الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              3829 (16) باب الأكل مع المحتاج بالإيثار

                                                                                              [ 1941 ] عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني مجهود، فأرسل إلى بعض نسائه فقالت: والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء، ثم أرسل إلى أخرى فقالت مثل ذلك، حتى قلن كلهن مثل ذلك: لا والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء، فقال: من يضيف هذا الليلة رحمه الله. فقام رجل من الأنصار في رواية: يقال له أبو طلحة، فقال: أنا يا رسول الله، فانطلق به إلى رحله.

                                                                                              فقال لامرأته: هل عندك شيء؟ قالت: لا، إلا قوت صبياني، قال: علليهم بشيء، فإذا دخل ضيفنا فأطفئي السراج، وأريه أنا نأكل، فإذا أهوى ليأكل فقومي إلى السراج حتى تطفئيه، قال: فقعدوا وأكل الضيف، فلما أصبح غدا على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: قد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة.


                                                                                              وفي رواية: فنزلت: ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة .

                                                                                              البخاري (3798) ومسلم (2054) (172 و 173) وأبو داود (3748) والترمذي (1967) وابن ماجه (3675). [ ص: 330 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 330 ] (16 و 17 و 18 و 19) ومن باب الأكل مع المحتاج بالإيثار

                                                                                              (قول الرجل: إني مجهود ) أي: قد أصبنا بجهد. وهو هنا: المشقة والجوع.

                                                                                              و(قول أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -: ليس عندنا إلا ماء ) يدل على شدة حالهم، وضيق عيشهم، وكان هذا - والله أعلم - في أول الأمر، وأما بعد ذلك لما فتحت خيبر فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحبس لأهله قوت سنتهم، ويحتمل أن يكون بعد ذلك، وأن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - كن يتصدقن بما كان عندهن، ويؤثرن غيرهن بذلك ويبقين على ما يفتح [ ص: 331 ] الله تعالى، ولا يطلبن من النبي - صلى الله عليه وسلم - لسقوط ذلك عنه بالذي دفع لهن.

                                                                                              و(قوله: عجب الله من صنيعكما بضيفكما ) أي: رضي بذلك، وعظمه عند ملائكته، كما يباهي بأهل عرفة الملائكة. وهذا الحديث يدل على فضل أبي طلحة وأهل بيته - رضي الله عنهم - وأنهم المعنيون بقوله تعالى: ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة و(الخصاصة): الجوع والفاقة.




                                                                                              الخدمات العلمية