو الذي ينزل الغيث .
واختيار المضارع في ( ينزل ) لإفادة تكرر التنزيل وتجديده .
والتعبير بالماضي في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=28من بعد ما قنطوا للإشارة إلى حصول القنوط وتقرره بمضي زمان عليه .
والغيث : المطر الآتي بعد الجفاف ، سمي غيثا بالمصدر لأن به غيث الناس المضطرين ، وتقدم عند قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=49فيه يغاث الناس في سورة يوسف .
والقنوط : اليأس ، وتقدم عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=55فلا تكن من القانطين في سورة الحجر . والمراد : من بعد ما قنطوا من الغيث بانقطاع أمارات الغيث المعتادة وضيق الوقت عن الزرع .
وصيغة القصر في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=28وهو الذي ينزل الغيث تفيد قصر القلب لأن في السامعين مشركين يظنون نزول الغيث من تصرف الكواكب وفيهم المسلمون الغافلون ، نزلوا منزلة من يظن نزول الغيث منوطا بالأسباب المعتادة لنزول الغيث لأنهم كانوا في الجاهلية يعتقدون أن المطر من تصرف أنواء الكواكب .
وفي حديث
زيد بن خالد الجهني قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002336خطبنا رسول الله على إثر سماء كانت من الليل فقال : أتدرون ماذا قال ربكم ؟ قال ، قال : أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بي : فأما من قال : مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر [ ص: 96 ] بالكوكب ، وأما من قال : مطرنا بنوء كذا ونوء كذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب .
فهذا القصر بالنسبة للمشركين قصر قلب أصلي وهو بالنسبة للمسلمين قصر قلب تنزيلي .
والنشر : ضد الطي ، وتقدم عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=13يلقاه منشورا في سورة الإسراء .
واستعير هنا للتوسيع والامتداد . والرحمة هنا : رحمته بالماء ، وقيل : بالشمس بعد المطر . وضمير
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=28من بعد ما قنطوا عائد إلى ( عباده ) من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=25وهو الذي يقبل التوبة عن عباده .
وقد قيل :
إن الآية نزلت بسبب رفع القحط عن قريش بدعوة النبيء صلى الله عليه وسلم لهم بذلك بعد أن دام عليهم القحط سبع سنين أكلوا فيها الجيف والعظام وهو المشار إليه بقوله في سورة الدخان nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=15إنا كاشفو العذاب قليلا إنكم عائدون .
في الصحيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دعا
قريشا كذبوه واستعصوا عليه فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002338اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف . فأتاه أبو سفيان فقال : يا محمد إن قومك قد هلكوا فادع الله أن يكشف عنهم فدعا . ثم قال : تعودون بعد . وقد كان هذا في
المدينة ويؤيده ما روي أن هذه الآية نزلت في
استسقاء النبيء صلى الله عليه وسلم لما سأله الأعرابي وهو في خطبة الجمعة .
وفي رواية أن الذي كلمه هو
كعب بن مرة وفي بعض الروايات في الصحيح أن النبيء صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002340اللهم عليك بقريش اللهم اشدد وطأتك على مضر اللهم اجعلها عليهم سنين كسنين يوسف .
وقرأ
نافع وابن عامر وعاصم وأبو جعفر ( ينزل ) بفتح النون وتشديد الزاي . وقرأه الباقون بسكون النون وتخفيف الزاي .
وذكر صفتي
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=28الولي الحميد دون غيرهما لمناسبتهما للإغاثة لأن الولي يحسن إلى مواليه والحميد يعطي ما يحمد عليه . ووصف ( حميد ) فعيل بمعنى مفعول .
وذكر
المهدوي تفسير ينشر رحمته بطلوع الشمس بعد المطر .
[ ص: 95 ] nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=28nindex.php?page=treesubj&link=29013_31763وَهْوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهْوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ
عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=27وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ فَإِنَّ الْغَيْثَ سَبَبُ رِزْقٍ عَظِيمٍ وَهُوَ مَا يُنَزِّلُهُ اللَّهُ بِقَدَرٍ هُوَ أَعْلَمُ بِهِ ، وَفِيهِ تَذْكِيرٌ بِهَذِهِ النِّعْمَةِ الْعَظِيمَةِ عَلَى النَّاسِ الَّتِي مِنْهَا مُعْظَمُ رِزْقِهِمُ الْحَقِيقِيِّ لَهُمْ وَلِأَنْعَامِهِمْ .
وَخَصَّهَا بِالذِّكْرِ دُونَ غَيْرِهَا مِنَ النِّعَمِ الدُّنْيَوِيَّةِ لِأَنَّهَا نِعْمَةٌ لَا يَخْتَلِفُ النَّاسُ فِيهَا لِأَنَّهَا أَصْلُ دَوَامِ الْحَيَاةِ بِإِيجَادِ الْغِذَاءِ الصَّالِحِ لِلنَّاسِ وَالدَّوَابِّ ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ وَقْعُ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=29وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ عَقِبَ قَوْلِهِ هُنَا
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=28وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ .
وَاخْتِيَارُ الْمُضَارِعِ فِي ( يُنَزِّلُ ) لِإِفَادَةِ تَكَرُّرِ التَّنْزِيلِ وَتَجْدِيدِهِ .
وَالتَّعْبِيرُ بِالْمَاضِي فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=28مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا لِلْإِشَارَةِ إِلَى حُصُولِ الْقُنُوطِ وَتَقَرُّرِهِ بِمُضِيِّ زَمَانٍ عَلَيْهِ .
وَالْغَيْثُ : الْمَطَرُ الْآتِي بَعْدَ الْجَفَافِ ، سُمِّيَ غَيْثًا بِالْمَصْدَرِ لِأَنَّ بِهِ غَيْثَ النَّاسِ الْمُضْطَرِّينَ ، وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=49فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ فِي سُورَةِ يُوسُفَ .
وَالْقُنُوطُ : الْيَأْسُ ، وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=55فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ فِي سُورَةِ الْحِجْرِ . وَالْمُرَادُ : مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا مِنَ الْغَيْثِ بِانْقِطَاعِ أَمَارَاتِ الْغَيْثِ الْمُعْتَادَةِ وَضِيقِ الْوَقْتِ عَنِ الزَّرْعِ .
وَصِيغَةُ الْقَصْرِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=28وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ تُفِيدُ قَصْرَ الْقَلْبِ لِأَنَّ فِي السَّامِعِينَ مُشْرِكِينَ يَظُنُّونَ نُزُولَ الْغَيْثِ مِنْ تَصَرُّفِ الْكَوَاكِبِ وَفِيهِمُ الْمُسْلِمُونَ الْغَافِلُونَ ، نُزِّلُوا مَنْزِلَةَ مَنْ يَظُنُّ نُزُولَ الْغَيْثِ مَنُوطًا بِالْأَسْبَابِ الْمُعْتَادَةِ لِنُزُولِ الْغَيْثِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الْمَطَرَ مِنْ تَصَرُّفِ أَنْوَاءِ الْكَوَاكِبِ .
وَفِي حَدِيثِ
زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002336خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ عَلَى إِثْرَ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ : أَتَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ قَالَ ، قَالَ : أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِي : فَأَمَّا مَنْ قَالَ : مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ [ ص: 96 ] بِالْكَوْكَبِ ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ : مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَنَوْءِ كَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ .
فَهَذَا الْقَصْرُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُشْرِكِينَ قَصْرُ قَلْبٍ أَصْلِيٌّ وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْلِمِينَ قَصْرُ قَلْبٍ تَنْزِيلِيٌّ .
وَالنَّشْرُ : ضِدُّ الطَّيِّ ، وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=13يَلْقَاهُ مَنْشُورًا فِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ .
وَاسْتُعِيرَ هُنَا لِلتَّوْسِيعِ وَالِامْتِدَادِ . وَالرَّحْمَةُ هُنَا : رَحْمَتُهُ بِالْمَاءِ ، وَقِيلَ : بِالشَّمْسِ بَعْدَ الْمَطَرِ . وَضَمِيرُ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=28مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا عَائِدٌ إِلَى ( عِبَادِهِ ) مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=25وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ .
وَقَدْ قِيلَ :
إِنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ بِسَبَبِ رَفْعِ الْقَحْطِ عَنْ قُرَيْشٍ بِدَعْوَةِ النَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ بِذَلِكَ بَعْدَ أَنْ دَامَ عَلَيْهِمُ الْقَحْطُ سَبْعَ سِنِينَ أَكَلُوا فِيهَا الْجِيَفَ وَالْعِظَامَ وَهُوَ الْمُشَارُ إِلَيْهِ بَقَوْلِهِ فِي سُورَةِ الدُّخَانِ nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=15إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ .
فِي الصَّحِيحِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دَعَا
قُرَيْشًا كَذَّبُوهُ وَاسْتَعْصَوْا عَلَيْهِ فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002338اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ . فَأَتَاهُ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَكْشِفَ عَنْهُمْ فَدَعَا . ثُمَّ قَالَ : تَعُودُونَ بَعْدُ . وَقَدْ كَانَ هَذَا فِي
الْمَدِينَةِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا رُوِيَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي
اسْتِسْقَاءِ النَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا سَأَلَهُ الْأَعْرَابِيُّ وَهُوَ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ .
وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ الَّذِي كَلَّمَهُ هُوَ
كَعْبُ بْنُ مُرَّةَ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002340اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِينَ يُوسُفَ .
وَقَرَأَ
نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ وَأَبُو جَعْفَرٍ ( يُنَزِّلُ ) بِفَتْحِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ . وَقَرَأَهُ الْبَاقُونَ بِسُكُونِ النُّونِ وَتَخْفِيفِ الزَّايِ .
وَذِكْرُ صِفَتَيِ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=28الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ دُونَ غَيْرِهِمَا لِمُنَاسَبَتِهِمَا لِلْإِغَاثَةِ لِأَنَّ الْوَلِيَّ يُحْسِنُ إِلَى مَوَالِيهِ وَالْحَمِيدَ يُعْطِي مَا يُحْمَدُ عَلَيْهِ . وَوَصْفُ ( حَمِيدٍ ) فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ .
وَذَكَرَ
الْمَهْدَوِيُّ تَفْسِيرَ يَنْشُرُ رَحْمَتَهُ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ بَعْدَ الْمَطَرِ .