الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        1767 حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام بن يوسف أن ابن جريج أخبرهم قال أخبرني سعيد بن أبي أيوب أن يزيد بن أبي حبيب أخبره أن أبا الخير حدثه عن عقبة بن عامر قال نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله وأمرتني أن أستفتي لها النبي صلى الله عليه وسلم فاستفتيته فقال صلى الله عليه وسلم لتمش ولتركب قال وكان أبو الخير لا يفارق عقبة قال أبو عبد الله حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن يحيى بن أيوب عن يزيد عن أبي الخير عن عقبة فذكر الحديث

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن عقبة بن عامر ) هو الجهني كذا وقع عند أحمد ومسلم وغيرهما في هذا الحديث من هذا الوجه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( نذرت أختي ) قال المنذري وابن القسطلاني والقطب الحلبي ومن تبعهم : هي أم حبان بنت عامر ، وهي بكسر المهملة وتشديد الموحدة ، ونسبوا ذلك لابن ماكولا فوهموا ، فإن ابن ماكولا إنما نقله عن ابن سعد ، وابن سعد إنما ذكر في طبقات النساء أم حبان بنت عامر بن نابي - بنون وموحدة - ابن زيد بن حرام - بمهملتين - الأنصارية ، قال : وهي أخت عقبة بن عامر بن نابي ، شهد بدرا ، وهي زوج حرام بن محيصة ، وكان ذكر قبل عقبة بن عامر بن نابي الأنصاري وأنه شهد بدرا ولا رواية له ، وهذا كله مغاير للجهني ، فإن له رواية كثيرة ولم يشهد بدرا وليس أنصاريا ، فعلى هذا لم يعرف اسم أخت عقبة بن عامر الجهني ، وقد كنت تبعت في المقدمة من ذكرت ثم رجعت الآن عن ذلك وبالله التوفيق .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أن تمشي إلى بيت الله ) زاد مسلم من طريق عبد الله بن عياش - بالياء التحتانية والمعجمة - عن يزيد : " حافية " ، ولأحمد وأصحاب السنن من طريق عبد الله بن مالك عن عقبة بن عامر الجهني : " أن أخته نذرت أن تمشي حافية غير مختمرة " ، وزاد الطبري من طريق إسحاق بن سالم عن عقبة بن عامر : " وهي امرأة ثقيلة ، والمشي يشق عليها " ، ولأبي داود من طريق قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : " أن عقبة بن عامر سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إن أخته نذرت أن تمشي إلى البيت ، وشكا إليه ضعفها " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فقال - صلى الله عليه وسلم - : لتمش ولتركب ) في رواية عبد الله بن مالك : مرها فلتختمر ولتركب ولتصم ثلاثة أيام . وروى مسلم عقب هذا الحديث حديث عبد الرحمن بن شماسة وهو بكسر المعجمة وتخفيف الميم بعدها مهملة ، عن أبي الخير عن عقبة بن عامر رفعه : كفارة النذر كفارة اليمين ولعله مختصر من هذا الحديث ، فإن الأمر بصيام ثلاثة أيام هو أحد أوجه كفارة اليمين ، لكن وقع في رواية عكرمة المذكورة : قال : " فلتركب ولتهد بدنة " . وسيأتي البحث في ذلك في كتاب النذر ، إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 96 ] قوله : ( قال : وكان أبو الخير لا يفارق عقبة ) هو يقول يزيد بن أبي حبيب الراوي ، عن أبي الخير ، والمراد بذلك بيان سماع أبي الخير له من عقبة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال أبو عبد الله ) هو المصنف .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن ابن جريج ، عن يحيى بن أيوب ) كذا رواه أبو عاصم ، ووافقه روح بن عبادة عند مسلم والإسماعيلي جعلا شيخ ابن جريج في هذا الحديث هو يحيى بن أيوب ، وخالفهما هشام بن يوسف فجعل شيخ ابن جريج فيه سعيد بن أبي أيوب ، ورجح الأول الإسماعيلي لاتفاق أبي عاصم وروح على خلاف ما قال هشام ، لكن يعكر عليه أن عبد الرزاق وافق هشاما وهو عند أحمد ومسلم ، ووافقهما محمد بن بكر ، عن ابن جريج وحجاج بن محمد عند النسائي ، فهؤلاء أربعة حفاظ رووه عن ابن جريج ، عن سعيد بن أبي أيوب ، فإن كان الترجيح هنا بالأكثرية فروايتهم أولى . والذي ظهر لي من صنيع صاحبي " الصحيح " أن لابن جريج فيه شيخين ، وقد عبر مغلطاي وتبعه الشيخ سراج الدين عن كلام الإسماعيلي ما لا يفهم منه المراد ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                        ( خاتمة ) : اشتملت أبواب المحصر وجزاء الصيد وما مع ذلك إلى هنا على أحد وستين حديثا ، المعلق منها ثلاثة عشر حديثا والبقية موصولة ، المكرر منها فيه وفيما مضى ثمانية وثلاثون حديثا ، والخالص ثلاثة وعشرون ، وافقه مسلم على تخريجها سوى حديث ابن عمر في النقاب والقفاز موقوفا ومرفوعا ، وحديث ابن عباس " احتجم وهو محرم " ، وحديثه في التي نذرت أن تحج عن أمها ، وحديث السائب بن يزيد أنه حج به ، وحديث جابر " عمرة في رمضان " . وفيه من الآثار عن الصحابة والتابعين اثنا عشر أثرا ، والله المستعان .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية