الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                ولله ما في السماوات وما في الأرض ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله غنيا حميدا ولله ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديرا

                                                                                                                                                                                                من قبلكم : متعلق بـ “ وصينا" ، أو بـ “ أوتوا" وإياكم : عطف على "الذين أوتوا" الكتاب : اسم للجنس يتناول الكتب السماوية أن اتقوا : بأن اتقوا ، وتكون أن المفسرة ، لأن التوصية في معنى القول . وقوله : وإن تكفروا فإن لله عطف على "اتقوا" لأن المعنى : أمرناهم وأمرناكم بالتقوى ، وقلنا لهم ولكم : إن تكفروا فإن لله ، والمعنى : إن لله الخلق كله وهو خالقهم ومالكهم والمنعم عليهم بأصناف النعم كلها ، فحقه أن يكون مطاعا في خلقه غير معصي . يتقون عقابه ويرجون ثوابه "ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب" [ ص: 161 ] من الأمم السالفة ووصيناكم أن اتقوا الله ، يعني أنها وصية قديمة ما زال يوصي الله بها عباده ، لستم بها مخصوصين ، لأنهم بالتقوى يسعدون عنده ، وبها ينالون النجاة في العاقبة ، وقلنا لهم ولكم : وإن تكفروا فإن لله في سمواته وأرضه من الملائكة والثقلين من يوحده ويعبده ويتقيه وكان الله مع ذلك غنيا عن خلقه وعن عبادتهم جميعها ، مستحقا لأن يحمد لكثرة نعمه وإن لم يحمده أحد منهم وتكرير قوله : لله ما في السماوات وما في الأرض تقرير لما هو موجب تقواه ليتقوه فيطيعوه ولا يعصوه ، لأن الخشية والتقوى أصل الخير كله إن يشأ يذهبكم : يفنكم ويعدمكم كما أوجدكم وأنشأكم ويأت بآخرين ويوجد إنسا آخرين مكانكم أو خلقا آخرين غير الإنس وكان الله على ذلك من الإعدام والإيجاد قديرا بليغ القدرة لا يمتنع عليه شيء أراده وهذا غضب عليهم وتخويف وبيان لاقتداره ، وقيل : هو خطاب لمن كان يعادي رسول الله صلى الله عليه وسلم من العرب . أي : إن يشأ يمتكم ويأت بأناس آخرين يوالونه ، ويروى : أنها لما نزلت ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده على ظهر سلمان وقال : "إنهم قوم هذا" يريد أبناء فارس .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية